رياضة

الإعلام الرياضي وسبل تطويره … الشراكة الإعلامية ليست شعاراً

| محمود قرقورا

أثبت الإعلام الرياضي خلال سنوات الألفية الثالثة قدرته على التأثير في الرياضة بمختلف اختصاصاتها فكانت الصحف الخاصة إضافة مهمة، واتسعت رقعة البرامج الرياضية في الإعلام المسموع والمرئي، وظهرت بعض الأقلام النشيطة مؤكدة التشاركية الحقيقية مع الرياضيين، لكن حتى اللحظة لم يأخذ الإعلام الرياضي دوره الكامل لأن يكون الشريك الفاعل مع المؤسسات الرياضية، فالإعلام والرياضة شريكان فلا رياضة من دون إعلام يفيها حقها ويظهرها على حقيقتها ولا إعلام إن لم يكن فاعلاً، والإعلام الرياضي سلطة ورقابة بآن معاً وليس ناطقاً باسم أحد، لأنه مسؤولية نحو المجتمع والدولة والمتلقي، وعلى المؤسسات الرياضية القناعة بأن الإعلام شريك فاعل له رأيه ورؤيته وإمكانية التحاور معه ومد يد العون له وتسهيل مهامه لأنه يرى أحياناً ما لا تراه القيادة الرياضية التي تنظر إلى كل كتابة نقدية على أنها كيدية.
ونعتقد جازمين أن المشكلة ليست في الإعلام والإعلاميين مع قناعتنا بوجود بعض التقصير، بقدر ما هي مرتبطة بالنصف الثاني من المعادلة الذي يطلق شعارات ولا يظهر نية التطبيق، ولأننا نريد فعلاً للإعلام أن يكون شريكاً نورد بعضاً من الأفكار التي نراها ضرورية لتطور الإعلام الرياضي في بلدنا.
محطة متخصصة
إذا آمنا بأن الأزمة السورية أخّرت بشكل أو بآخر ظهور قناة رياضية متخصصة فإن عدم ظهورها قبل الأزمة تقصير يُسأل عنه المعنيون، فدورينا بكرتي القدم والسلة كانا مطلوبين من المحطات العربية، ومنتخباتنا بكل الفئات كانت حاضرة وبعضها طرق أبواب العالمية غير مرة، وإطلاق قناة رياضية ولو على البث الأرضي مبدئياً نراه ضرورة حتمية تماشياً مع تطلعات الشباب الرياضي.

التخصص
التخصص أمر جوهري لتطور الإعلام الرياضي، إذ ثبت جلياً أن الصحفي الذي يهتم بلعبة ما يكون قادراً على الإحاطة بكل تفاصيلها والإشارة إلى مواطن الخلل فيها وضرورة تجاوزها، والإشارة إلى الإيجابيات لتعزيزها وتقديم وجهات نظر تكون نبراساً لمن يريد الاستنارة، والتخصص يعطي فرصاً أكبر للنجاح والكتابة في الصميم، ولأن الرياضة تهم شريحة واسعة من المتلقين وإيماناً بدورها الفاعل في مجتمعنا كان لها خصوصية بإنشاء لجنة صحفيين رياضيين منبثقة عن اتحاد الصحفيين منذ أكثر من ثلاثة عقود.
ولتسهيل عمل الزملاء فإن اتحادات الألعاب وبالتنسيق مع المنظمة وتكريساً لمبدأ التشاركية الإعلامية يجب أن تصدر كراساً للتعريف بكل لعبة وقوانينها وتضعه بخدمة الإعلاميين.

التكامل
التخصص لا يكفي ما لم يتكامل العمل الإعلامي، فالصحف المتخصصة تفرد مساحات تتناسب مع الأحداث الكبرى وبعضها يصدر ملاحق مواكبة لبطولات ينتظرها الجمهور الرياضي، وما تعجز عنه الصحف المتخصصة يمكن أن تقوم به الصحف اليومية من خلال محرر مناوب يكمل المشهد بخبر ضروري على الصفحة الأولى.
الموضوعية والشفافية
الإعلام الرياضي يجب أن يكون موضوعياً وبعيداً عن الشخصنة، يحترم الرأي والرأي الآخر وفيما بعد يقوم بالتحليل ويضع القارئ بالصورة الإجمالية، ومن الضروري أن يشير الإعلامي إلى موقع الخطأ أو التقصير ويقدم المقترحات والحلول.
وهنا لنا ملاحظة على الصحفي الموفد لتغطية حدث ما، إذ يجب أن يضع المتلقي بكثير من الأشياء وراء الكواليس، ولكن ما يقوم به المنسقون الإعلاميون المرافقون لأنديتنا ومنتخباتنا وبعثاتنا يقدمون أنفسهم على أنهم موظفون، ومن واجبهم السمع والطاعة وتقديم رسائل تنال رضا من أوفدهم، بدليل أنه ما من زميل أتحفنا بخبطة صحفية، بل إن بعضهم يكون ناقداً وعندما تستميله القيادة الرياضية يتحول مادحاً وكأنه وُلد من جديد.
ولذلك يكون الحل من وجهة نظرنا بإرسال صحفي مرافق مع البعثات بخلاف المنسق (الموظف الإعلامي إن صح التعبير) يكتب عين الحقيقة والصواب وهكذا تخلق حالة من التنافسية بين أبناء المهنة والتنافس الشريف حالة صحية على الدوام، ورسالتنا لرئيس المنظمة:
إذا كنت فعلاً تريد الارتقاء بمستوى الإعلام الرياضي، فلماذا الإصرار على أن يكون المنسقون الإعلاميون لمنتخباتنا من جسد المنظمة وأنت الذي صرحت مراراً وتكراراً بأنك ستقف على مسافة واحدة من الجميع ولا مشكلة لديك مع أي زميل أو أي مؤسسة؟
وللتذكير فإننا سألنا رئيس اتحاد كرة القدم مراراً عن هذا الأمر وجوابه دائماً: رئيس المنظمة هكذا يريد وسؤالنا إذا كانت الإدارة هكذا فأين التشاركية؟

دورات صقل وتأهيل
إن مثل هذه الدورات مفيدة على الدوام، وحقيقة أثلج صدورنا ما تناهى إلى مسامعنا بأن الاتحاد الرياضي العام عنده النية لاستقدام محاضرين من أهرامات الإعلام الرياضي في الوطن العربي أمثال أيمن جادَة وعلاء صادق ومحمد حمادة على نفقته الخاصة لإقامة دورات صقل وتأهيل في الإعلام الرياضي بالتنسيق مع اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام، وبأن هناك حرصاً على حضور ممثل على الأقل من كل المؤسسات الصحفية تعزيزاً للتشاركية بين الاتحاد الرياضي والإعلام الرياضي بمختلف اختصاصاته، وهذه الخطوة ستكون جوهرية من رئيس منظمة الاتحاد الرياضي العام تنفيذاً لخطة مكتب الإعلام التابع له الهادفة للارتقاء بمستوى الإعلام الرياضي وتفعيل دوره وإعطائه مساحات أكبر ليؤدي مهامه على أكمل وجه، وكلنا أمل ألا تكون تلك التصريحات للاستهلاك.
ولكن أحد الظرفاء همس بأن الاتحاد الرياضي ربما يكتفي بموظفي مكتب الإعلام التابع له كمحاضرين ضغطاً للنفقات.

المكتبة والأرشفة
وجود مكتبة رياضية أحد السبل للنهوض بالإعلام الرياضي وهناك تقصير ملحوظ في الجانب التلفزيوني، ومن النادر وجود أشرطة تلفزيونية لمنتخباتنا في السبعينيات والثمانينيات، وعلى سبيل المثال لا أرشيف لبرنامج الرياضة حياة الذي كان يعده ويقدمه شيخ الإعلاميين الرياضيين الراحل عدنان بوظو في التسعينيات كملخص مثالي للدوري السوري.
ولا ننكر على الاتحاد الرياضي اهتمامه بالأرشفة بتشكيل لجنة وسعيه لتأمين مكتب خاص بها ضمن المنظمة، ولكن ملاحظتنا هي الفقر الملحوظ في المراجع الرياضية المتوافرة والكتب والمؤلفات على المستوى المحلي والعربي والدولي.
ما قلناه غيض من فيض، وبالتأكيد فإن جماهيرية الإعلام الرياضي تجعل مسؤوليتنا كبيرة لإرضاء نهم المتلقي الذي لم يعد يرضي غروره الإعلام التقليدي بل يريد للإعلام أن يكون مرآة حقيقية صادقة للواقع والالتزام بكامل ميثاق الشرف الصحفي، فالرياضة ثقافة وأسلوب حياة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن