انكسار حاجز الخوف دير الزور نموذجاً

| عمار عبد الغني
مع اقتراب الجيش العربي السوري من ريف دير الزور، خرج الأهالي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، ما يعني كسر الأهالي لحاجز الخوف والصمت الذي زرعه فيهم التنظيم، جراء تفننه في عمليات القتل والإجرام، وهو أسلوب طالما عوّل عليه التنظيم في إخضاع الأهالي لأفكاره «القرووسطية»، وما يعني أيضاً التأسيس لحراك شعبي يتوقع أن تتسع خرائطه ليشمل كل المناطق التي انتشر فيها الإرهاب.
فمنذ أن سيطر داعش على مناطق في سورية انجر البعض خلفه جراء عزفه على وتر «الدين»، فقتل ونهب وسبى النساء وباعهم في سوق النخاسة وفرض مذهبه على الأهالي، مستنداً إلى فتاوى مختلقة وبعيدة عن الدين الحنيف، ما جعله يتمدد أكثر إلى أن وصل حد التوغل وتشكيله خطراً على أمن واستقرار العالم.
كانت التغطية السياسية على جرائمه في المحافل الدولية، وتأييد بعض وسائل الإعلام له في سياق مخطط تدمير سورية، ومحاولة إسقاطها تحت مسمى «ثورة»، لدرجة أن البعض من تلك الوسائل والدول الكبرى التي تتغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان اعتبر كل ما جرى من مجازر وانتهاكات، «خسائر حرب».
هذا الحال ساد على مدار ست سنوات مضت، وعمد من قدموا أنفسهم بـ«أصدقاء سورية» بعدم تمرير أي قرار في مجلس الأمن يدين جرائم مقاتلي التنظيمات الإرهابية أو حتى مسلحي الميليشيات المسلحة، وإن حصل، فإن القرارات بقيت حبراً على ورق، فاستمر دخول قوافل القتل الجوال عبر الحدود وواصلت بعض الدول، وعلى رأسها تركيا، في تأمين الموارد المالية لهم عبر شراء النفط المسروق.
ولأن الإرهاب لا وطن له ولا حدود، بدأ ينقلب على الداعمين، وقد شاهدنا أنه أول ما ضرب في أنقرة واسطنبول ثم في باريس ولندن وبروكسل، الأمر الذي دعا الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى وضع محاربة داعش على رأس أولوياته، وعندها بدأنا نلمس تغيراً في خطاب وسائل الإعلام العربية التي ضللت الرأي العام وزورت الحقائق، وفي تصريحات الدول التي شكلت داعماً أساسياً للتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة وفي مقدمتها دول الخليج العربي.
جملة ما تقدم انعكس سلباً على التنظيم الإرهابي وأدى إلى هزيمته في عدة مدن ومناطق في العراق وسورية، ما جعل الأهالي الذين لا يملكون سوى أسلحة فردية، أن تتخذ القرار بالمواجهة للتخلص من هذا السرطان الذي أذاقهم من العذاب ما تنأى الجبال عن حمله، وبالتالي بدأنا نشهد قيام الأهالي بحرق مقراته وقتل متزعميه ما دفع العشرات ممن كانوا يعتبرون أنفسهم قياديين في التنظيم إلى الفرار، وبالتالي انكشاف المشهد وظهور هؤلاء على حقيقتهم بأنهم جبناء ومن السهل مواجهتهم والقضاء عليهم.
ما يشهده ريف دير الزور من حراك شعبي لن يطول الوقت حتى يعم جميع الأراضي السورية التي غزاها الإرهاب، وبالتالي ستتكامل جهود الأهالي مع عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه للإسراع في تخليص أرض الوطن والمواطن من الإرهاب، فقد أثبتت التجارب عبر التاريخ أنه مهما كان حجم الهجمات الاستعمارية بمختلف أشكالها، إن كانت حروباً بالوكالة أو عدواناً عسكرياً مباشراً، فإن مصيرها كان الهزيمة وتحقيق الانتصار للشعوب المُعتدى عليها.
سورية بدأت ترسم الخطوط العريضة لمعالم انتصارها وعلى من استثمر في الإرهاب بالحرب عليها، أن يستعد لاستقبال «جهادييه»، وعندها سنرى كيف سيتعامل معهم ليتضح المشهد أمام العالم بأنه لولا صمود سورية جيشاً وقيادة وشعباً لكان الإرهاب وصل حداً جعل العالم يسبح فوق بركة من الدماء.