بوابة الأمل مفتوحة لمستقبل تشكيلي واعد … المعرض الأول لفناني الوورك شوب في المركز البصري خلاصة الفضاء الحواري
| سوسن صيداوي
افتتحت بوابة لأمل كبير، لفن واعد سيكمل الرسالة، وهذه المرة لم يكن خلف البوابة عمل الأستاذ، بل ما قُدم من أعمال فنية هي لطلبة أو خريجين من شباب كلية الفنون الجميلة الذين سيكونون علامة فارقة في الفن التشكيلي والتصوير والنحت والحفر المطبوع، وخاصة بعدما قام مركز الفنون البصرية باحتوائهم والعمل معهم ضمن منظومة حوارية فيها الكثير من حرية الرأي والإبداع الفني للشباب المشاركين في ورشات عمل استمرت لعدة سنوات، ووصل عدد الفنانين المشاركين في هذا المعرض الأول إلى ثلاثة وأربعين فنانا، كما كانت الأعمال الفنية المقدمة أجمل ما اشتغلوا واجتهدوا عليه، وتم العرض بأبهى صورة تدل في مكنوناتها على التقدير والدعم لهذه المواهب السورية الفتية.
الشباب حركة المستقبل
تحدث مدير مركز الفنون البصرية غياث الأخرس عن نتائج هذا المعرض وما قدمه الطلاب والخريجون من أعمال عالية المستوى، مشيراً إلى ضرورة ورشات العمل وأهميتها في مجالات الإبداع قائلاً: «المحور الأساسي لهذه الورشة ولهذا المعرض هو إطلاق الشباب بعيداً عن أي تقييد، فالورشة هي فضاء حواري فيه مجال واسع للنقاش، حيث يسمح بالنقاش حول العمل الفني من دون فرض أي وجهة نظر على صاحبه، أو حتى الطلب بأن يقوم بتغيير عمله، وأنا فخور وسعيد جداً بهذا المعرض الأول، لأنه أصبح لدينا لوحات بهذا المستوى، وبوصول المشاركين إلى مستوى يختلط فيه الأمر على أساتذتهم، بعدم القدرة على تمييز أعمالهم لكونهم طلبة أو حديثي التخرّج، وخاصة عندما تكون الأعمال معروضة في معارض جماعية، حيث يجد الأساتذة أن اللوحات تماثل لوحاتهم في المستوى، وبأن الطلاب في المستقبل سيأخذون محل أساتذتهم، وهذه الفكرة محقة، لأن هؤلاء الطلاب هم أهل الحركة التشكيلية المستقبلية، لذلك من واجبنا أن نبذل كل الجهود لأجلهم، وأن يمارسوا الرسم بحرية وبأخلاق وبثقافة. وفي هذا المعرض وبعد أن انتهيت من معماريته وتنسيقه والذي استغرق مني عشرة أيام، كنت في الافتتاح قد تفاجأت في المستوى الفني، وهذا أمر لا نجده أبداً في معارض أو صالات أخرى، وخاصة في ظل الفراغ الثقافي التشكيلي المرعب، فأنا أرى أن الحركة الثقافية والفنية التي نعيشها في الوقت الحالي هي حركات مريضة وتحتاج إلى العمل الجاد، وخاصة لأن لدينا ما يمكن أن أصفه بالتعبير التالي: وهو البخل في العطاء المعرفي، فكل من لديه هذا الأمر يبخل به على الآخرين، وذلك بسبب الأنانية والفردية التي نتسم بها، وبالمقابل لا يوجد جو رديف يشجع ويحرّض، وهنا وضمن نشاطاتنا في المركز نحن نسير على الدرب الصحيح بعكس الآخرين، فالمركز يعتمد على الشباب لأنهم هم من سيستلمون الحركة في المستقبل».
الورشة فضاء حواري
كان الفنان التشكيلي سعد القاسم موجوداً في افتتاح المعرض، وتحدث لنا حول أهمية ورشات العمل وخاصة عندما نكون قادرين على القيام بها بمفهومها الصحيح من حيث خلق فضاءات واسعة من الحرية في صياغة الفكر التشكيلي وفق مفهوم الفن بحد ذاته، قائلاً «عموماً فكرة ورشة العمل ليست واضحة لدينا، وخاصة في المجال التشكيلي والمجالات الإبداعية، فكثير من الفنانين والمشرفين على الورشات يتعاملون معها وكأنها جزء من العملية التعليمية، ويعطون المشاركين ملاحظات تدريسية، كما يتم تصليح الأعمال بيد الأستاذ المشرف، طبعاً هذا الأمر مناقض تماماً لمفهوم ورشة العمل التي تعتمد على الحوار الفكري بين المشرفين والفنانين الشباب، لأن أساس هذا الحوار هو الوصول إلى طريقة تفكير الشباب تشكيلياً، وطبعاً في الفن التشكيلي لا يجوز أن تقدم الفكرة رداءة العمل، وإذا لم يكن الحامل الفني عالي المستوى فلا فائدة من العمل بحد ذاته، بمعنى يجب أن يكون لدى الفنان التشكيلي قدرة على أن يقدم فناً منسجماً وفيه تناغم، وبعدها تأتي نوعية الأفكار التي يحاول أن يوصلها، لأنها تأتي مع الزمن والخبرة، ومن هنا يأتي دور الورشات لأن أهم أمر فيها هو مناقشة الشباب على المستوى التشكيلي المقدم وليس على مستوى الفكرة المقدمة، إضافة إلى التوازن والألوان والتقنيات. وميزة هذا المعرض أن قسماً كبيراً من الفنانين طلاب في كلية الفنون أو خريجون. أما بالنسبة للمركز البصري فهو حالة مستقلة عن الحالة التعليمية، حيث يتعامل مع خريجين أو طلاب أو أشخاص موهوبين لم يدرسوا في كلية الفنون، فهو حالة لتوثيق ذاكرة الفن التشكيلي السوري، والأمر المهم الذي لابد من الإشارة إليه أن المركز وفرّ طريقة عرض فيها كل الشروط الصحيحة، حيث يتمكن الزائر من مشاهدة كل الأعمال الفنية من دون أي تشويه بصري».
ورشات بإضافات
تحدث الفنان التشكيلي عضو مجلس الإدارة في مركز الفنون البصرية وسام قطرميز عن تنوع الورشات وما ضمته من أعمال فنية قائلاً: «الأعمال المعروضة حالياً في الورشة هي مجموعة أعمال لورشات متعددة لطلاب من أقسام الحفر والنحت والتصوير، تم انتقاؤها وفق معايير تتيح عرض أفضل أعمال نتاج الطلاب، فالمركز حريص على إقامة المعارض الدورية للفنانين الخريجين والطلاب الملتزمين بورشات المركز، وتتميز أعمال النحت في هذا المعرض بتنوعها وبخاماتها المتعددة، فالخشب أضاف إضافات جيدة، وفي المستقبل سيضاف إلى المجموعة إضافات في التشكيل بالمعدن، حيث سيقوم المركز بتبني فكرة تعدد التقنيات في جميع الأقسام، وبالنسبة لقسم التصوير هو نتاج عدة ورشات عمل، نجد فيها غنى وتنوعاً كبيرين يثبت أن سورية ما زالت بخير وعطاؤها مستمر، والذي لابد من ذكره والتركيز عليه بأن المركز يعطي الفرصة للخريجين وغير الخريجين لإبداء وجهة نظرهم بأريحية تامة، وبالتالي يقوم الفنان بإبداع ما يراه مناسباً وبتوجيه من بعض المشرفين ومدير المركز لتقويم عمله الفني وتصويبه بالشكل المناسب».