الأولى

تجفيف منابع الإرهاب

| تيري ميسان 

منذ وصوله إلى البيت الأبيض، والرئيس الأميركي دونالد ترامب يكافح: أولاً، الإدارة الخاصة به التي صوت 98 بالمئة من كبار المسؤولين فيها لمصلحة هيلاري كلينتون، وثانيا، ضد الحكومات الحليفة لسلفه.
في القمة التي انعقدت يوم 21 أيار الجاري في الرياض مع الدول العربية والإسلامية، دعا ترامب محاوريه بشكل عام، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، لوقف جميع الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين، وكل الروابط مع الإرهاب الإسلامي، وإذ يدرك أنه طلب من الملك سلمان آل سعود أن يحرم نفسه من الجيش الرئيسي التابع له، فقد عوضه بترسانة من السلاح بقيمة 110 مليارات من الدولارات.
وعلى الرغم من حفاوة الملك الودودة وحاشيته، فقد أصدرت المملكة العربية السعودية في نهاية القمة بيانا، من دون أن تعرضه على المشاركين الآخرين، ويمكن قراءة هذه الوثيقة كإعلان عن تشكيل «تحالف إسلامي عسكري» جاء توسيعا لـ«القوة العربية المشتركة» التي شهدنا عملها في اليمن، كما يمكن أيضاً أن يستخدم لاحقا لتبرير أي احتلال سعودي لمناطق في سورية والعراق وغيرهما، إثر تحريرها من داعش.
في قمة حلف شمال الأطلسي يوم 25 أيار الجاري في بروكسل، أجبر ترامب، حلفاءه على الوقوف أمام ذكرى خراب جدار برلين، وبرجي مركز التجارة العالمي في آن واحد، وناشدهم بأن يقبلوا، بمقتضى المادة 5 من المعاهدة، مبدأ مكافحة الإرهاب عقب هجمات 11 أيلول، وأجبرهم على إعادة توجيه أهداف التحالف.
من المؤكد أن هذا التحالف سيحافظ على وظيفته الأساسية في مناهضة روسيا، لكنه سيلتزم من الآن فصاعدا في القضاء على الجهاديين الذين كان ينسق عملهم حتى الآن، من قاعدته في أزمير بتركيا.
إضافة إلى ذلك، أرغمهم على تبادل المعلومات المتعلقة بالمنظمات الإرهابية في نطاق خلية تنسيق استخباراتية.
وفي قمة الكبار «جي7» يوم 26 أيار في تاورمينا، انتزع ترامب من حلفائه بياناً «ضد الإرهاب والتطرف العنيف».
في الواقع، لم يلتزم شركاؤه معه، لولا رغبتهم في منع تدفق مناطق الإرهاب الذي نظموه ومولوه، نحو الغرب.
على أي حال، يمكننا القول إن «جي7» قد بدأ فعلا بتجفيف، ليس فقط تمويل الإرهاب، بل التطرف العنيف أيضا، أي الإخوان المسلمين، الرحم الأساسي للإرهاب العالمي.
لم يكن هذا البيان ممكنا بهذه الصيغة لولا هجوم مانشستر الذي ارتكبه في 22 أيار الجاري، نجل عميل مزدوج للمخابرات البريطانية «إم آي 6»، وعضو سابق في أجهزة أمن معمر القذافي، وتنظيم القاعدة في آن واحد.
من المؤكد أيضاً أن البريطانيين ليسوا على استعداد لحرمان أنفسهم من الإخوان المسلمين، ولكن هناك إمكانية، على ما يبدو خلافا للبريطانيين، أن تباشر كل من فرنسا وألمانيا، بعمليات تنظيف داخل أجهزة استخباراتهما، وهذا ما سيستغرق وقتا، وهو أمر لم ينجح ترامب بتحقيقه داخل إدارته حتى الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن