ثقافة وفن

السعادة هي القناعة بوضع الإنسان كما يكون

| ثناء خضر السالم

هل أنت سعيد؟
هل أنت سعيدة؟
هذا السؤال يطرق باب رأسنا ألف مرّة في اليوم ولاسيّما في هذه الظروف القاسية الّتي يمرّ بها البلد، فنشعر بالخوف من القادم والقلق من المستقبل، فلا يمكن أن تكون سعيداً والعالم يشنّ حرباً على وطنك مستهدفاً استقرارك النفسي والمعيشي والسياسي.
لو تجاوزنا وضع البلد ومنغصات الحياة التي لا تحصى في هذه المرحلة، وعدنا لنسأل ما حقيقة السعادة؟ وما جوهرها؟ هل هناك سعادة بالمطلق؟
لا أعتقد، إنّما هناك لحظات تمرّ نشعر فيها بالسعادة، تمضي ونعود بعدها لنغرق في تفاصيل الحياة اليوميّة وهمومها. لكن ثمّة ما يشعرك بالرضى حتى لولم تكن في حالة سعادة، هذا الإحساس بالرضى- إن وُجِد- يتركك في حالة توازن وإشباع.

كتب أمين الريحاني في مقالته المعنونة بأركان السعادة: هناء العيش لا يقوم بغير أربعةٍ هي: صحة العقل وصحة الروح ثم اليسر أو الاستغناء، كما يجد المرء قسماً من سعادته في العمل الدائم، ويجد السعادة الكبرى في النجاح المستمر.
السعادة مفهوم شائك ومعقّد والحديث عنه يطول، وتختلف وجهة نظر النّاس في السعادة باختلاف التربية وطريقة التفكير والبيئة والسن والثقافة. فالطفل يسعده اللعب، والشيخ يسعده أن يمنّ اللـه عليه بالصحة، واللئيم يسعد عندما يصيبه الخير وحده دون الناس، والكريم يسعد عندما يكون من حوله في خير. ما قلته يدخل في إطار العام، فما السعادة نسبة للبشر؟ دعونا نستعرض آراء النّاس بالسعادة على اختلاف تفكيرهم وثقافتهم.
وأبدأ بنفسي فقد فقدتُ مفتاح سعادتي منذ عام ونصف العام فبعد حصولي على درجة الماجستير قلت أرتاح قليلاً، لكن الإجازة التي منحتها لنفسي كانت القاتلة، لقد أخطأتُ بحق نفسي فأنا لا أكون سعيدة بلا إنجاز فكري، فسعادتي بأمومتي واستقراري لا تكفي لأكون امرأة سعيدة، فالحياة بلا عمل هي الطريق إلى الكآبة أي الموت ولاسيما من اعتاد العمل والإنجاز.
عندما سألت أمي أجابتني بأن سعادتها في أن نكون- نحن أبناءها- بخير وأن يكون أبي- أطال اللـه في عمره- بخير، وأن ننعم جميعاً بالصحة والعافية.
أمّا زوجي فقال لي هي الصحة وراحة البال، والجدير بالذكر أن أغلب من سألتهم عن نظرتهم إلى السعادة أجابوني: إن أهم مفتاح لها هو الصحة وهذا الكلام عين الصواب.
د. لودا طبيبة أسنان: سعادتي تنطلق من سعادة المحيط، المحيط سعيد أنا سعيدة، المحيط كئيب أنا كذلك.
أ. سوسن طالبة في المعهد العالي للقضاء: السعادة نسبية لا سعادة مطلقة، كل شخص يراها من زاوية معيّنة، إنّها الاكتفاء من كل شيء، أن يحيا المرء حياة طبيعية، الزواج الأولاد الوظيفة يجب أن يكونوا موجودين حتى تتحقق السعادة، مسيرة الحياة الطبيعية هي السعادة.
أريج منصورة طالبة طب سنة ثالثة: تلك الكلمة التي نبحث عنها في جلّ أقوالنا وأفعالنا، ونتمناها لنا ولغيرنا، السعادة أن أعيش آمناً في بلدي، أستيقظ لأسمع فيروز: (شام يا ذا السيف لم يغب) وأنا أرتشف قهوتي الصباحية وأقرأ الجريدة، السعادة أن أرى ضحكة الأطفال تصدح في سمائنا، أن يكون والديّ بخير، أن يكون لدي ذاك الصديق الذي يتحمّل كل نوبات جنوني ويقف بجانبي دائماً ويربت على كتفي، وأن ينتهي يومي في حضن من أحب فيهدهد تعبي وأبث شكواي في أذنيه، السعادة أنني عندما آوي إلى فراشي أشعر براحة الضمير وأنّني حققت شيئاً في حياتي وخدمت نفسي وخدمت وطني، السعادة هي أن أمتلك معلّمة وصديقة وأختاً وقدوة مثلك.
