سورية

إنجاز مفتوح على عدة محافظات: شرق خناصر مع الجيش

| عبد الله علي

في إنجاز عابر بين ثلاث محافظات سورية، وصل الجيش السوري جغرافياً بين الرصافة جنوب الرقة وإثريا شرق حماة عبر ريف حلب الجنوبي إثر عملية ضخمة قام بها لطرد تنظيم داعش مستعيداً منه عشرات القرى والبلدات الواقعة شرق بلدة خناصر الإستراتيجية بمساحة تقدر بحوالي 3000 كيلو متر مربع، ويعتبر هذا الإنجاز نقطة مفصلية في الحملة العسكرية التي يخوضها الجيش السوري باتجاه مدينة دير الزور، كما من شأنه أن يشدد الخناق على تنظيم داعش في ريف حماة الشرقي، غير أن آثاره لن تقتصر على تحقيق نقاط بضرب تنظيم داعش وحسب، إذ إن بعض تداعياته سيصيب مدينة إدلب التي يتخذها تنظيم القاعدة معقلاً له، وذلك من خلال تعزيز حضور الجيش في الخاصرة الشرقية للمدينة التي طالما حفلت بممرات التهريب والتسلل بين الرقة وإدلب.
سيطر الجيش السوري، يوم الجمعة، على 17 بلدة وقرية في ريف حلب الجنوبي الشرقي بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي داعش الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في جيب صغير لا تتعدى مساحته 1500 كيلو متر مربع شرق بلدة خناصر الإستراتيجية نتيجة تقدم الجيش السوري من محورين الأول من الرصافة جنوب الرقة التي سيطر الجيش عليها مؤخراً رغم إسقاط التحالف الدولي لإحدى طائراته في محاولة واضحة لعرقلة تقدمه في المنطقة، والثاني من إثريا حيث سيطر على نقاط: زكية والمسبح وتلة العلم، قبل أن تلتقي الوحدات المتقدمة من المحورين مغلقة دائرة الحصار على ما تبقى من عناصر داعش في المنطقة، وسط أنباء عن هروب معظم عناصر التنظيم، غير أن الجيش السوري ما زال يتريث في دخول الجيب الأخير لداعش ريثما يقوم بأعمال التمشيط والتفتيش.
وأنهى الجيش السوري بهذا التقدم تاريخاً طويلاً من محاولات تنظيم داعش استهداف طريق خناصر إثريا بهدف قطعه من أجل الضغط على قوات الجيش في محافظة حلب، وكان أخطر هذه المحاولات الهجوم الضخم الذي شنه التنظيم في شباط من العام الماضي واستمر إغلاق الطريق إثرها لأكثر من أسبوعين نتيجة سيطرة التنظيم على نقاط متقدمة في محيط الطريق، قبل أن يتمكن الجيش من استعادة السيطرة عليها وفتح الطريق من جديد بعد معارك عنيفة جرت آنذاك، كما شهد شهر أيار من العام الجاري آخر محاولة للتنظيم لاستهداف طريق خناصر إثريا لكنها انتهت بفشل ذريع.
من شأن هذا الإنجاز أن يختصر خط إمداد الجيش إلى جبهات جنوب الرقة من مسافة 200 كيلو متر إلى أقل من 90 كيلو متر، إذ كان خط الإمداد في السابق من حماة إلى حلب ثم جنوب مدينة الباب وبعدها نحو مسكنة ثم الاتجاه نحو جنوب الرقة حيث يتقدم الجيش السوري هناك، أما بعد التقدم الأخير شرق خناصر فإن خط الإمداد أصبح يتجه مباشرة من إثريا إلى الرصافة دون أي عراقيل، ولا شك في أن اختصار طول خطوط الإمداد وتأمين الحماية في محيطها سيكون لهما تأثير كبير في حملة الجيش السوري نحو بلدة السخنة بوابة دير الزور التي من المتوقع أن يتجه إليها الجيش من محورين أحدهما من بلدة الرصافة جنوب الرقة، والثاني من محور آرك شمال غرب تدمر.
وستنال تداعيات الإنجاز الذي حققه الجيش السوري في شرق خناصر كلاً من ريف حماة الشرقي معقل داعش الأهم المتبقي له في المنطقة، وكذلك محافظة إدلب التي تعد المعقل الرئيسي لتنظيم «القاعدة» ولعدد كبير من الفصائل المسلحة من بينها العديد من الفصائل التي انسحبت بموجب اتفاقات تسوية من أرياف دمشق وحمص وحلب في أوقات سابقة. ويبدو أن الهدف القادم للجيش السوري هو تشديد الخناق على تنظيم داعش في المناطق التي يسيطر عليها في ريف حماة الشرقي وأهمها عقيربات، وذلك بهدف تحقيق أمرين إما فرض حصار على داعش في المنطقة لمنعه من طعن الجيش في الظهر أثناء التقدم نحو دير الزور، وإما بهدف إجباره على الانسحاب من ريف حماة، كما انسحب من ريف حلب الجنوبي الشرقي، ثم العمل على اصطياد أرتاله بمساعدة الطيران الروسي، أثناء عبورها في الصحراء، وما يعزز من هذا الاحتمال أن الجيش السوري سيطر أمس على بعض النقاط جنوب منطقة الشيخ هلال، وسط أنباء عن عملية واسعة يستعد لها الجيش من أجل استعادة السيطرة على كامل مناطق ريف حماة الشرقي الواقعة تحت سيطرة داعش.
وسوف تتأثر محافظة إدلب بشكل غير مباشر جراء تداعيات دحر داعش من مناطق شرق خناصر، لكون هذه المناطق كانت تشكل خاصرة ضعيفة طالما استغلتها العديد من الميليشيات الإسلامية المتشددة في تهريب العناصر والمواد والأسلحة من وإلى البادية وصولاً إلى الرقة، وهو ما أتقن القيام به في وقت سابق ميليشيا «جند الأقصى» الذي استغل سهولة التهريب من أجل تقوية نفوذه في إدلب وريف حماة الشمالي، قبل أن تطرده الميليشيات الأخرى من إدلب حيث سلك هذه المرة طرق التهريب نفسها لكن باتجاه الرقة ليبايع تنظيم داعش وينضم إلى صفوفه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن