رياضة

ماذا بعد دورة التضامن الإسلامي؟ … مشاركة باهتة.. مستوى مفقود والمحاسبة ممنوعة

| نورس النجار

دورة التضامن الإسلامي التي انتهت فعاليتها قبل فترة قصيرة كانت المحك الرياضي الحقيقي لرياضتنا، وخصوصاً أن مستوى هذه البطولة يعادل مستوى رياضتنا أو أقل بقليل، لكن كيف كان الحصاد؟ فهل حصاد رياضتنا كان في هذه المشاركة الآسيوية جيداً، أم إننا أخفقنا مثل كل مرة، ولم نحقق إلا ما يجود عليه بعض لاعبينا من الطفرات والموهوبين؟

مستويات
في المحصلة الأولى، فإن ما حققناه من نتائج كان عبر لاعبينا الأولمبيين المعروفين بمستواهم الذي ينافس لاعبي الصف الأول في آسيا، لذلك فإن هؤلاء تألقوا وحققوا المطلوب لعدم وجود منافس لهم، ومعروف أن دورة التضامن الإسلامي، وإن كانت على مستوى آسيا، إلا أن المشاركين فيها من النخب الثاني أو الثالث في آسيا، وهي دورة تشارك بها الدولة القوية بفرق ناشئة ورديفها لتعلمها وتكسبها الصقل والخبرة، كما تشارك بها دول الصف الثاني رياضياً لتحتك وتتعلم من هذه المشاركة.

نتائج متوسطة
النتائج التي حققتها رياضتنا في هذه البطولة كانت منوعة، فبعضها جيد، وهو محصور باللاعبين المتفرعين للرياضة الذين يخوضون تدريبات متنوعة داخل القطر ويقيمون معسكرات خارجية دائمة كمجد الدين غزال أو السباحة بيان جمعة، أو السباح المغترب أزادي المصري، أما بقية النتائج فلم تكن ذات بال، فلاعبونا في بقية الألعاب عادوا من حيث بدؤوا أللهم باستثناء نتائج هنا وهناك كذهبية الملاكمة اليتيمة، ولم يحققوا أي شيء، سوى السياحة والسفر، والاطلاع على المنشآت الرياضية التي تنعم بها باكو عاصمة أذربيجان.

مكانك راوح
المراوحة في المكان تشير إلى أن رياضتنا لم تتقدم أي خطوة نحو الأمام، على عكس الدول الكثيرة التي دخلت ساحة المنافسة الرياضية بقوة في الكثير من الألعاب الرياضية.
والمشكلة عندنا تبدو في الخريطة الرياضية التي لا نعرف ماذا نفعل بها، فلدينا ألعاب رياضية متعددة وهي مهملة سواء من القيادة الرياضية أم من القائمين على اللعبة بالذات، وإن لم تكن مهملة عمداً أو عن غير عمد فليس لدينا القدرة على رعايتها، ورغم أن قيادتنا الرياضية تترك هذه الرعاية للأندية بالدرجة الأولى، إلا أنها ألغت مفهوم التخصص الرياضي، ومعه ألغت المحاسبة الذاتية وغير الذاتية، فصارت الألعاب الرياضية، ألعاباً عشوائية، تسير على غير هدى، والمنظور المهم الذي يضبط سير هذه الأعمال هو الفائدة الشخصية المرجوة من وجود هذه الألعاب.

أسماء
المصارعة والملاكمة والتنس وألعاب كرات الريشة الطائرة والطائرة واليد والرماية والشطرنج وجديدها البيسبول الضيف الثقيل على رياضتنا، ليست إلا أسماء رياضية لألعاب تلاشت في ملاعبنا وصالاتنا، وباتت ذكرى في أذهاننا نتكلم فيها عن ماض عريق، ونتكلم عن أبطال حملوا على صدورهم الميداليات البراقة في كل البطولات التي شاركوا فيها. لكنها اليوم لم تجد من ينصفها ومن يرعاها، ولم تجد الكوادر المخلصة التي تنعشها وتطلقها، وبقيت هذه الألعاب مثل حبر على كتب تأسيسها لأنها خلت من الجوهر والمضمون، وخلت من الرجل الغيور على رياضتنا، فماتت في ذاكرة هذا الزمن الرديء.

الأزمة
كل شيء ما زال وليد الأزمة، لكن الأزمة في الرياضة لم تغير إلا في النفوس ولم تزد إلا في المكاسب الذاتية، الأزمة نحن من نفتعلها، والمثال نراه في كرة القدم، فعندما زاد اهتمامنا بكرة القدم، صار لنا منتخب يشار إليه بالبنان، وصار لنا دوري كروي جيد ضمن نشاط مقبول، وعادت الجماهير إلى أرض الملاعب تهتف وتشجع، فتطورت كرتنا وخرجت من جمودها وعادت أندية إلى سابق عهدها مزدهرة باللاعبين والفنيين وغيرهم.
ما حدث في كرة القدم، لم يحدث في بقية الألعاب، لماذا ميزان النشاط والتفوق محصور بألعاب عديدة كالفروسية وكرتي القدم والسلة والكاراتيه، على حين نجد العديد من الألعاب الرياضية في جمود وسبات؟
الأزمة بالمختصر المفيد ليست العامل الرئيس في تدهور رياضتنا وألعابنا، بل أمراضنا النفسية هي أجهزت على الألعاب الرياضية ودمرتها.

أخيراً
بعد كل مشاركة علينا أن ندرس مضمون هذه المشاركة من حيث الأداء والنتائج، والمشاركة بمضمونها تكشف الواقع الرياضي الذي نعيشه والذي وصلنا إليه، ولا بد من وقفة صادقة مع الألعاب الرياضية، لنعرف إلى أين وصلت، أيضاً المشاركة تفتح باب المحاسبة إن كنا جادين ومهتمين برياضتنا وألعابنا ونبحث عن التطور والتقدم والازدهار.
على كل حال لم نسمع عن أي إجراء ستقوم به القيادة الرياضية تجاه هذه المشاركة، وعلى ما يبدو أنها ستمضي في طريقها كما مضت غيرها من المشاركات، فلن نسمع عن محاسبة ولن ننتظر حتى عتاباً من مسؤول رياضي لمدرب أو لاعب أو رئيس اتحاد على التراجع والتقهقر، ومن هنا نعتقد أن رياضتنا ستبقى على ما هي عليه من دون أي أمل بتطور قادم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن