إطلاق العرض الأول لفيلم «ماورد» … الأحمد: الشريط مكتوب بشكل مؤثر وفيه كل العوالم السينمائية المطلوبة
| وائل العدس- تصوير طارق السعدوني
أطلقت المؤسسة العامة للسينما العرض الأول والخاص لفيلم «ماورد» في صالة سينما سيتي في دمشق بحضور شخصيات رسمية وفنية وثقافية.
الشريط للمخرج أحمد إبراهيم أحمد وسيناريو سامر محمد إسماعيل عن قصة «من يقرع الجرس» للأديب محمود عبد الواحد.
والفيلم حكاية توغل في الرمز عن قرية يعيش أهلها على زراعة الوردة الشامية وتقطيرها ليسرد عبر مشاهده مراحل الحياة السياسية المعاصرة التي عاشتها سورية ضمن إسقاط لعلاقة حب ربطت المعلمين الثلاثة الذين تولوا تدريس الأطفال في مدرسة القرية بفتاة جميلة جذابة اسمها «نوارة»، لكن الفتى اليافع «محمود» هو الذي أحبها ببراءة حتى إنه احتفظ بصورها عشرات السنين وخبأها من أيدي الإرهابيين التكفيريين عندما اقتحموا هذه القرية وأحرقوها وقطعوا ورودها.
ويتناول الشريط تاريخ سورية بعد الاستقلال، عبر ثلاث مراحل زمنية، تبدأ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وصولاً إلى ثورة الثامن من آذار 1963، مبرزاً الصراعات الفكرية التي عاشها السوريون خلال تلك المراحل، وتأثيراتها الممتدة حتى يومنا الحالي مع ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي.
ويؤدي أدوار البطولة كل من: رهام عزيز، ونورا رحال، وعبد اللطيف عبد الحميد، ورامز أسود، وفادي صبيح، وأمانة والي، ووسيم قزق، ولجين إسماعيل، ويوسف المقبل، ووفاء العبد الله، وسعيد عبد السلام، والطفل علي حسين، علماً أن الشريط أول تجارب المخرج السينمائية الروائية الطويلة.
تجربة ثرية
وفي تصريحه للصحفيين وصف وزير الثقافة محمد الأحمد سيناريو الفيلم بأنه من أفضل السيناريوهات التي قرأها وهو مكتوب بشكل مؤثر وفيه كل العوالم السينمائية المطلوبة، مؤكداً ترحيب مؤسسة السينما بكل من يمتلك تميزاً ورؤية.
وأضاف: البعض كان يأخذ على مؤسسة السينما اعتمادها على مخرجيها وهي اليوم تدحض هذه المقولة عندما نستضيف مخرجاً قادماً من عالم التلفزيون له تجربة ثرية في الإخراج الدرامي، مشيراً إلى أن تاريخ المؤسسة يؤكد أنها لم تكن منغلقة على ذاتها حيث تعاونت مع مخرجين عرب أمثال الفلسطيني برهان علوية والعراقي قيس الزبيدي والمصري توفيق صالح.
وثيقة وشاهد
بدوره قال مدير المؤسسة العامة للسينما في كلمته: كان همنا دائماً ومازال أن ننتج أفلاماً سينمائية حقيقية تعالج قضايا حياتية واجتماعية وتعبر عن هويتنا السورية وتجمع في ثناياها حضارتنا وإرثنا وثقافتنا إلى أن حلّت علينا هذه الحرب الظالمة التي طالت كل واحد منا، فأضحى للسينما مهمة جديدة تصدت لها بأمانة طوال سنوات هذه الحرب ولم تتخل للحظة عن الدفاع عن هويتنا السورية وعن حضارتنا العريقة في وجه التكفيريين الحاقدين، فصرنا نصنع من مآسينا أفلاماً سينمائية. ولكن نصنع منها أفلاماً لا لكي نشاهدها فحسب، وإنما نصنع منها وثيقة وشاهداً للأجيال القادمة كي تستطيع على الدوام استحضار ماضيها والتعلم منه، وتأخذ من هذا الماضي الجرعة الكافية لتجعل منه عبرة لحاضرها ومستقبلها المرتقب وتحمل في مكامنها العميقة كل صفات الإنسانية اللازمة كي ترتقي بنفسها إلى عتبات قدسية الوطن.
وأضاف: نصنع هذه الأفلام كي تكون الدليل الأكبر والوثيقة الأعمق والأصدق بأن هذه الأرض سنحتاج دوماً إلى رجال حقيقيين يذودون عنها ويقدمون لها الغالي والنفيس كي تنعم بحياة هادئة وراغدة وتؤكد للشباب السوري الواعد أن عزة النفس والشهامة والمبادئ التي ناضلنا من أجلها هي كنز السوريين وزادهم من هذه الدنيا مهما قست عليهم الأيام، ولنعلم أن هذه الحرب كانت فقط لأننا سوريون ولأن هاماتنا عالية علو الجبال وإرادتنا صلبة لا تنكسر وعزيمتنا لا تخبو. ولكن كم هو جميل أن نتوقف للحظة ونحن في عين هذه الحرب وننظر إلى جمال بلدنا ورقته وحنانه ورأفته بنا.
وختم: فيلمنا اليوم هو فيلم عن الجمال والحب والرائحة العطرة وفيه عبق تاريخنا ومرارته، فسلاماً لسورية الأم أولاً وسلاماً لكل يد شريفة تذود عن هذا البلد الشريف إن كانت من أبنائه في الجيش العربي السوري أم من القوات الرديفة.
