ثقافة وفن

في ذكرى العدوان

| د. اسكندر لوقا 

في عام 1945 وبالتحديد في اليوم التاسع والعشرين من شهر أيار، يذكر جيلنا تلك الأمسية الرهيبة التي عاشتها دمشق والمدن السورية الأخرى.
في تلك الليلة، الكبار منا اليوم كانوا صغارا. وكانت أصوات الانفجارات تهزّ قلوبهم فترتعش كأجنحة عصافير من شدة البرد.
في تلك الليلة ضربت دمشق بالقنابل المحرقة جراء وقوفها ضد الاحتلال الفرنسي ومطالبة سكانها بالاستقلال وبالتخلص من التبعية للمحتل الأجنبي. ومع هذا لم يكن ذلك لينفع المحتل الفرنسي بشيء، فكان اليوم التالي للعدوان يوماً جديداً من أيام النضال وصولا إلى يوم الاستقلال والتحرر.
وفي هذا السياق يذكر أن رئيس وزراء بريطانيا آنذاك ونستون تشرشل اتخذ قراراً باسم الحكومة البريطانية بالتدخل لوقف العدوان الفرنسي على سورية وبلغ به رئيس الجمهورية في تلك الحقبة شكري القوتلي، يوم استقبل الجنرال باغيت القائد العام للجيوش البريطانية في الشرق الأوسط، بحضور كل من المستر آلن شو والجنرال بيلون قائد سلاح الجو البريطاني.
ومعروف أن الاحتلال الفرنسي لسورية دام ربع قرن من الزمان، وكانت بداية هذا الاحتلال من تاريخ توقيع اتفاقية الهدنة في سنة 1918 بين الحلفاء والدولة العثمانية على ظهر الدارعة البريطانية آغا ممنون في ميناء موردوس في بحر إيجه. وكما هو معروف أيضاً أن الفقرة السادسة من الاتفاقية المذكورة قضت باستسلام جميع الحاميات العثمانية لقادة الحلفاء في كل من سورية ولبنان وفلسطين والعراق والحجاز وعسير واليمن.
اليوم التاسع والعشرون من شهر أيار 1945 يبقى شاهدا على عنجهية المستعمر الفرنسي في بلادنا، كما يبقى شاهدا على انهيار أعصابه في نهاية المطاف وتكبده الخسائر الفادحة على أيدي ثوار سورية على مدى سنوات طويلة منذ تاريخ الاحتلال في عام 1920 حتى اندحاره في عام 1945 أمام مقاومة أطياف شعبنا في ساحات المواجهة مع الفرنسيين الغزاة.
وفي هذا اليوم تتنامى في ذاكرة أجيالنا صور المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي بحق شعبنا كما تتنامى فيها صور البطولات التي جسدها على أرض الوطن شهداؤنا حتى يوم الاستقلال، وإن أحدنا لا يملك سوى رفع القبعة تقديرا وتمجيدا مستداما لذكراهم اليوم وفي كل يوم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن