سورية

ديفيد إغناتيوس لواشنطن: تعاونوا مع روسيا لتحقيق السلام في سورية

| عن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية – ترجمة إبراهيم خلف

أكد الصحفي والروائي الأميركي ديفيد إغناتيوس ضرورة تعاون الولايات المتحدة الأميركية مع روسيا الإتحادية في سورية، «وإلا فإن الأمور ستزداد سوءاً وستلقي بظلالها على جميع الأطراف».
وفي مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، اعتبر إغناتيوس أن التعاون بين الجانبين الأميركي والروسي يساهم في تهدئة التوترات في سورية، ويعتبر نموذجاً محتملاً لأهمية العمل على مناطق تخفيف التصعيد.
وأشار الكاتب إلى ضرورة قيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال اجتماعه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة في هامبورغ أن يأخذا بالحسبان الحملة الجارية في الرقة وريفها ضد تنظيم داعش الإرهابي، حيث تقوم «قوات سورية الديمقراطية – قسد»، والتي تعتبر الحليف الرئيسي للولايات المتحدة على ضفاف نهر الفرات، والذي يشكل خط «تخفيف تصعيد» غير رسمي بين الحكومة السورية وحليفتها روسيا في غرب النهر و«قسد» بقيادة الأكراد في الشرق.
وأكد إغناتيوس أنه في الأسابيع القليلة الماضية، قام الجانبان بالتفاوض على تعديل مفيد للخط، الأمر الذي أدى إلى إنشاء قرابة 80 ميلاً تمتد جنوباً بالقرب من جبهة المعارك على بحيرة الأسد وصولاً إلى بلدة الكرامة على نهر الفرات.
وقال: إن الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على هذه المنطقة العازلة يعد علامة واعدة، فهو سيسمح، في الواقع، للولايات المتحدة وحلفائها بتطهير الرقة من تنظيم داعش، على حين تقوم الحكومة السورية وبدعم روسي بالتركيز على مدينة دير الزور، فضلاً عن أن هذا الخط العازل يساهم في جعل المقاتلين يركزون على قتال تنظيم داعش بدلاً من الدخول في سجالات مع بعضهم البعض. ونصح إغناتيوس بضرورة قيام ترامب وبوتين خلال لقائهما في قمة مجموعة العشرين بمناقشة إذا ما كان هذا الاتفاق الأخير حول خط الفصل يعتبر نموذجاً لتعاون أوسع بين الولايات المتحدة وروسيا في سورية، ومن شأن هذا الجهد الأوسع نطاقاً أن يلحق الهزيمة بتنظيم داعش ويساهم في استقرار سورية، فضلاً عن مناقشة المستقبل السياسي في نهاية المطاف، ولكن الكاتب يتساءل بقوله «هل هذا الأمر عملي»؟
وتابع: إن التعاون الروسي الأميركي في سورية يواجه عقبة كبيرة الآن، مشيراً إلى أن اسم بوتين بحد ذاته يعتبر بمثابة السم في الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية في هذه الأيام، زيادة على توجيه النقد لترامب فيما إذا فكر بحل توافقي، واعتبر أنه وفي مواجهة هذه السلبيات، ثمة حجة إيجابية واحدة فقط: العمل مع روسيا قد يكون السبيل الوحيد للحد من مستوى العنف الحاصل في سورية وخلق أساس لدولة أكثر هدوءاً، الأمر الذي يساهم في نهاية المطاف بتعافيها من حربها المأساوية.
ونقل الكاتب عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية: أن كل من وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس يفضلان ضرورة استكشاف الخيارات مع روسيا وإننا نرى إمكانية لحدوث ذلك، وإن روسيا تعمل حتى الآن بجدية معنا لتحقيق هذا الجهد.
ولكن، ووفقاً للكاتب، ثمة وجهة نظر متعارضة بين بعض أعضاء مجلس الأمن الوطني وأعضاء مجلس النواب المتشددين، حيث يرى بعضهم أن العمل مع روسيا من شأنه أن يقوي من حلفائها، إيران والحكومة السورية، وأن يقدم الضوء الأخضر لدورهم المستقبلي في سورية، في حين يرى آخرون أنه يتوجب على الولايات المتحدة القيام بحملة عسكرية لمنع إيران وحلفائها من المجموعات المسلحة في العراق وسورية من الحصول على ممر عبر جنوب شرق سورية والذي من شأنه أن يربط إيران بلبنان.
وأشار الكاتب إلى أن هذا الموقف المتشدد يتجاهل نقطتين عمليتين: إيران لديها بالفعل ممر كهذا، لكنها لا تقوم بمنع الولايات المتحدة أو إسرائيل من مهاجمة شحنات الأسلحة الخطرة، فضلاً عن أن الاعتداء على المجموعات المسلحة المدعومة من إيران قد يجعل الولايات المتحدة تواجه حرباً طويلة ومكلفة يمكن أن تنتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ورأى الكاتب أنه من المفيد دراسة العملية التي نجم عنها تخفيف التصعيد في قوس الفرات، الأمر الذي سبق واقترحه مسؤول روسي حول حدود الفرات قبل 18 شهراً، إلا أن الأمر لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه، ولهذا كان كلا الجانبين يعملان على أساس هذه الحالة.
يذكر أن نظام تخفيف التصعيد كان يعمل على ثلاثة مستويات، حيث كانت تجري مشاورات يومية بين كولونيل روسي وأميركي حول معلومات يتم تقديمها من ضباط أصغر رتبة موجودين في المقر الأميركي في بغداد والمقر الروسي في طرطوس، على حين ما يتعلق بالمسائل الحساسة، فيتم تحويلها إلى اللواء الأميركي ستيفن تاونسند ونظيره الروسي العقيد سيرجي سوروفيكين.
ونوه إغناتيوس إلى أن الأزمة التي جرت في الشهر الماضي عندما قامت عدة دبابات سورية بالتقدم نحو الشمال وبدعم من مقاتلة سورية من طراز سو-22، اعتقد القادة الأميركيون أنه خط فصل غير رسمي، فقاموا بإسقاط الطائرة، ونتيجة لذلك، أعلن الروس تعليق الاتصالات مع الجانب الأميركي، لكنهم استأنفوا المحادثات فيما بعد وبهدوء، وفي حلول أواخر حزيران اتفق الجانبان على القوس الرسمي، مع إحداثيات محددة بدقة.
وحسب الكاتب فإن التعاون الأميركي الروسي ساهم في تهدئة التوترات خلال الاسابيع القليلة الماضية في جنوب غرب سورية، زيادة عن أن المحادثات بين الجانبين تلقى الدعم والتأييد من إسرائيل والأردن واللتين تربطهما حدود في تلك المنطقة، وهذا يعتبر أيضاً نموذجاً محتملاً لكيفية عمل تخفيف التصعيد.
وخلص الكاتب إلى القول إنه «رغم أن التعاون مع الروس في سورية سيكون مشيناً، نظراً لما قاموا به في الماضي، إلا أن عدم القيام بذلك سيبقي الحريق مشتعلاً في سورية، ومن المؤكد أن يزيد الأمور سوءاً لجميع الأطراف».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن