«بوح عاشق وحبق» حالة مستوحاة من حبق … زريق: أنا متذوق وعاشق للون لأنه كالموسيقا يحرضني على الكتابة
| سارة سلامة
يقولون إن زمن الشعر قد انتهى، ولكنني رأيت اللـه يكتب الشعر في دمشق، فعلمت أن زمن الشعر ابتدأ وعندها فتحت أبواب أبياتي للقصائد التي كتبها اللـه ورددتها البحور فكانت بوح عاشق من الحبق إلى الحبق.
بهذه العبارات وصف الشاعر محمد منذر زريق حالة الحب والسمو والعشق التي تشكّلت لديه في صالة «ألف نون» وبالتحديد في معرض حالة حبق الذي تولدت فيه طاقات لـ43 فناناً من جميع أنحاء سورية، المعرض الذي يعتبر كتلة تجمع بين الكلمة واللوحة والمنحوتة والموسيقا، تآلفوا معاً ليخلقوا ويبدعوا الجمال والحب والعشق وينشروه في بلدنا مبشرين بمستقبل جميل.
زريق توحد مع الفنانين وشعره هذا بمنزلة البذرة التي تولدت من نتاج الأعمال كلها تاركاً مساحة للبوح والتعبير عن حالة العشق والمحبة والخير، وصاغ مجموعته الشعرية بحروف من ذهب عن الأرض والجمال والإنسان حيث قال: «من الشمس خلق اللـه سورية ومن دمشق ملأ الأرض بالمدن، وعندما زرع الحبق زال القبح فبنى اللـه جسراً بين الحب والحق، فمشى عليه الإنسان وتعلم الكلمات ليرسم ويكتب الشعر».
جاء توقيع مجموعة «بوح عاشق وحبق» في ختام فعاليات معرض «حالة حب ق1» الذي نظمته صالة ألف نون للفنون والروحانيات للتشكيلي بديع جحجاح، وضمت المجموعة 18 قصيدة خاطب فيها الشاعر الحروف وجمالياتها والقصب بحنانه والعهد والمطر وبردى والعيد وحلب الشهباء والحبق.
شاعر يرسم بالكلمات
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال الشاعر محمد منذر زريق: إن «هذه المجموعة تأتي من وحي معرض حالة حبق الذي نظمه الفنان بديع جحجاح وجمع عدداً كبيراً من الفنانين، هذه الحالة الجميلة جعلتني أشعر بالتفاؤل والمحبة ودفعتني لأقدم شيئاً بمنزلة الهدية للمعرض وعلى الرغم من أن المجموعة صدرت في وقت قليل جداً لكنها كانت تعبيراً من داخل قلبي عن محبتي للفنانين والذين عملوا في الحرب التي تمر بها سورية وآمنوا بها وآمنوا بالمستقبل ومازالوا مستمرين في تقديم الجميل».
وأضاف زريق: إن «المجموعة هي عبارة عن 18 قصيدة أولها حبق وآخرها حبق في تحية مني لهؤلاء الفنانين، وبينهم 16 قصيدة منوعة من تجاربي الشعرية وهي هدية لسورية ولدمشق التي أعشق ولكل التشكيليين السوريين، وأنا بكل بساطة شاعر يرسم بالكلمات مثلما هم يكتبون الشعر بألوانهم والتكامل بين الفنون هو أجمل وأرقى أنواع الإبداع».
وأفاد زريق: أن «الحالة التي قام بها بديع جحجاح في «ألف نون» محرضة للإبداع ولم أكن أتخيل بمكان ما وبوقت كهذا اجتماع هذا العدد الكبير من الفنانين وتقديم هذا الكم الهائل من الجمال، وحاولت التركيز على القصائد التي لها علاقة باللون لأن الفن التشكيلي يجذبني كثيراً ويحرضني كثيراً، وأنا متذوق وعاشق للون، فاللون مثل الموسيقا يحرضني على الكتابة وأحاول دائماً أن أغوص داخل اللوحة أو المنحوتة وأقرأها بطريقتي، وأتمنى من كل السوريين التركيز على كل ما هو جميل فالله هو الجمال، فعلينا أن نؤمن بالجمال والغد السوري هو الأجمل».
مناخ مملوء بالأنسنة
ومن جهته قال الفنان التشكيلي بديع جحجاح: إن «هذا الديوان الصغير المسمى (بوح عاشق وحبق) فالعاشق هو الشاعر نفسه محمد منذر زريق الذي يعشق الفن ويعشق كل منظومة الجمال بهذا البلد إضافة إلى أن لديه حالة من العشق الصوفي الشامي التي لها علاقة بالرحمة والتسامح واللطف والودّ، التقت هذه الرؤية بحبق الذي جمع عبر منظومته 43 فناناً والطاقة الكبيرة من الحب التي أحاطت بها قدرت أن تؤلف هذه الطاقة مع الفنانين».
وأضاف جحجاح: إننا «أردنا اختتام معرض (حالة حبق) بحالة تحتوي على المزيج من الموسيقا والكلمات والمفردات والجمل الإنسانية، بهذا الثراء الذي اسمه (ألف نون) فعندما نذكر ألف نون سنعرف أنه مكان من البهجة ومناخ مملوء بالأنسنة التي هي من تحكم وليس الأديان ولا الطوائف فهو بمنزلة جينات جديدة ولدت في عزّ الحرب لتقول إن الفكر الجديد أو الفكر الأصيل السوري الحقيقي هو بحاجة إلى بذور مستدامة وليس مشاريع لحظية آنية تعتني بكيفية تحويل هذه البذرة إلى أشجار باسقة لا تلعب فيها الريح».