من دفتر الوطن

سؤال و.. جواب.. وخبر!

| عصام داري 

معظم حياتنا تدور في دائرة صغيرة جداً، لكنها تختزل مسيرتنا في هذه الدنيا منذ البكاء الأول عندما غادرنا وطننا الصغير ورأينا النور لأول مرة، وانتهاء بآخر زفير والوداع الأخير.
هذه الدائرة تتلخص في السؤال والجواب، ويضاف إليهما المعلومة أو الخبر، والكثير من الكلام والأفعال غير المفهومة، والغامضة أحياناً، التي تبدو وكأنها لا معنى لها، فقط كي يكتمل المشهد، ويصبح السيناريو.
الخبر الأول في حياة الإنسان يبشر بقدومنا إلى هذه الدنيا، والسؤال الأول هو: ماذا ستسمون المولود، أو المولودة؟.. وبعدها تسير الأمور بين سؤال وجواب، وأخبار وبشائر، أفراح وأحزان، و«مشاوير مرسومة لخطاوينا» كما يغني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.
الحوارات تكون سلسة وجميلة وممتعة عندما تكون عن أمور مفرحة، في الحب والسهرات والتمتع بمباهج الحياة، وعندما نتحدث عن الآداب والفنون والموسيقا والغناء، الشعر والنثر والزجل.
لكننا نكره الأسئلة في حالات كثيرة جداً، ونخاف منها في حالات أخرى، ونتهرب من الأجوبة إذا كانت الأسئلة محرجة، أو نعتبرها نوعاً من التطفل والتدخل في شؤوننا الخاصة، وتتجاوز الخطوط الحمراء.
ممتعة هي الأسئلة التي نوجهها لمن نهوى ونعشق، وربما تكون الأجوبة أكثر إمتاعاً إذا لامست شغاف القلب وجاءت وفق أمنياتنا وأطماعنا، والطمع في حالات الحب هو الطمع الذي نؤمن به في حياتنا، وفيما عدا ذلك يكون الطمع ضاراً وآفة من آفات بني البشر.
هل فكرتم يوماً بنوع الأسئلة الذي ترفضونه، أو تكرهونه، أو تشعرون بالغثيان إذا تعرضتم له؟.
وهل وضعتم أنفسكم في مكان أشخاص يتعرضون لسيل من الأسئلة خلال تحقيق ما مع الجهات المعنية لذنب اقترفناه أو لم نقترفه أصلاً؟
أصعب الأسئلة هي تلك التي توجه لنا حول قضية ما لا دخل لنا فيها من قريب ولا من بعيد، والأسوأ أن من يطرح الأسئلة يصمم على رفض أي دفاع لك، وعنده تصور مسبق بأنك مذنب ومتهم!
لا يخلو الأمر من مثل هذه المواقف، وأعترف أنني تعرضت لها أكثر من مرة، وكنت أشعر بالقهر والإهانة وقلة الحيلة، وكنت أردد بيني وبين نفسي الحكمة الشعبية القائلة: «نيال المتهم وعند ربه بريء».
السؤال والجواب يحكمان يومياتنا منذ الفجر حتى نهاية السهرة: صباح الخير.. كيف الصحة؟ ماذا ستفعل اليوم؟ ما مشاريعك؟ أين ستذهب هذا المساء؟ من سأل عني اليوم؟ هل أنت مريض؟ لماذا لا تستشير طبيباً؟ و.. تضيع أيامنا وتنقضي أعمارنا وسط سيل لا ينتهي من الأسئلة والأسئلة المضادة وحفنة الأخبار التي ترسم لوحة حياتنا، والجدول البياني الذي يصور ما نحن عليه، وما كناه، وربما ما نحن نتوجه نحوه في غدنا الآتي.
السؤال والجواب هما حياتنا على الأرض، ولا أتصور أن أحداً يستطيع أن يمضي يوماً واحداً من دون أسئلة أو أجوبة، وأي تجربة في هذا المجال تفشل بعد دقائق معدودات.
السؤال لمن يقرأ حروفي: هل تستطيع أن تصمد مدة ساعة من دون أن تسأل أو تجيب؟.. هذا سؤالي الأخير.. والجواب عندكم!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن