الصين تحتفل بالذكرى التسعين لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني
يحتفل جيش التحرير الشعبي الصيني في يوم الأول من آب بالذكرى التسعين لتأسيسه. منذ انتفاضة نان تشان عام 1927 التي ترمز إلى ولادة جيش التحرير الشعبي الصيني، وبقيادة الحزب الشيوعي الصيني، الجيش يأخذنا من الضعف إلى القوة ومن القلّة إلى الكثرة، وينقلنا بشكل مستمر من جيش واحد الخدمة إلى جيش ذي قوات متعددة موحدة حديثة، إن جيش التحرير الشعبي الصيني اليوم يتطور بسرعة كبيرة تجعله على مستوى عالمي، لقد لعب هذا الجيش على مدى عقود دوراً مهماً وساهم إلى حد كبير ليس في الدفاع عن السيادة والأمن الوطنيين فحسب بل تعدّى ذلك إلى بناء وتطور البلاد.
من الجدير بالذكر على وجه الخصوص أنه منذ المؤتمر الوطني الـ18للحزب الشيوعي الصيني المنعقد في 2012، وتحت القيادة الحكيمة للحزب الشيوعي الصيني واللجنة العسكرية المركزية والرئيس شي جين بينغ وانطلاقا من هدف تعزيز وتقوية الجيش، قام الجيش الصيني بأوسع وأشمل عملية إعادة هيكلية وتشكيل للقوات في تاريخ الجمهورية الشعبية، لقد تضمنت هذه العملية تقليص 300 ألف من عدد العسكريين وتأسيس جهاز قيادي للقوات البرية، القوة الصاروخية، وقوة الدعم الإستراتيجي، تشكيل خمس مناطق حربية جديدة وجهاز قيادة العمليات المشتركة، وذلك وفق مبدأ مفاده أن اللجنة المركزية العسكرية تشرف على الشؤون العمومية والمناطق الحربية تشرف على إدارة العمليات الحربية والقوات المختلفة تشرف على التدريب والتسليح. كما تضمنت إعادة التشكيل تشكيل 84 وحدة عسكرية على مستوى الفيلق. إن الجيش الصيني اليوم قادر تماما على تنفيذ توجيهات الرئيس شي جين بينغ فيما يتعلق بالقتال والنصر والقيام بتحولات جوهرية والالتحاق بركب كل ما يجعل الحلم الصيني حقيقة في بناء جيش قوي لا يهزم وتوفير أقوى الضمانات لشعب الصين في تحقيق الهدفين المئويين (الهدف المئوي الأول هو إنجاز بناء مجتمع متحضر ومزدهر على الصعد كافة وذلك مع حلول المئوية الأولى لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 2021، أما الهدف المئوي الثاني فهو تحويل الصين إلى مجتمع شيوعي حديث مزدهر، قوي، ديمقراطي، متقدم ثقافيا، ومتناغم وذلك مع حلول المئوية الأولى لتأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 2049).
إن الجيش الصيني ليس السور الفولاذي العظيم للدفاع عن السيادة الوطنية والأمن ومصالحه التنموية فحسب، بل هو قوة صامدة للحفاظ على السلام العالمي أيضاً. فقد قام الجيش الصيني في السنوات الأخيرة بواجبات والتزامات دولية، كالمشاركة في عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة وعمليات المرافقة البحرية وعمليات الإنقاذ الإنسانية ونال اعترافاً وتقديراً واسعاً وعالمياً.
تُعد الصين اليوم المساهم الأكبر في عملية حفظ السلام الأممية من حيث المشاركين العسكريين من بين الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن، في هذه اللحظة بالذات، هنالك أكثر من 2300 رجل عسكري صيني يقومون بمهامهم في ثماني بعثات للأمم المتحدة لحفظ السلام ومن بين أكثر من 6000 سفينة يحرسها أسطول الحراسة البحري الصيني وأكثر من نصفها سفن أجنبية أو سفن تابعة لبرنامج الغذاء العالمي. يُعّد الرجال العسكريين الصينيين العمود الفقري لعمليات الإنقاذ جرّاء الزلازل الأرضية في بعض البلدان وفي مقدمة المجابهين للإيبولا في إفريقيا، وبتفرغ كامل وأفعال حقيقة على الأرض يُنجز رجالنا العسكريون التزاماتهم في الحفاظ على السلام العالمي.
إن الثقافة الصينية القديمة تثمن قيم التعايش السلمي وقيم السلام في حينها كان المفهوم الصيني العسكري القديم حريصا بالدرجة الأولى على منع الحرب ثم القيام بأقوى التحذيرات قبل الخوض بأي معركة وطالما اتبعت الصين سياسية خارجية سلمية مستقلة وسياسة دفاعية وطنية خالصة في طبيعتها الدفاعية ما جعل العمليات العسكرية التي تُجريها الصين في العالم ذات أغراض سلمية فقط لاغير، في جنيف سويسرا وبتاريخ 18 كانون الثاني 2017 صرّح الرئيس شي جين بينغ بكبرياء أن الصين لن تتردد مطلقا في التطور السلمي مهما كَبُرَ اقتصادها ولن تسعى يوماً إلى الهيمنة أو التوسع أو إنشاء مناطق نفوذ ولقد أثبت التاريخ ذلك وسيفعل على الدوام، إنما سبق وأشار إليه الرئيس شي جين بينغ هو بمنزلة تصريح وعهد لحكومة الصين للعالم أجمع.
إن سورية والصين تتميز بالتاريخ العميق والحضارة العظيمة، على الرغم من أنهما يقعان على طرفي قارة آسيا، إلا أن صداقة شعبينا تعود إلى زمن بعيد ولطالما تطورت العلاقات السورية الصينية بشكل مستقر ومتعاف مع الرعاية والاهتمام المشترك من قائدي البلدين. إن جيشينا كقوى صامدة للدفاع عن الاستقلال الوطني والسيادة والكرامة الوطنية لكل من بلدينا، قد حافظا أيضاً على التعاون الجيد بينهما. هذا التواصل والتعاون بين البلدين والجيشين لم ينقطع مطلقا طوال 7 سنوات الأزمة في سورية والتي خلّفت منذ عام 2011 آلاماً ومعاناة للشعب السوري وتسببت بخسائر هائلة عرقلت التطور الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. إن الصين حكومة وشعبا وجيشا متعاطفة ومُقدرة لما مرّ به السوريين كما أنها تثمن كثيراً وتحترم استقلال سورية الوطني وسيادتها وكرامتها الوطنية وتصّر على أن الحل السياسي هو الطريق العملي الوحيد لحل الأزمة السورية وأن مستقبل سورية بأيدي السوريين أنفسهم.
إن الإرهاب عدو مشترك للبشرية جمعاء، الصين تدعو إلى تخلي المجتمع الدولي عن المعايير المزدوجة كما تصر على توحيد الموقف وتضافر الجهود في محاربة الإرهاب وأن تُعالَج النزاعات الإقليمية بشكل صحيح وأن يعود الاستقرار لبلاد مثل سورية عاجلا مما يَحدّ من تمدد الإرهاب، كما تّصر على تبنّي سياسة شاملة بعيدة المدى للقضاء على الإرهاب من السطح إلى الجذر وتجفيف تربته المُنتِجة، إن كل من سورية والصين ضحايا للإرهاب وبذلك تتشاركان المصلحة في محاربته، إن حكومة الصين وجيشها يدعمان سورية بقوة في مكافحتها للإرهاب. وفي الأشهر الأخيرة تطورت الأمور وتغيرت بشكل إيجابي في سورية، وبات لدينا كل الأسباب لنرى أن سورية غداً أفضل بفضل ثبات وعزيمة قيادتها وحكومتها.