عربي ودولي

لبنان على موعدٍ مع إقرار قانون الانتخاب في 12 الجاري.. والانتخابات قبل آذار 2018

يطوي لبنان بعد نحو أسبوع واحدة من أسوأ أزماته السياسية وأكثرها اضطراباً عبر الإقرار المرتقَب لقانونِ انتخابٍ جديد في 12 الجاري قبل نحو أسبوع من انتهاء ولاية البرلمان في الـ20 من الشهر الجاري، وهو الأمر الذي يجنّب البلاد السقوط المريع في المجهول بعدما جرى اللعب طويلاً على حافة الهاوية قبل أن تفضي التفاهمات السياسية إلى الإفراج عن الصيغة الجديدة لقانون الانتخاب القائمة على اعتماد النسبية الكاملة وتقسيم لبنان 15 دائرة.
وتشهد بيروت وأرْوقتها السياسية وكواليسها حركةَ مشاوراتٍ ماراتونية ومكوكية لوضع اللمسات الأخيرة على قانون الانتخاب الجديد، والتفاهم على مسائل تقنية بالغة الأهمية ما زالت معلَّقة، استعداداً لإخراج هذا القانون إلى دائرة الضوء عبر خريطةِ طريقٍ تفترض إقراره في جلسة مجلس الوزراء المقرَّرة يوم الأربعاء المقبل وإحالته على البرلمان الذي دعا رئيسه نبيه بري السبت إلى جلسة تشريعية يوم الاثنين في 12 الجاري وعلى جدول أعمالها بند وحيد هو قانون الانتخاب.
وبإقرار القانون الجديد فإن الانتخاباتٍ من المرجح أن تجري، في حد أدنى في تشرين الأول من السنة الحالية، وفي حد أقصى آذار 2018، وتكون عناصر التسوية السياسية الكبرى التي أُنتجت بتفاهماتٍ داخلية وبضوءٍ أخضر إقليمي دولي قد اكتملت، بعدما جاءت بالعماد ميشيل عون رئيساً للجمهورية، وأعادت الرئيس سعد الحريري إلى السرايا الحكومية.
وبعد الاتفاق المبدئي على القانون النسبي بـ15 دائرة لإجراء الانتخابات، اعتبر عضو التكتل العوني النائب سليم سلهب أن «ما هو مؤكد حتى الآن أننا نتجه نحو انتخابات نيابية وفق القانون النسبي بـ15 دائرة»، ولفت إلى أن «هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى التوضيح، لكن التفاصيل لن تعرقل اللعبة الديمقراطية، فقانون الانتخاب ليس آخر المطاف، بل هو مرحلة من المراحل، وهناك مشكلات كثيرة لا بد من الاهتمام بها». واستبعد سلهب عدم حصول الانتخابات النيابية قبل آذار أو نيسان من العام القادم.
بدوره، قال عضو كتلة حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان: إن الجهود قائمة لتذليل كل العقبات، مشدداً على أن لا شيء سيطيح بالقانون الانتخابي الجديد، وكشف عدوان أنه تم تذليل بعض العقبات، لافتاً إلى أن أي طرح سيلاقي إما أكثرية ساحقة وإما معارضة ساحقة، ولفت إلى أنه ليس هناك أي لجنة لمتابعة الأمور ولكن اللقاءات ستتواصل، كاشفاً أن مشروع القانون سيطرح بعد غد الأربعاء في مجلس الوزراء على أن يتم إرساله إلى البرلمان ليناقش يوم 12 يونيو.
من جانبه رحب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بإنجاز الاتفاق على قانون الانتخاب، وأمل خلال قداس في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، الإسراع في إقراره تمهيداً لاستكمال الوحدة الوطنية اللازمة لإعطاء لبنان المناعة بوجه الاهتزازات الكيانية في المنطقة.
ومع بدء العد العكسي لإقرار قانون الانتخاب الجديد، باشرتْ القوى السياسية إجراء عمليات «حصْر إرث» للأرباح والخسائر الناجمة عن الصيغة التي تم الاتفاق عليها بعد صراعٍ مرير ومتدحْرج ارتفعت معه شروط «السقوف العالية» قبل أن تفضي التفاهمات السياسية إلى تنازلاتٍ متبادلة تحت وطأة الخشية من الانزلاق إلى الفراغ، وتالياً الاتفاق في «الربع الساعة الأخير» على القانون التسوية.
ورغم القول إن الاتفاق على القانون الجديد عكس «روح» التسويات التي غالباً ما يشهدها لبنان نتيجة التوازنات السلبية، وتقوم على القاعدة الذهبية المعروفة بـ«اللا غالب واللا مغلوب» فإن ثمة أطرافاً حققت مكاسب فعلية، ولعل الأبرز في هذا السياق:
أثبت «حزب الله» مرة جديدة أنه يشكّل «الناظم السياسي»، إضافة إلى الأمني، فهو نجح في حمل الجميع على القبول بـ«النسبية الكاملة» بعدما كان نظام الاقتراع الاكثري يُطبَّق منذ أول انتخابات في العام 1934 قبل الاستقلال.
كما أن نجاح «الثنائي المسيحي» خصوصاً «التيار الوطني الحر»، أي حزب رئيس الجمهورية، في انتزاع مكاسب تقلّل من وطأة التراجع عن شروط الحد الأعلى التي عكستْها الصيغ التي كان طرحها رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل الواحدة تلو الأخرى، فالمكسب الأهم الذي حقّقه تجلى في تصغير دوائر «النسبية الكاملة» وجعلها 15.
فيما تَمكُّن النائب وليد جنبلاط، الذي كان أشدّ المعارضين للنسبية، من تحقيق مطلبه الأساسي بجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة، بعدما عدل عن رفْضه بالقبول التدريجي بالنسبية.
واستمرّت السبت الاتصالات المكثّفة لإنجاز التفاصيل التقنية في قانون الانتخاب، وفي موازاة مواصلة «خيّاطي الشقّ التقني» من القانون عملهم، تتقاطع المعطيات عند بعض الجوانب التي جرى حسْمها وبينها عدد الدوائر الـ15 والصوت التفضيلي على مستوى القضاء، ومحرَّر من القيد الطائفي، مع ترجيح اعتماد عتبة التأهيل التي تسمح بتمثيل اللوائح بمقاعد، على قاعدة نسبة 10 بالمئة على مستوى الدائرة.
وبحسب المعطيات المتوافرة، فإن نقاشاً لا يخلو من تعقيدات ما زال يدور حول نقاط عدة بينها آلية أو كيفية احتساب الأصوات بعد اعتماد الصوت التفضيلي للناخب.
من جانبه أكد بري أن «أي أمر تفوح منه مسألة الطائفية سقط، وما حصل هو اتفاق سياسي وليس اتفاقاً انتخابياً فحسب، لأن الجميع يدركون خطورة المرحلة».
(المركز اللبناني للدراسات والاستشارات- عكاظ)

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن