من دفتر الوطن

دروب الحب رغم العتمة!

| عصام داري 

نقترف الخطايا ونرتكب الأخطاء، ونلقي أنفسنا في مستنقع الغلط، ومن ثم نلقي اللوم على الظروف والزمن «وما لزماننا عيب سوانا» وفي آخر المشوار نندم على سنوات مضت من أعمارنا، وفرص ضاعت، أو أضعناها في لحظة طيش أو غرور أو ازدراء وعدم مبالاة.
نحرق الدروب وننسى أنها دروبنا نحن التي تقودنا إلى المستقبل، نظن أننا أعلنا العصيان والتمرد على أوضاع أتعبتنا، وأننا نحرق القوى التي تنخر أفكارنا وتطحن عظامنا، لكننا نقف لنجد أنفسنا وقد أعلنا التمرد على حريتنا وحياتنا وأردنا صنع معجزة التغيير في زمن ماتت فيه المعجزات.
نحاول إقناع أنفسنا وغيرنا أيضاً بأننا ماضون في مشوارنا إلى آخره رغم كل العراقيل، وأن خياراتنا هي التي تحدد طبيعة خط النهاية، فلماذا لا نختار الدروب السهلة التي افتتحها الحب، وعبدتها الأشعار والألحان والموسيقا التي تعزفها الملائكة.
اليوم نتذكر تلك الأيام التي كنا نتذمر منها ونصب عليها لعناتنا في السر والعلن، فنجد أنها كانت أيام يسر وحب ورخاء ودعة، نحن إليها، نتمنى أن تعود من جديد كي نعيشها بميزان اليوم.
الأزمة أخرجتنا من أوهامنا التي عشناها على مدى سنوات طويلة، عرتنا وكشفت عورات مجتمعنا الذي بني على مقولات ومقالات وحكم وأمثال وروايات مثالية تذكرنا بمدينة أفلاطون الفاضلة، لكنها أظهرت أسوأ ما فيها على مدى السنوات السبع المنصرمة، وسقط الحلم عند أول امتحان جدي.
هل وصلنا إلى الدروب المسدودة والأبواب الموصدة؟
نعلم أن الوضع غير مريح، وأن الأحزان صارت تصبغ معظم نهاراتنا وليالينا، لكن ذلك لا يمنعنا من صنع لحظات فرح، وأننا قادرون على انتزاع ابتسامات في زمن القحط والمحل والتصحر، نعتمد على الأمل كمنقذ لنا من حالة الضياع التي باتت خبزنا اليومي، ونرفع شعار التفاؤل في حربنا الشرسة من أجل «بكرا أحلى»، وما علينا إلا الانتظار، فالشمس لا تنتظر أحداً لتشرق من جديد، والقمر ليس موظفاً في دوائر رسمية وعليه أن ينفذ أوامر رؤسائه، فيأخذ إجازة ويغيب أو يحال إلى التقاعد!
نسير معاً على دروب عشق تظللها الفراشات والأزاهير، وأسراب الحمام، لن توقفنا أشواك يزرعونها في طريقنا، أو ألغام وضعوها في دروب مستقبلنا، ولن ينجح من يحاول اغتيال حلم طفولة جميل عمره ملايين السنوات.
نرسم لوحات تحاكي جمالاً هو أقرب للسحر والخيال والخرافة منه إلى الواقع البائس الذي حشرونا فيه واعتقدوا أنهم سجنوا أرواحنا في قمقم محكم الإغلاق.
مهما حاصرتنا الهموم والمشاكل والأحزان فسنجد الثغرة التي ننفذ منها نحو فرح نحتاجه، واستراحة نستحقها، مهما داسوا بأقدامهم على الورود والأزاهير وسحقوها، فسنواصل زراعة الورد على مساحة الوطن، إرادة الحياة والتحدي هي التي ترسم شخصيتنا، ورغبتنا في السير على دروب الحب، هي التي توصلنا إلى المستقبل الذي نبتغيه، ولن يكسر أحد إرادتنا ورغبتنا في الحياة والحب والنشاط والبناء.
لنا الغد، والورد، ومن أرواحنا وقلوبنا وعقولنا ينطلق الوعد.
لونوا أيامكم بالجمال، ولياليكم بالحب والألحان، كي تسهلوا على أنفسكم مسيرة حياة كتبت لنا، ونحن أصحاب الخيارات فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن