اقتصاد

علمياً: طرح الـ2000 ليرة ليس له أثر في الليرة والأسعار

| المحرر الاقتصادي

نستغرب حجم التساؤلات التي انتشرت أمس بالترافق مع إطلاق مصرف سورية المركزي لفئة الـ2000 ليرة سورية، عن علاقة هذا الطرح بتدني قيمة العملة الوطنية وتراجع الاقتصاد.
بداية، تراجع الاقتصاد السوري ليس ظاهرة جديدة، ولا حاجة لطرح فئة نقدية كبيرة للاعتراف فيه. كما أن قيمة الليرة مستقرة منذ أشهر مع هامش تذبذب ضيق لا يتعدى 5 بالمئة، وطرح هذه الفئة ليس اعترافاً بتدني قيمة الليرة. كما أن الطرح ليس له علاقة بوجود زيادة في الأجور والرواتب قريبة، حسب الشائعات!
واقعياً، نلاحظ ترافق تلك الشائعات مع تحسن في سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية في السوق الموازية حسب الأسعار التي بثها العديد من صفحات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الموبايل المتخصصة بنقل أسعار الصرف، والمجهولة المصدر، وهو سلوك متوقع من المضاربين الذين يتحينون أي إشاعة لحفز الطلب على الدولار الذي تم شراؤه بسعر دون 522 ليرة قبيل عطلة العيد، واستقرار دون مستوى 525 ليرة خلال النصف الثاني من شهر رمضان، لذا برفع سعر الصرف؛ كما حدث قرب مستوى 535 ليرة، والدفاع عن هذا المستوى ليوم أو يومين أو رفعه لمستويات أعلى، يوفر فرصة لمن اشترى الدولار ببيعه وتحقيق ربح بين 2 إلى 3 بالمئة، ليعاود السعر الانخفاض مجدداً مع عمليات البيع. إذا الإشاعات والانجرار وراءها تؤثر مؤقتاً في سعر الصرف.
أما علمياً، فطرح فئة الـ2000 ليرة سورية، ليس له أثر اقتصادي يذكر في المستوى العام للأسعار، وفي قيمة الليرة (خلافاً لهذين اليومين إثر عمليات المضاربة)، وجمع النظريات النقدية ربطت المستوى العام للأسعار بكمية النقود، بشكل أساسي، وما دامت كتلة النقود مستقرة عند مستوياتها الحالية، فإن مستوى العام للأسعار سوف يبقى مستقراً، نسبياً، لكن عامل المضاربة قد يؤثر بشكل طفيف ومؤقت، وهذا مرتبط بدرجة الانجرار وراء الشائعات، ولكن مهما كان الأثر سوف يبقى محدوداً.
كما أن ربط طرح الفئة النقدية 2000 ليرة بسرعة تداول النقد وأثرها في مستوى الأسعار، هو كلام مبالغ فيه علمياً، فالمقصود بسرعة التداول هو عدد المرات التي يتم فهيا تبادل الورقة النقدية في الاقتصاد خلال فترة زمنية معينة وذلك لتسوية المبادلات الاقتصادية، وتعتمد على العديد من العوامل أهمها دورة كثافة السكان وتقدم شبكات المواصلات والنقل والدخل المتاح للتصرف ونظام استلام المداخيل وإمكانية استخدام الشيكات أو بطاقات الائتمان وتطور عادات المجتمع المصرفية والميل إلى الاستهلاك والادخار وتقدم النظام النقدي والأسواق المالية. وكل ذلك لا يرتبط بشكل مباشر وملموس بفئات العملة، في حين يمكن أن يؤثر طرح فئة الـ2000 ليرة بتسهيل بعض المعاملات ويسهل حمل مبالغ نقدية أكبر لشرائح محددة، لكن يبقى الطلب محكوماً بالدخل الذي لم يتغير.
وتم ربط سرعة التداول بكمية النقود ومستوى الأسعار وكمية المبادلات بما يسمى معادلة فيشر، التي تعبر عن النظرية الكمية للنقود، التي اشتهر بها الكلاسيك، وذلك كما يلي:
كمية النقود × سرعة تداول النقد = كمية المبادلات في الاقتصاد × مستوى الأسعار
وجعلت النظرية كمية النقود هي المتغير المستقل الذي يؤثر مباشرةً في مستوى العام للأسعار، باعتباره المتغير التابع، وتجاهلت تأثير سرعة التداول وكمية المبادلات لافتراض استقرار على المدى القصير.
حتى الاقتصادي جون ماينرد كينز يتفق مع اقتصادي نظرية كمية النقود في أن الطلب على النقود ناشئ من الحاجة لها لشراء السلع والخدمات (دافع المعاملات) ولكنه يختلف معهم في أنه إضافة للدافع السابق للطلب على النقود فهناك أيضاً دافعان آخران هما دافع الاحتياط ودافع المضاربة.
بدوره الاقتصادي ميلتون فريدمان رأى أنه من الضروري أن يعامل الطلب على النقود معاملة الطلب على أي سلعة أخرى، على اعتبار أن الطلب على السلع والخدمات يعتمد على حجم الدخل وأسعار السلع الأخرى ومقدار الإشباع من السلعة أو الخدمة.
وبالتالي بالنسبة للدخل فهناك علاقة طردية بينه وبين الطلب على النقود ويقصد به الدخل الدائم وهو يعبر عن متوسط الدخل المتوقع.
ويوضح فريدمان أن الطلب على النقود يتحدد بمستوى تكلفة الاحتفاظ بالنقود، وتتمثل هذه التكلفة في سعر الفائدة ومعدل الارتفاع في المستوى العام للأسعار الذي يؤدي إلى فقدان النقود لجزء من قوتها الشرائية.
وهكذا باستعراض أبرز النظريات النقدية، على اختلافها، نلاحظ عدم ذكر أي أثر مباشر للفئات النقدية، والتركيز على الكتلة النقدية والدخل وأسعار الفائدة والمضاربة والأسعار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن