من دفتر الوطن

دبلوماسية الماراثون

| عبد الفتاح العوض 

دوماً كانت السياسة السورية تعمل على «النفس الطويل» ففي الوقت الذي يبرع فيه السياسيون الآخرون بسباق المئة متر.. فإن الساسة السوريين يفوزون بالماراثون…. وفي الأزمة الخليجية الحاضرة بين دول الخليج وقطر إنما تثبت أن السياسة السورية تتقن انتظار انكشاف الحقائق.
وأن ثمة لحظة يستطيع السوري أن يقول بثقة كنت على حق.
ويثبت لنفسه على الأقل أن ما قاله وكرر قوله مراراً كان صائباً وأنه مهما تغطت الحقائق بستار من الأوهام والأكاذيب فإن لحظة ما ستظهر الأسرار وتفضح الأشرار.
ليس مع الأسف.. الخلاف الخليجي مفيداً للسوريين.
التأثيرات المحتملة في الأزمة السورية جراء الخلاف الخليجي ليست بسيطة.. ونتائجها حاضرة بقوة وإن لم تصل بعد إلى الأراضي السورية ولن يطول انتظارهذه النتائج الإيجابية.
أول التأثيرات هو انخفاض تمويل الإرهاب سواء بالمال أم بالسلاح، فالسعودية دفعت ملياراتها لترامب، وقطر تحاول أن تلملم نفسها بعد عاصفة الغباء.. وفي كل حال فإن انخفاض التمويل سيكون عاملاً مهماً للتأثير في الأزمة السورية.
ثاني التأثيرات تتمثل بأن التحالفات التي كانت تجتمع على سورية «انفرطت».
وعندما يختلف حلفاء الشر فإن الشيء الطبيعي أن يقل منسوب الشر وينخفض.
هذه التحالفات التي اهتزت بقوة هذه المرة ستؤثر على التحالفات في دول المنطقة.. صحيح أنه يمكن احتواء الخلاف ويمكن «للسيد» أن يصدر أوامره بأن «حبوا بعضكم» ونشهد قمة «تبويس اللحى» لكن في هذه الحالة فإن أشياء كثيرة انكسرت ويصعب لملمتها.
ثالثاً: إن توجيه اتهام مباشر وصريح من ترامب لقطر بتمويل الإرهاب هو إعطاء مصداقية إضافية لما كانت تقوله سورية منذ بداية الأزمة بأن قطر تمول الإرهاب. لا نتحدث هنا عن تداعيات الاتهام الأميركي لقطر فقط، بل نتحدث عن مصداقية سورية في اتهاماتها التي بنيت على حقائق ملموسة.. وفي السياق فإن مفعول الرشوة السعودية لترامب ليس طويل الأمد وبالتالي فإن الوقت أيضاً كفيل بأن يجعلنا نسمع مجدداً تصريحاً أميركياً بأن السعودية تمول الإرهاب.
آخر ما نقوله هنا… هل يمكن أن تعود العلاقات السورية القطرية إلى سابق عهدها؟
بالمعايير السياسية هذا ممكن…. بالمعايير السورية هذا صعب جداً…بغض النظر عن أي شيء يمكن أن يقال: إن لا عداوات ولا صداقات دائمة في السياسة، لكن في الطبيعة السورية ما يجعل من الصعب تقبلاً شعبياً للتسامح مع دول فعلت ما فعلت بسورية.

أقوال:
إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق.. فلا تكن الخيل أفطن منك! فإنما الأعمال بالخواتيم.
ﺗﺬﻛﺮ دائماً ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ الأخير ﻓﻲ «حاملة» المفاتيح هو ما يفتح ﺍﻟﺒﺎﺏ دوماً.
انتظر حتى يعطيك ظهره واكتب عليه كان بإمكاني الخيانة ولكن أخلاقي لا تسمح بهذه الإهانة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن