سورية

حي التضامن الدمشقي.. رياح الأزمة أتعبت أهله وأملهم بالعودة

| الوطن

حي التضامن بجنوب دمشق اسم على مسمى، فقد شكل منذ عقود ماضية ساحة تعج بالتنوع والمحبة والنشاط، إلى أن لفحته رياح «الثورجية» وقلبت حياة سكانه رأسا على عقب وحولتها إلى جحيم.
ويعتبر الحي العشوائي بوابة العاصمة من الجهة الجنوبية والفاصلة بين المدينة وريفها، ويلاصقه من الغرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وبلدتا ببيلا ويلدا من الشرق والجنوب على التتالي، أما من الشمال فيحده حيا الزاهرة ودف الشوك.
ويشكل الحي مثلث رأسه في الجنوب عند بلدة يلدا وقاعدته في الشمال عند حيي الزاهرة ودف الشوك.
وكانت أعداد قاطني الحي قبل بداية الأحداث في البلاد منتصف آذار2011 تقدر بـ200 ألف يشكلون نسيجاً اجتماعياً متنوعاً، فسكانه ينحدرون من أغلب محافظات البلاد، وأغلبيتهم منخرطون في مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات، ومن ضمنهم نسبة عالية من الحاصلين على شهادات جامعية، وقد عاش الجميع في ظل تكافل اجتماعي ومحبة كبيرة لعقود من الزمن.
وفي بداية الأزمة ظل الحي بمنأى عن الأحداث، باستثناء انخراط عدد قليل من الأشخاص بتظاهرات كانت تخرج في مدينة الحجر الأسود بريف دمشق الجنوبي وحي سليخة التابع لبلدة يلدا والمجاور للتضامن من الجهة الشرقية.
ومع تطور الأحداث أصبح عشرات المتمردين من الحجر الأسود وسليخة يقدمون بمرافقة القلة القليلة من شبان الحي المنخرطة معهم ويخرجون في تظاهرات ويحرضون الأهالي على المشاركة فيها، لكن الأهالي كانوا وعلى الدوام يرفضون ذلك لا بل وفي كثير من الأحيان كانوا يدخلون في سجال وأحياناً يتطور إلى عراك مع هؤلاء لرفضهم ما يقومون به.
وبعد تسلح المتمردين في مناطق مجاورة للحي وخصوصاً في حي سليخة راح هؤلاء يقومون بين الفينة والأخرى بالتسلل إلى التضامن والاعتداء على الأهالي وممتلكاتهم ليقوم الجيش العربي السوري ولمرتين على التوالي في تلك الفترة بتخليص حي التضامن منهم.
لكن التضامن في تشرين الثاني 2012 كان على موعد مع غزوة كبرى من المئات من المسلحين المنضوين في ميليشيات ما يسمى «الجيش الحر» والقادمين من مناطق وبلدات الحجر الأسود ببيلا ويلدا والقدم والعسالي وسليخة المجاور لتجتاح التضامن من الجهة الجنوبية وتسيطر على القسم الجنوبي من الحي وتنكل بسكانه وممتلكاتهم، وليشهد ذلك القسم حركة نزوح كبيرة للأهالي إلى الأحياء المجاورة.
البعض من الأهالي لم يرق له ترك منزله والدخول في دهاليز التشرد والنزوح فأصر على البقاء فيه، لكن المسلحين وانتقاماً من الأهالي لعدم استجابتهم لدعواتهم السابقة من أجل الانخراط في التظاهرات وأعمال التخريب عمدوا على طردهم من منازلهم بقوة السلاح.
وعلى الرغم من الادعاءات التي كان يطلقها المسلحون بالسيطرة على الحي إلا أن الواقع على الأرض يدلل على أن سيطرتهم لم تتجاوز الخمسين بالمئة من الحي وتقع في القسم الجنوبي المتصل مع بلدتي يلدا وببيلا. كما أن خططهم من السيطرة على الحي والمتمثلة بأن يكون منطلقاً لغزو قلب العاصمة لم يتحقق رغم مرور خمس سنوات على فعلتهم، لأن الجيش العربي السوري والقوى الرديفة له دائماً كانت لهم بالمرصاد.
ومع تطور الأحداث في تلك المنطقة وبروز تنظيمات إرهابية وجماعات إسلامية مسلحة إلى جانب ميليشيات الحر، سيطر تنظيم داعش الإرهابي على القسم الذي كانت ميليشيا الحر تسيطر عليه، بعد أن كان التنظيم سيطر على الحجر الأسود وقسم كبير من مخيم اليرموك، فيما انكفأت ميليشيات الحر إلى بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم التي تسيطر عليها ميليشيا «الحر»، وذلك بعد أن نهبت ممتلكات الأهالي وعاثت فساداً في منازلهم.
ويعيش حالياً في الحي الواقع تحت سيطرة ميليشيا «لواء العز بن عبد السلام» المبايع لداعش أهالي الدواعش الغرباء عن المنطقة.
اليوم أهالي حي التضامن الأصليون الذين أتعبتهم رياح التشرد والنزوح والفقر، كلهم أمل بطرد الإرهابيين من حيهم للعودة إلى منازلهم كما حصل في العديد من أحياء دمشق وريفها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن