معاملة الأقمشة المستوردة كمدخلات الإنتاج يثير حفيظة صنّاعها المحليين ويعتبرونها دعماً لتجار الألبسة … رئيس اللجنة الاقتصادية لـ«الوطن»: مناقشة موضوع الأقمشة خلال اجتماع الغد .. رئيس اتحاد غرف الصناعة: أناشد رئيس الحكومة للتدخل بتصحيح الخطأ
| الوطن
أثارت أخبار عن قرار للجنة الاقتصادية بتشميل الأقمشة بالمرسوم رقم 172 لعام 2017 القاضي بتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50 بالمئة على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعات المحلية، حفيظة الصناعيين، والحلبيين بصورة خاصة، على اعتبار أن قطاع صناعة الأقمشة في صلب نشاطهم الصناعي، وهناك آلاف المنشآت والورش الصغيرة والمتوسطة المعنية بهذه الصناعة بشكل خاص.
رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي، الذي علّق على صفحته الخاصة عبر «فيسبوك» عدة مرات خلال اليومين الماضيين حول خطورة الأمر، استغرب في تصريح لـ«الوطن» صدور هكذا قرار دون دعوة الاتحاد لمناقشته عملاً بمبدأ التشاركية، الذي يتم التشديد عليه بشكل مستمر من رئاسة مجلس الوزراء، كاشفاً عن حالة من الإحباط تسود الوسط الصناعي الحلبي اليوم، إذ هناك مئات من أصحاب الورش والمنشآت المعنية بصناعة الأقمشة توقفوا عن الإنتاج، إثر قرار اللجنة الاقتصادية، علماً بأن الاتحاد عرض لكامل التفاصيل وقدم مقترحات للجنة الاقتصادية حول الموضوع، عبر مذكرة تفصيلية، إلا أنه لم يتم دعوة الاتحاد ليناقش هذه المذكرة مع اللجنة، إضافة لذلك «اتصلت بوزير الاقتصاد لما سمعت بوجود نية لاستصدار قرار كهذا، وناقشنا الموضوع، إلا أن المفاجأة كانت بصدور القرار، ويبدو بضغط من بعض مصنعي الألبسة على حساب آلاف ورش ومنشآت تصنيع القماش».
وأوضح الشهابي لـ«الوطن» أن الحلول المقدمة تتلخص بالسماح باستيراد الأقمشة التي لا تصنّع محلياً، وبأي شكل من أشكال الإعفاءات، على أن يتم السماح مؤقتاً باستيراد الأقمشة التي يمكن تصنيعها محلياً، ومنشآتها قيد التعافي، ريثما تعاود الإنتاج مجدداً، ومنع استيراد الأقمشة المصنعة محلياً، والموجود بكثافة، مثل التريكو والمنسوجات القطنية، منوهاً بأن هذا القرار يضر القطاع العام كما الخاص لوجود معمل حكومي ينتج النسيج القطني، ما يفقد هذه المنتجات المحلية القدرة على المنافسة السعرية أمام المنتجات الصينية بعد تخفيض رسومها الجمركية إلى النصف.
وختم الشهابي قائلاً: «أناشد رئيس الحكومة لأنني أثق بأنه يريد دعم الصناعة المحلية للتدخل بتصحيح هذا الخطأ، وتفعيل التشاركية في مثل هذه القرارات».
من جانبه رأى الصناعي مصطفى كواية (عضو غرفة صناعة حلب وصناعي يعمل في مجال الأقمشة) أن القرار مجحف وجائر بحق الصناعة الوطنية، إذ إنه يتسبب بإيقاف نحو 70 بالمئة من معامل حلب، وبالتالي مئات العمال سوف يخرجون من العمل، ليزيدوا من معدل البطالة في البلد، موضحاً أن من غير الوارد اعتبار القماش مادة أولية لكونه يمرّ بعدة مراحل تصنيع قبل وصوله إلى مرحلة القماش، تبدأ بحلج الأقطان ثم صناعة الخيط وإنتاج الخيوط القطنية «الحياكة ثم الصباغة والطباعة ثم مرحلة النسيج الآلي وتحضير الأقمشة، وهذا القرار يعني توقف العمل في المنشآت والورش العاملة في تلك المراحل، متسائلاً: «هل الحكومة متجهة لدعم التجار فقط؟ علماً بأن توجهات القيادة تؤكد دعم الصناعة والصناعيين».
وبناء عليه عقدت غرفة صناعة حلب اجتماعاً طارئاً للجنة الصناعات النسيجية انتقدت فيه قرار اللجنة الاقتصادية المتعلق بإدراج الأقمشة بقائمة المرسوم التشريعي 172 والمضاعفات السلبية التي سوف تنتج عنه.
وتم خلال الاجتماع مناقشة عدة نقاط والمطالبة بإلغاء هذا القرار واعتماد الأسعار الاسترشادية التي تم الاتفاق عليها في اجتماع سابق عقد في وزارة الاقتصاد، مؤكدين أن هذا القرار يعد قراراً خطيراً لأنه سوف يؤدي إلى إغراق الأسواق بالأقمشة المستوردة وعدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة بالأسواق المحلية ومن ثم توقف صناعات الخيوط والأقمشة والصباغات نهائياً عن العمل علماً أن صناعة الألبسة هي الحلقة الأخيرة في إنتاج الصناعات النسيجية وقادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية لأن سعر الصرف يجعلها أقل تكلفة عالمياً.
ولمتابعة حيثيات الموضوع لدى الجهات الرسمية، اتصلت «الوطن» بوزير المالية مأمون حمدان الذي يترأس اللجنة الاقتصادية، وقد أكد أن موضوع تشميل الأقمشة بمرسوم الإعفاء من 50 بالمئة من رسومها الجمركية، على اعتبارها من مدخلات الإنتاج سوف يعرض للدراسة في اللجنة الاقتصادية خلال اجتماعها يوم غد، وسوف تتم مناقشته بشكل مفصّل، مؤكداً وجود مذكرة حول الموضوع من اتحاد غرف الصناعة، تتم دراستها، ويفترض أن تتم دعوة ممثل عن الاتحاد للحضور ومناقشة الموضوع.
من جانبه بيّن مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ثائر فياض لـ«الوطن» أن المرسوم رقم 172 واضح لجهة إعفاء المواد الأولية ومدخلات الإنتاج من نسبة 50 بالمئة من الرسوم الجمركية، وذلك بهدف دعم وتحفيز الصناعة المحلية، منوهاً بأنه لا يمكن استثناء الأقمشة من المرسوم على اعتبارها من مدخلات الإنتاج في صناعة الألبسة.
وأكد وجود آلية أخرى لمعالجة الأمر، بما يضمن دعم الصناعة المحلية في مجال الأقمشة، من خلال إعادة النظر بالأسعار التأشيرية للأقمشة، وهذا ما تتم دراسته حالياً، مؤكداً عقد اجتماع قريباً لبحث الموضوع بشكل مفصّل، وذلك بالتعاون مع وزارة الصناعة.
وأوضح فياض آلية العمل بالمرسوم الذي يطبق على كامل الإجازات الممنوحة منذ بداية شهر حزيران الماضي، التي تستفيد منه، إذ يقوم الصناع بتقديم طلب لمديرية الصناعة عن حاجته للمواد الأولية والمدخلات الإنتاج في صناعته، والتي تقوم بدورها بإجراء كشف حسي على المنشأة، ثم تخاطب وزارة الاقتصاد بالحاجة للمواد المطلوبة، ليتم تنظيم إجازة استيراد تستفيد من المرسوم.