محمود حاطوري مدرّس فيزياء وكيمياء وجندي سوري:السعادة في الحب وبلحظات عشق تجتاح المحب كالأعاصير قبل الزواج طبعاً وبعده، السعادة بالمفهوم الكمي غير كاملة دائماً ستكون مجتزأة، كسعادة النصر بمعركة أو جولة مجتزأة بسبب خسارتنا أحد الأصدقاء كشهيد، كسعادة الحب لو وُجدالمال، كسعادة العمل لو تعملين لنفسك، هي دائماً مجتزأة غير كاملة. أمّا المفهوم الزّمني للسعادة فهي أقصر من المعقول فبسرعة يأتي التالي، مثلاً كنّا نقول ليتنا ننجح في البكالوريا، في نفس اليوم فكّرنا ماذا سنسجّل وهكذا.
حسن السالم معالج فيزيائي وطالب حقوق سنة رابعة: السعادة هي النجاح والتحصيل العلمي والمادي.
عماد غانم (تجارة عامة): أجدها في عدم الطمع.
ديما السالم مدرّسة لغة فرنسيّة: السعادة هي القناعة بالوضع الذي أكون به.
علي غانم (تجارة عامة): في هذه المرحلة من الصعب الإحساس بالسعادة بسبب صعوبة المرحلة التي نمر بها كمواطنين حتى لو روّحنا عن أنفسنا قليلاً ستذهب السعادة بسبب الظروف السياسية والمعيشية.
باسمة علي طالبة دكتوراه لغة عربية: كل ما يفعله الإنسان يفعله لأجل الحصول على السعادة، والسعادة تنتقل بالعدوى، لذلك علينا الاندماج بالناس السعيدين والابتعاد عمّن يتأفّفون ويزمجرون، الذين يمتصون طاقاتنا الإيجابية، والسعادة تكون بتحقيق النّجاح على أي صعيد مهما كان بسيطاً، كما تأتي بعد تجاوز المصاعب والآلام، وقد تتحقق من ابتسامة صغيرة أو عمل خير، وهي تكون في تحقيق الطموح، وفي النهاية قمّة السعادة في الأمومة.
هيثم محمد صحفي: الشعور بالسعادة في هذه الظروف القاسية التي يمر بها بلدنا ونمر بها كمواطنين بعيد المنال، حتى اليوم الذي يقضي فيه الجيش على التنظيمات الإرهابية. وأنا شخصياً يرتبط مفهوم السعادة عندي بالصحة الجيّدة لي ولزوجتي وأفراد أسرتي والسمعة الطيبة بين الناس ونجاحي وتألقي في العمل الإعلامي، وفي تأمين متطلبات أسرتي الضرورية وفي القناعة والشفافية والصدق والصداقات التي أعيشها وفي خدمة الناس، في موقعي الإلكتروني وتفاعل الأصدقاء الإيجابي وعلى صفحتي الشخصية، وفي شهادات التقدير التي قدمت لي من جهات عدة على مدى السنوات.
ثروة أسعد خريجة تربية إدارة ومناهج:أولاً سعادتي الزوجية وسلامة أولادي ونجاح عملي ولا أنسى سلامة أهلي وناسي وأحبابي.
جودي علي: سنة أولى ترجمة (متطوعة في مشروع الدعم الإنساني الهلال الأحمر) السعادة لي تكمن في رسم ابتسامة على وجه طفل، وفي مساعدة جرحى الجيش وأسر الشهداء، في العطاء والمحبة وعندما أغني، وكذلك لمّا أسمع أغاني جميلة تحضر فيها الكلمة الجميلة واللحن الساحر والصوت العذب.
وختاماً سأقول: في هذه المرحلة كثيراً ما نشعر بالحزن والكآبة وعدم الرضا، نشعر أنهّ ثمة ما يشدّنا إلى دوّامة القلق حرب معيشية سياسية اقتصادية، لكن ثمّة ما يستحق المقاومة والحياة، فعلينا دائماً أن نبحث عما يمنحنا جرعات ولو بسيطة من السعادة حتى نتمكّن من الإنجاز والعطاء وممارسة الحياة. فكما يقول محمود درويش: على هذه الأرض ما يستحق الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن