قضايا وآراء

المشهد يتغير..

باسمة حامد : 

المشهد في سورية – وهي تخوض المواجهة للعام الخامس على التوالي- بدأ يتغير إيجابياً على الصعيدين السياسي والميداني، فالخروج من فرضية «إسقاط النظام» التسليم بانتصار الدولة على المشروع التكفيري في ضوء الوعي بأهمية الدور السوري أصبح سمة المرحلة الراهنة.
ومن الواضح أن الجميع بدأ يعيد حساباته في ظل تنامي الإرهاب واتساع رقعته، وخصوصاً أن أكثر ما يثير رعب العالم اليوم هو الإجابة عن السؤال التالي: ماذا لو لم يُهزم «داعش»؟!!
ولعدة أسباب، أصبح الدور السوري يشكل ضرورة عربية وإقليمية لمواجهة التطرف وحفظ الأمن والاستقرار والحد من مخاطر الإرهاب، فالجيش العربي السوري استعاد زمام المبادرة وانتقل من الدفاع إلى الهجوم وحقق إنجازات كبيرة في أكثر من جبهة كتدمر والحسكة والسويداء والزبداني وسهل الغاب وحلب وأفشل عواصف الجنوب المتكررة في درعا، وحلف المقاومة يعيد تصويب البوصلة باتجاه القضية الفلسطينية (الطريق إلى القدس يمرّ عبر سورية)، وحليفا دمشق الروسي والإيراني جددا تأكيد دعمهما «الحكومة الشرعية في سورية» على هامش قمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس واتحاد أوراسيا الاقتصادي في مدينة أوفا الروسية، وبعض الدول الأوروبية العضو في حلف الناتو كجمهوربة التشيك تعتزم دعوة مجلس الأمن لحل الأزمة في سورية لأنها «ليست حرباً أهلية بل هي حرب بالوكالة».
بالمقابل، واشنطن فشلت باحتواء التنظيم الإرهابي المتطرف الذي يهدد أنظمة صديقة لها كالسعودية والكويت وتونس والبحرين والأردن وغيرها.. ولم تعثر على «معارضين سوريين معتدلين» لمحاربته، كما أن خلافها مع النظام التركي على أشده بشأن الأكراد (واشنطن تعول عليهم في الحرب على «داعش»، في حين أنقرة قلقة من إمكانية إنشاء الأكراد لدولة مستقلة على حدودها يؤيد قيامها 14 مليون كردي بالداخل التركي).
وما يؤكد وجود إدراك جدي لحجم هذا الدور ومكانته على مستوى المنطقة إعادة تأكيد المسؤولين الروس دعوة الرئيس بوتين (بعد ضمان دعم دمشق لها) بخصوص تشكيل تحالف دولي يضم دول المنطقة للتعاون المشترك والوقوف بوجه «داعش»، باعتبارها: «المبادرة القيّمة الأجدر بالتطبيق في هذه المرحلة بالذات» وفق تعبير وزير الخارجية الروسي لافروف.. وهذا الأمر مع تلميحات أمين عام الجامعة العربية حول استعداده للتحاور مع الحكومة السورية، يثبت أن بعض الدول المتورطة بدعم الإرهاب التي أخذت ضمانات سابقاً من موسكو «بعدم إرسال طائرة لإنقاذ الرئيس الأسد إن وصلت المعارضة إلى القصر الرئاسي» طلبت وساطة الجانب الروسي لتصحيح العلاقات مع سورية تحت عنوان: «المصلحة المشتركة»!!
ولا شك أن تأثير الدور السوري سيلقي بظلاله على الدول الأخرى التي ستسعى إلى التشدد في محاربة الإرهاب «المتأسلم» مستقبلاً من دون أن تعير اهتمامها لبيانات التنديد والشجب والاستنكار الصادرة نفاقاً وانتهازية من الغرب ومنظمات «حقوق الإنسان» كما هو الحال في مصر، حيث سيعمل الجيش المصري بثقة أكبر لاجتثاث هذه الآفة.
ومن الممكن تلمس بوادر هذا التوجه من زاوية الإعلام الخاص في مصر لأنه بدأ يغير لهجته أخيراً، ويسلط الضوء على رواية «النظام السوري» عن الأحداث التي تشهدها البلاد، ويستضيف بعض مؤيدي الدولة السورية من فنانين ومثقفين وسياسيين، ويحرص على تمرير عناوين محددة على لسانهم من قبيل أن الدولة «لم تسقط ولن تسقط» وهي صامدة ومن معها سيبقى معها، وأن الرئيس الأسد «محترم وطيب»، ما يعني أن دولاً خليجية تموّل هذا الإعلام بدأت تنزل عن الشجرة في الملف السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن