ثيسن لإدارة ترامب: لا تمكّنوا القاعدة في سورية
| عن صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية، ترجمة إبراهيم خلف
طالب الباحث في معهد المشروع الأميركي، مارك ثيسن، في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إدارة الرئيس دونالد ترامب بضرورة محاربة تنظيم القاعدة في سورية، وعدم السماح لها بأن تحل محل تنظيم داعش الإرهابي، وذلك من خلال التعاون مع السكان وعدم إقصائهم.
وقال: تخيلوا أن فريق الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب اقترح في المكتب البيضوي السياسة الأميركية التالية في سورية: دعونا نخلق ملاذاً آمناً للقاعدة في جنوب سورية من خلال العمل مع روسيا في إنشاء منطقة وقف إطلاق النار حيث تنشط هناك الشبكة الإرهابية، والتي لها صلة بهجمات الحادي عشر من أيلول، ولتعمل بحرية دون خوف من أي هجوم أميركي.
وأضاف: «دعونا نجعل البنتاغون يقوم بإخبار معظم «السنّة» الموالين للولايات المتحدة والذين يريدون القتال معنا بأننا لن نقوم بتسليحهم وتدريبهم إلا إذا وقعوا تعهداً يعدون من خلاله بعدم محاربة نظام (الرئيس) بشار الأسد، الأمر الذي من المرجح أن يقود معظم المقاتلين للتوجه نحو مجموعة القاعدة، والتي قدمت الوعود لهم بمساعدتهم في قتال القوات السورية، ثم دعونا نلغي برنامج وكالة المخابرات المركزية السري والذي سمحنا من خلاله لعدد صغير من المتمردين بمحاربة (قوات الرئيس) الأسد، ومن ثم قدمنا تنازلات لموسكو».
وقال ثيسن: «وبدلاً من المقاتلين السنة، نقوم بالتنسيق مع قوات «حماية الشعب» الكردية، والتي تعتبر منظمة إرهابية بالنسبة لتركيا، حليفتنا في الناتو، وإننا سنستخدم «وحدات حمایة الشعب» لمهاجمة تنظيم داعش فقط، تاركين مسلحي القاعدة بعيداً عن أي استهداف، وبالتالي تقديم المساعدة للقاعدة في إعادة تأكيد تفوقها لقيادة الجهاد العالمي».
وتابع: «لقد أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس علناً أنه لا ينبغي لنا أن نفعل أي شيء للرد على التوسع غير المسبوق للقوة العسكرية الإيرانية في سورية، فإيران يمكن أن تساعد في الحرب على داعش الأمر الذي يقوّض تماماً من الهدف المعلن للرئيس ترامب بضرورة التعامل بقسوة مع إيران، ومن ثم لدينا وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي أكد أن إهمال تنظيم القاعدة، سيمكّنها من تجنيد المزيد من السنّة لقضيتها، من خلال إخبارهم أن الولايات المتحدة متحالفة مع روسيا وإيران والحكومة السورية والأكراد في حملة إبادتهم لاحقاً، الأمر الذي يعتبر صحيحاً».
وأشار ثيسن إلى «إن إستراتيجية الولايات المتحدة الحالية تساهم في تمكين القاعدة، التي لديها جيش في سورية، وتستعد لتحل محل داعش (…) وهي أكثر خطورة من داعش»، وذلك وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن معهد دراسات الحرب ومعهد المشروع الأميركي للتهديدات الحساسة، فالنهج الذي نتبعه، يثير عن غير قصد التمرد السلفي الجهادي العالمي، لأن السنّة يرون أن الولايات المتحدة تعمل مع أعدائهم القاتلين، التصور الذي تستغله القاعدة لحشد وبناء الدعم بين القبائل السنّية، وتصوير نفسها كمدافع عن العرب السنّة ضد محور أميركي روسي إيراني يهدف إلى إخضاعهم ومن ثم تدميرهم».
وأكد: «إن إقصاء السكان السنّة ليس الطريق لكسب الحرب ضد الراديكالية الإسلامية، ففي الوقت الحالي، تقدم القاعدة نفسها كدليل على أنها الرمح الذي يقاتل قوات نظام (الرئيس) الأسد، لذلك فإن الكثير من السنة الذين لا يشاركون أيديولوجية القاعدة يتدفقون إليها، هذا ويهدف تنظيم القاعدة إلى السيطرة على الانتفاضة المناهضة (للرئيس) الأسد وتحويلها ببطء إلى جهاد عالمي ضد إيران وروسيا والولايات المتحدة، وبدلاً من تقويض هذه الجهود، فإننا نساعدهم، من خلال إستراتيجيتنا التي تركز فقط على محاربة تنظيم داعش، وبالتالي دفع السكان السنّة للتحالف مع تنظيم القاعدة».
وقال: «هذا جنون. يجب أن نعمل على منع القبائل السنية من الانضمام إلى القاعدة، ونحن لدينا سجل سابق يتعلق باعتمادنا عليهم، ففي العراق في عام 2007، نجحنا في حشد القبائل السنية التي كانت تقاتل إلى جانب تنظيم القاعدة في العراق، وتمكنّا من الحصول على مساعدتهم في إخراج تنظيم القاعدة، وكانت النتيجة هزيمة عسكرية وأيديولوجية للقضية السلفية الجهادية، ولم يقتصر الأمر على طرد الإرهابيين من ملاذاتهم، بل قمنا بزيادة معاناتهم عبر الرفض الشعبي المهين الذي لقوه من الجماهير السنية التي كانت تنظر لها فيما مضى على أنها الطليعة».
وأعرب ثيسن عن الحاجة إلى تحقيق انتصار عسكري وإيديولوجي مماثل في سورية من خلال تكرار ما قمنا به بنجاح في العراق، وأضاف: «نحن بحاجة إلى استعادة برنامج وكالة المخابرات المركزية الخاص بالتدريب والتجهيز السري، ورفع القيود التي تفرضها وزارة الدفاع على منع السنة الذين ينضمون إلينا من محاربة نظام (الرئيس) الأسد، وعلينا بعد ذلك أن نسهّل من ظهور قوة عربية سنية شريكة في جنوب سورية والتي ستقاتل جنباً إلى جنب مع القوات الأميركية لطرد ليس فقط تنظيم داعش وإنما تنظيم القاعدة أيضاً، فضلاً عن المساعدة في وقف إيران من فرض هيمنتها في المنطقة». وتابع كما جاء في تقرير معهد دراسات الحرب ومعهد المشروع الأميركي للتهديدات الحساسة: «يجب علينا أن نوقف الهجمات التي تستهدف السكان العرب السنة من الخارج عبر الوكلاء، وأكثر من ذلك علينا أن ندمج أنفسنا معهم وأن ندافع عنهم لنكسبهم إلى صفنا».
وخلص ثيسن للقول: «تحتاج إدارة ترامب إلى فهم حقيقة أساسية: لا يمكننا من تلقاء أنفسنا هزيمة تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة أو الحركة الجهادية العالمية، ولا يمكننا القيام بذلك من خلال الأكراد أو وكلاء إيران، إننا بحاجة إلى السنّة للقيام بذلك».