سورية

نازحة تزور منزلها في الرقة لتعيد الحياة لعناقيد العنب

| وكالات

عادت وردة الجاسم بخطوات سريعة إلى منزلها في الضاحية الغربية بمدينة الرقة بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي على يد «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، للاطمئنان عليه ولتروي دوالي العنب التي اصفرّت أوراقها نتيجة هجران الأهل لها.
وحسب وكالة «أ ف ب» للأنباء، قالت وردة /50 عاماً/، ذات العينين الزرقاوين: «عدت من أجل دوالي العنب»، لتضيف: «لدينا دوال صغيرة، لكنها ماتت من العطش، والله أتيت لأسقيها من (حي) الأندلس»، وهو حي نزحت مع زوجها إليه، يقع على بعد 25 كيلومتراً شمال شرق مدينة الرقة، معقل داعش في سورية.
وذكرت الوكالة أن عودة وردة تمت برفقة عدد من جاراتها وقريباتها على متن دراجة نارية تسير على ثلاثة دواليب ومزودة بمقاعد، في زيارة قصيرة إلى ضاحية جزرة الواقعة عند المدخل الغربي لمدينة الرقة.
وقالت: «بعد وصولها إلى منزلها المؤلف من طابق أرضي، تفتح وردة باباً حديدياً قبل أن تدخل وتأخذ بيديها معولاً وتبدأ بقلب التراب الجاف المحيط بالدوالي المزروعة في الباحة الأمامية». وروت وردة السيدة السمراء، حسبما وصفتها الوكالة: «زوجي مريض في القلب ومنذ أن خرجنا من هنا، كل ما يريده هو الاطمئنان على الدوالي، يومياً يقول لي الدوالي عطشى ويجب أن نسقيها».
خلال دقائق، انهمكت وردة الجاسم هزيلة البنية في ري الحفر التي أحدثتها حول الدوالي، آملة أن تروي عطشها وتعود لتطمئن زوجها الذي ينتظرها على أحر من الجمر.
وبعد أن عاينت دالية كبيرة، قالت بحسرة: «انظروا كيف باتت يابسة»، تدعو من حولها إلى قطف العناقيد الخضراء القليلة المتبقية وأكلها.
وتمكنت «قسد»، المدعومة من «التحالف الدولي»، من طرد داعش من ضاحية جزرة قبل أن تدخل في السادس من حزيران إلى مدينة الرقة، حيث تخوض معارك على جبهات عدة.
وبخلاف الأحياء التي سيطرت عليها هذه القوات داخل مدينة الرقة، لفتت الوكالة إلى أنه لا تبدو آثار المعارك على شوارع هذه المنطقة.
وتابعت: بعد انتهاء وردة من الري، ترتسم ضحكة على وجهها، حيث تدخل مسرعة إلى غرف المنزل برفقة مقاتل من «قوات سورية الديمقراطية»، وتبدأ بجمع ما تحتاجه من أغراض لتأخذها معها، ثم تحضر كيساً من النعناع اليابس وحمالة صدر ملونة وأغراضاً أخرى. لتطلب من المقاتل إذناً للصعود إلى سطح المنزل «لإحضار الملوخية التي كانت تجففها تحت الشمس». وقبل أن تغادر، تهم إلى برميل «مازوت» موضوع داخل غرفة للخردة تملأ منه عبوة بلاستيكية تأخذها معها، لتقول بعدها: «ليس لدينا غاز هناك، طلبنا كثيراً ولم نحصل عليه».
وإذا كانت وردة قد عادت أدراجها راضية عن حال منزلها، فلا ينطبق الأمر ذاته على قريبتها وجارتها مريم مصطفى (30 عاماً)، بحسب الوكالة، إذ ما إن وصلت هذه الشابة إلى منزلها حتى وجدت مقاتلين من «قسد» يفترشون الأرض في باحة المنزل في المنطقة التي لا تزال أطرافها تشهد معارك ضد داعش.
وفي المنزل، صدمت بثياب العائلة مبعثرة على الأرض.
وتجولت مريم بانفعال في منزلها، وساد الصمت في الغرف قبل أن يقول لها المقاتلون، «إنهم حين وصلوا قبل يوم واحد، وجدوا المنزل على هذه الحالة»، لتطلب منهم مريم بعدها الحفاظ على ما تبقى في المنزل «أمانة» لديهم.
بعد ذلك دخلت مريم من غرفة إلى غرفة مذهولة، لتجد المطبخ من دون أوان والغسالة مكسورة، وفتحت باب الحمام ثم تنهدت قائلة: «الحمام بخير، وحده صاغ سليم».
في غرفة الجلوس، لا تجد شيئاً، لا المقاعد العربية التي كانت تضعها على الأرض ولا التلفزيون ولا حتى المزهريات التي كانت تزين المكان.
وقالت الوكالة، إنه وقبل أن تهم مريم بالمغادرة، فرشت غطاء أبيض على الأرض داخل غرفة علقت فيها أرجوحة لطفلتها نجاح /8 أشهر/)، وجمعت داخله ما تحتاجه من ثياب وأحذية لبناتها الثلاث وألعاب، موضحة أنه «صحيح أننا لم نكن نرتدي الثياب الملونة لكنها عزيزة عليّ وأريد أن آخذها معي».
وقالت مريم: «جئنا إلى المنزل ووجدناه خراباً، كل شيء مكسور أو مسروق، لم يبق شيء في المنزل أبداً»، وأضافت: «الحمد للـه نحن طيبون (أحياء) وأولادنا طيبون والدنيا بخير، كل شيء يمكن إصلاحه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن