معركة عرسال والجغرافيا
| ميسون يوسف
مع انطلاق معركة عرسال لتحريرها وجرودها من الإرهاب وخاصة من تنظيمي جبهة النصرة وداعش، تنكشف حقائق وتسجل نتائج سترتد على سورية ولبنان إيجاباً وبشكل أكيد ومتسارع. وبداية نذكر بأن الإرهابيين والمستفيدين من غطاء لبناني شكله لهم تيار المستقبل وحلفاؤه فيما كان يسمى 14 آذار، اتجهوا إلى عرسال وأقاموا فيها قاعدة إرهابية هددت الأمن والاستقرار في لبنان ورفدت الجماعات الإرهابية التي انتشرت في القلمون السوري وصولاً إلى الغوطة الغربية لدمشق. ومن أسوأ ما حصل في هذا الإطار أن الطبقة السياسية اللبنانية المنصاعة للسعودية غلت يد الجيش اللبناني عن معالجة الوضع ما أدى وبشكل دراماتيكي إلى كارثة لحقت بالجيش اللبناني في آب من عام 2014، حيث قامت تلك الجماعات بمهاجمة مراكز الجيش وأسرت العشرات من أفراده، ما زال 25 منهم رهائن لدى تلك الجماعات.
أما اليوم ومع المتغيرات التي سجلت في الميدان السوري وانهيار متلاحق في صفوف الإرهابيين ومع المتغيرات السياسية اللبنانية التي تشكلت بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد وتعيين قائد جديد للجيش، وبعد إخفاق المفاوضات التي هدفت إلى إخراج الإرهابيين من كامل الحدود اللبنانية السورية عند السلسلة الشرقية، مع كل هذا نضجت الظروف التي تناسب إطلاق المقاومة اللبنانية التي ينظمها ويقودها حزب الله، إطلاق معركة تحرير الجرود، معركة انخرط فيها الجيش اللبناني رغم أنف المكابرين والمرتبطين بالمشروع الصهيوأميركي الوهابي في لبنان والذين عملوا كل ما بوسعهم للإبقاء على منطقة عرسال منطقة للإرهابيين لإيذاء سورية، مع علمهم التام أنه لا يمكن فصل ما يجري في عرسال من أحداث المنطقة.
فعرسال هي جزء من ميدان الصراع الأساسي في سورية حيث المواجهة الأساسية اليوم وحيث عرسال لا يمكن عزلها في المدى الجغرافي عما يجري في الإقليم.
لقد حققت المقاومة في معركتها جنبا إلى جنب مع الجيش العربي السوري والجيش اللبناني إنجازات عسكرية سريعة توصلت خلالها وفي مهلة أربعة أيام فقط إلى تطهير ثلاثة أرباع المنطقة التي تسيطر عليها جبهة النصرة الإرهابية، وما تبقى لن يستهلك الوقت الكثير بل ستطهر المنطقة كلها ليكون الانتقال بعد ذاك إلى طرد داعش أيضاً من شمال عرسال وجرودها وليدخل لبنان في دائرة الاستقرار الأمني ويتكامل الأمر مع تطهير كامل القلمون السوري وإراحة دمشق من الغرب وطريق حمص دمشق كلياً.
إن عملية تطهير جرود عرسال ستكون للقاصي والداني نموذجاً لما يجب أن يكون الوضع عليه بين لبنان وسورية من تعاون وتنسيق يحدث تكاملاً في المنظورة الأمنية والعسكرية للبلدين.