الذهنية السينمائية
مخرج الفيلم أحمد إبراهيم أحمد كشف للصحفيين عن الاختلاف الكبير في طبيعة العمل الإخراجي بين التلفزيون والسينما من إخراج مسلسل يضم 30 حلقة إلى فيلم تتراوح مدته بين الساعة والنصف إلى الساعتين، على حين تعتمد السينما مبدأ التكثيف، متمنياً أن تكون الذهنية الإخراجية التي قدمها لامست السينما.
وأوضح أن الفيلم يمر عبر ثلاث مراحل، المرحلة الأولى شيخ الكتاب والتي يؤدي دورها عبد اللطيف عبد الحميد، والمرحلة الثانية مرحلة الليبرالية (البرجوازية الوطنية في سورية) ويجسدها رامز أسود، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة ثورة الثامن من آذار ويؤديها فادي صبيح، وقد تم تعديل بعض مشاهد الفيلم لتضاف إليه أحداث الحالة السورية عبر تقنية (فلاش باك) بطريقة الدلالات والرمزيات.
وأكد أنه لا يجوز إنجاز عمل فني من دون تناول الأزمة، الأمر الذي اضطرنا لتعديل بعض المشاهد، فالعمل لم ينته عند عام 1963، بل بدأنا من زماننا هذا وعدنا بـ«فلاش باك» عن طريق إحدى الشخصيات بشكل توظيف درامي صحيح، ومررنا على الأزمة بدلالات رمزية من دون أن نغوص بالتفاصيل.
أنثى قوية
أما بطلة الفيلم رهام عزيز فقالت لـ«الوطن»: في شخصية «نوارة» حاولنا أن يكون كل شيء طبيعياً بالنسبة للشكل، بمعنى أنني صبغت شعري باللون البني بناء على طلب المخرج طبعاً، وظهرت من دون ماكياج تقريباً ولا رموش ولا أظفار، واستخدمنا غطاء أصفر لنغطي بياض الأسنان لأظهر بشكل الفتاة الريفية البسيطة بحقبة الخمسينيات، والملابس طبعاً كلها كانت فساتين تنتمي لتلك الحقبة.
وأكدت أن «نوارة» هي فتاة ريفية بسيطة عفوية محبوبة بالوقت نفسه، تشعر بالسعادة لأن كل الرجال معجبون بها، وممكن أن تستغل أنوثتها أحياناً بشكل بريء وذكي لتحقق شيء أو تساعد أحد، يعني أنها أنثى قوية بالعموم، لأنها تعمل بالأرض بعد وفاة والديها، وتعمل بزراعة الورود وتقطيرها فتصنع منه «ماورد» و«مربى الورد»، وهي مسؤولة أيضاً عن شقيقها الأخرس.
وتابعت: إنها فجأة تعشق شخصاً غريباً عن الضيعة، ويلفتها بأناقته ورقيه وتميزه وثقافته وحضوره واختلافه عن باقي الشباب، فتستسلم له رغم أنه متزوج، لتكتشف بعدها أنه شخص لعوب ومحتال، وعندها تدخل بحالة من الحزن والكآبة واللامبالاة.
وعن مشاركتها بالفيلم كشفت أنه كان هناك تجارب أداء لدور البطولة، وبعد المثول أمام اللجنة المكونة من مخرج الفيلم أحمد إبراهيم أحمد، ولمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، وبوجود الفنان رامز الأسود ومدير التصوير عقبة عز الدين نال أدائي إعجاب القائمين على الفيلم وتم اختياري لتأدية دور البطولة.
امرأة فرنسية
وكشفت نورا رحال التي تؤدي دور امرأة فرنسية قدمت إلى سورية لاستغلال خيراتها، أن العمل بعيد عن الحالة التي نعيشها حالياً كصورة وطرح بوجود البساتين والورود والألوان، رغم تشابه الفكرة بوجود الاستغلال الدائم، ويبتعد الفيلم عما توجهت له الأفلام السورية في الفترة الأخيرة، ويتحدث عن الحالات الإنسانية والبشرية والعاطفية والغناء ويضم صوراً إنسانية.
وشددت على أننا بحاجة للغناء الدائم للوطن بعيداً عن الوضع الحالي، والعمل مكتوب منذ زمن قبل الأزمة ولكن تم تعديل بعض أحداثه لتتماشى مع الواقع الحالي.
وأضافت إن العمل السينمائي بالنسبة لها كالقيام برحلة أو مخيم كشاف، حيث تتعرف على مناطق وأشخاص جدد، والطبيعة تفرض نفسها في الفيلم وتضفي عليه بهجة.
وقالت إن الفيلم هو أول تعاون سينمائي مع المخرج أحمد ابراهيم أحمد وصفته بالشخص رحب الصدر والمرتاح مع الكاميرا، كما أن فريق العمل بشكل عام يشبه الأسرة الواحدة.
دور مختلف
أما لجين إسماعيل فقال: مشاركتي اليوم في هذا الفيلم هي مشاركة غنية وفكرة جديدة ومهمة لي كممثل، وأنا أشكر المخرج على منحي هذه الفرصة. أما عن دوري فهو مختلف عن أي دور قمت بتجسيده سابقاً وعلاقتي بالمخرج مبنية على الثقة فهي ليست تجربتي التمثيلية الأولى معه، أجسد شخصية شاب يتغير ضمن الظروف التي تتعرض لها قريته، وعندما تشاهدون الفيلم سوف تلاحظون التطور الذي تتعرض له الشخصية.