شؤون محلية

تناقض آراء للعدل في تطبيق مواد قانون التعاون السكني!

| طرطوس- الوطن

بين آب 2014 وأيار 2017 أقل من ثلاث سنوات، وخلال هذه المدة لم تتغير كوادر وزارة العدل ولا قسم الفتوى والتشريع فيها. لكن مع ذلك رأينا أن الوزارة أصدرت تعميماً جديداً يناقض تعميماً سابقاً لها لم يمض عليه إلا القليل من الشهور، وهذا التعميم الجديد أثار ردود فعل مختلفة في قطاع التعاون السكني، لكونه أفتى بإلغاء أحقية من يتخذ قرار بحقه من اللجوء إلى القضاء خلافاً لنص المادة ( 61) من قانون التعاون السكني وحسب الدستور بشكل عام.
لنبدأ من الرأي الأول فقد وجه وزير العدل السابق نجم الأحمد الكتاب رقم 1285/ت/16850/2014 تاريخ 26/8/2014 إلى المكتب التنفيذي للاتحاد العام للتعاون السكني بخصوص تطبيق المادتين 61/د و62 من قانون التعاون السكني رقم 99 لعام 2011 والذي ينص على أنه « يحق للجهة التي أوقف تنفيذ قرارها أو ألغي ولكل ذي مصلحة حق الطعن بالقرار خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغها للقرار أمام محكمة الاستئناف» وعليه فإن التقدم بالاستئناف لا يتقدم على تقديم التظلم من عدمه لأن نص المادة 61/د لم يشترط للطعن بقرار الوزارة أن يكون بعد رفض التظلم. كما أنه حدد سريان مدة الطعن من تاريخ تبليغ القرار وليس من تاريخ رفض التظلم. وبحسبان أنه لو أن المشرع كان يهدف إلى أن الطعن بقرار إسقاط العضوية يكون بعد رفض التظلم لكان قد نص صراحة على أن سريان مدة الطعن يبدأ بعد رفض التظلم أو بعد انتهاء مدة الرد على التظلم.
وحيث إن المادة /62/ من القانون نفسه أجازت لمن أسقطت عضويته التظلم من قرار الوزارة إلا أن ذلك لا يعني عدم الطعن بالقرار وحصر حقّ العضو الذي أسقطت عضويته بالتظلم لأن حق التقاضي مصون بالدستور كما أن بدء سريان مدة الطعن وفق المادة /61/ يبدأ من تاريخ التبليغ وليس من تاريخ تبليغ رفض التظلم وهذا ما يجعل الطعن بقرار الوزير لا يتوقف على التقدم بالتظلم أو على انتظار نتيجة التظلم في حال تقديمه.
وقد تأيد ذلك بقرار محكمة الاستئناف المدنية بدمشق رقم 30/14 تاريخ 27/2/2013 الذي قضى بردّ الاستئناف شكلاً بسبب تقديمه بعد تقديم التظلم.
مما سبق نخلص إلى أن حق التقاضي والطعن بقرارات وزارة الإسكان وفق قانون التعاون السكني لا يتوقف على تقديم تظلم أو على انتظار نتيجة التظلم باعتبار أن التظلم حقّ لمن أسقطت عضويته لكنه لا يحول دون ممارسة حقه في الطعن بقرار إسقاط عضويته من دون اللجوء إلى التظلم أمام الوزارة.
ومنذ آب 2014 حتى أيار من العام الحالي تم العمل وفق هذا الرأي المستند إلى القانون بعد أن تم تعميمه عن طريق الاتحاد العام ووزارة الأشغال العامة والإسكان.

رأي مناقض
لكن يبدو أن الأمر لم يرق للبعض وعاد الموضوع وطرح مجدداً في وزارة العدل بعد تولي الوزير الحالي مهمته وبعد الدراسة أصدر وزير العدل التعميم رقم /36/ تاريخ 7/5/2017 بخصوص الموضوع نفسه وبما يناقض الرأي الأول وجاء في التعميم «ورد إلى وزارة العدل تساؤلات حول تطبيق مواد قانون التعاون السكني الصادر بموجب المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 وخاصة لآلية تطبيق نصوص أحكام قانون أصول المحاكمات لجهة الطعن أمام محاكم الاستئناف بقرارات وزارة الأشغال العامة والإسكان فيما يخص الجمعيات السكنية.
حيث إن المادة /61/ من قانون التعاون السكني تنص على أن مرجعية الطعن بقرارات وزارة الأشغال والإسكان الخاصة بالجمعيات السكنية هي محاكم الاستئناف التي تنظر بغرفة المذاكرة وعلى وجه السرعة بالطعون خلال مدة ثلاثين يوماً تبدأ من تاريخ تبليغ إدارة قضايا الدولة أو الجهة مصدرة القرار المطعون فيه، وحيث إن نص المادة 291 من قانون أصول المحاكمات تنصّ على: « لا يجوز تنفيذ الأحكام جبراً ما دام الطعن بالاستئناف جائزاً إلا إذا كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في القانون ومحكوماً به».
وحيث إن نص المادة 62 من قانون التعاون السكني أعطت الحق للوزير بمبادرة منه أو بناء على اقتراح الاتحاد العام إسقاط العضوية عن عضو أو أكثر في مجلس الإدارة أو المكتب التنفيذي مع الحرمان من حق الترشيح لدورة انتخابية أو أكثر في حالات محددة ذكرتها هذه المادة. كما جاء في نص المادة في الفقرة /ز/ أنه يحق لمن أسقطت عضويته التظلم إلى الوزارة عن طريق الاتحاد العام ويبت بالطلب خلال شهر من تاريخ تقديمه.
وهذا يعني أن القانون قد أعطى الحق بالطعن أمام محكمة الاستئناف بالنسبة لجميع القرارات التي تصدر سندا للمادة /61/. وأعطت المادة /62/ الفقرة /ز/ حق التظلم أمام الوزارة عن طريق الاتحاد العام لمن أسقطت عضويته سنداً لأحكام المادة /62/ من القانون. ولا تقبل أحكام إسقاط العضوية الطعن أمام الاستئناف. لذلك نهيب بالسادة المحامين العامين وإدارة التفتيش القضائي مراقبة حسن تطبيق هذا التعميم.
والسؤال بعد ذلك: ما سر هذين الرأيين المتناقضين الصادرين عن وزارة العدل؟ وماذا بشأن من طعن بقرارات إسقاط عضويتة أمام المحاكم وأعيدت إليه عضويته بعد تظلمه للوزارة؟ وماذا عن الحالات الجديدة؟
أسئلة نضعها أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض في ضوء القانون وأسبابه الموجبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن