من دفتر الوطن

أفكار شائعة..!!

| عبد الفتاح العوض

هذا الموضوع يبدو متشعباً لكنه ينطلق وينتهي إلى نقطة رئيسية هي في معظم الأحيان، وراء معظم ما نحن فيه، ببساطة متناهية… العقل العربي لم يصل إلى مرحلة احترام «الآخر»..
وكنتيجة لم يحترمه «الآخر» وأصبح على عداء مع نفسه ومع العالم.
هذا العنوان العريض والقابل للاختلاف بطريقة متشابكة يتمثل في سلوك عام سلكه الجميع، لكن هنا أناقش سلوك فئة من المفترض أن تكون خارج هذا الصندوق و تتصرف بطريقة مغايرة..
أتحدث عن «العلمانيين»… لا أتحدث عن داعش ولا عن النصرة.. ولا عن كل أفكار الإسلام السياسي، كما أني لا أذهب إلى سلوك أحزاب السلطة التي- من الناحية العملية- كانت مجرد كراسي حكم وليس كراسي فكر.
ماذا فعل «العلمانيون» العرب، وكيف كان سلوكهم في المجتمع؟ وهل لديهم أثر يذكر؟!
قائمة الأسئلة كثيرة..
ومع تأكيد أن المقصود بالعلمانية هنا هو مبدأ فصل الدولة عن الدين.
ما حصل عليه العلمانيون بعد كل الفترات الذهبية التي عاشوها في كنف دول تشجع على العلمانية أن صورة العلماني في العالم العربي هي «الملحد».
العلمانيون سيطروا على وسائل الإعلام وعلى منابر الثقافة وكذلك على الاقتراب من السلطة، وتم تسويق كثير منهم على أنهم النخبة والمعارضة أحياناً ونالوا امتيازات السلطة وشرف المثقف المعارض.. ثم يأتي شيخ جامع ليفوز عليهم بخطبة جمعة.
العلماني ليس ملحداً من حيث المبدأ لأنه ليس ضد «الدين» بل هو ضد الدولة «الدينية»، لكن لماذا وكيف أصبحت الصورة النمطية للعلماني أنه «الملحد»؟
خلال هذه الفترة.. تابعت كثيراً من أدبيات «العلمانيين» وكثر منهم أصدقاء أعرف عنهم سعة الفكر وكل الخير، لكن اللغة التي يستخدمونها هي لغة شخص يريد أن يقول إنه «علماني» فإذا به يقول أنا «ملحد»!
ولو كان الأمر فكراً يتنباه فليس في ذلك شيء فالله يقول لرسوله «ليس عليك هداهم».. لكن في اللغة المستخدمة عدم احترام لآراء غيره ومعتقداته ومقدساته.
وأولى ثمرات الخطاب العلماني بهذه الصورة هي «الهوة» التي تفصل بين المثقفين والمجتمع، ولهذا ليس لهم دور في التأثير في مجتمعاتهم.
ولعل من الأمثلة الجارحة تلك التي تحدث فيها يوسف زيدان عن صلاح الدين الأيوبي، وهناك الآن موجات من الإساءات تحت هذا العنوان.. إن نقد الماضي وتنقية التاريخ لا يتمان من خلال الهدم والشتم.
لاشك أن خطاب الإسلام السياسي شوّه العلمانيين وأساء إليهم لكن في الوقت ذاته فإن الخطاب العلماني أيضاً ساهم في خلق صورة سلبية عنه.. فقد بدا هذا الخطاب «متطرفاً» و«إقصائياً».. كما أنه لا يحترم آراء الآخرين ولا معتقداتهم.
ثمة مقولة معروفة.. نفي الأيدولوجيا هو أيديولوجيا… الخطاب العلماني الذي لا يحترم الآخر يشابه تماماً الخطاب المتطرف.
فالعلمانيون بذلك أساؤوا ليس للعلمانيين فقط بل لمفهوم العلمانية. بقي أن أقول أنا أحد الذين يعتقدون بالعلمانية التي تعني الدولة المدنية.
فأخشى ما أخشاه.. أننا كنا دولاً علمانية وشعوباً دينية.. قد نصبح دولاً دينية وشعوباً شبه علمانية!!
أقوال:
• « لو خيروا العرب بين دولتين علمانية ودينية لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية».
• أمر جيد أن يصرف الناس الطيبون كل هذا الوقت لمحاربة الشيطان، ولكنهم لو صرفوا المجهود نفسه في محبة بعضهم لبعضهم الآخر لــ«مات الشيطان من الملل».
• «إن أكثر الشعوب تحريماً لشيء هي أكثر الشعوب هوساً به».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن