قضايا وآراء

هزيمة إسرائيل في سورية.. وفي القدس

| تحسين الحلبي 

تحت عنوان: «أولوية الجيش الإسرائيلي هي الاستعداد للحرب» نشر مركز أبحاث بغين السادات للدراسات الاستراتيجية تحليلاً في 27 تموز الجاري يرى فيه المحلل العسكري ياكوف لابان أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي ايزنكوت يعتمد الآن سياسة زيادة الاستعداد للحرب لأن توقعاته تشير إلى تفاقم الأخطار في الشرق الأوسط بشكل أكثر تعقيداً من الوضع الراهن ولأن إسرائيل ستجد نفسها مجبرة على خوض حرب من عدة جبهات مع تنوع في القوات المعادية لها من «لاعبين من غير الدول» أي منظمات مقاومة مثل حزب الله وغيره، أو لاعبي من الدول وجيوشها النظامية.
وهذا التصور الذي يعرضه لابان يشكل بحد ذاته اعترافاً من القيادة العسكرية الإسرائيلية بأن الحرب على سورية خلال السنوات السبع الماضية وانتصار الجيش السوري على وكلاء إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، لم يحقق الأهداف الإسرائيلية التي حلمت بها القيادة الإسرائيلية ضد سورية والمقاومة وحلفائهما، وهذا يعني أيضاً أن إسرائيل أصبحت في موقع العاجز عن درء الأخطار التي يحملها ضدها الجوار والداخل الفلسطيني.
وبالمقابل كان رئيس المخابرات العسكرية العميد الإسرائيلي هيرتزيل هاليفي قد صرح في حزيران الماضي بأن «قدرة الردع الإسرائيلية ما تزال قوية لمنع شن حرب على إسرائيل من الجوار، لكن وجود عدم الاستقرار وتزايد قوة اللاعبين من المنظمات العسكرية، مثل حزب الله، ومن إيران واستمرار دعمها لكل من يعادي إسرائيل، سيحمل معه تدهوراً لا ترغب به إسرائيل»، وإذا كان هذا القلق والخوف الإسرائيلي ناجماً عن انتصار سورية وحلفائها على الإرهاب وتزايد قدرة جيشها ومقاومته المحلية، فإن هذا يعني أيضاً أن مراهنة إسرائيل على تحالف بعض الدول العربية معها ضد أطراف محور المقاومة، بدأت تتراجع لا بسبب تغيير مواقف حكام هذه الدول، بل لأن تصاعد المجابهة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال حول موضوع المسجد الأقصى ومدينة القدس حقق انتصاراً للفلسطينيين ومن وقف معهم بصدقية وهو محور المقاومة.
لاحظ الجميع أن المجابهة حول المسجد الأقصى خلقت أزمة لا يستهان بها بين المملكة الأردنية وإسرائيل وخصوصاً بعد أن ترافقت المجابهة حول المسجد الأقصى مع قتل اثنين من المواطنين الأردنيين داخل السفارة الإسرائيلية، بل إن هذه المجابهة ولدت خوفاً لدى معظم الحكام الذين كانوا يتحدثون عن التطبيع مع إسرائيل، من تأثيرها في جبهاتهم الداخلية، وهذا ما جعل عضو الكنيست والناطق العسكري الإسرائيلي السابق يوني بن مناحيم يقول في 24 تموز الجاري تحت عنوان «السباق مع الزمن»: إن قادة الجيش والأمن في إسرائيل حذروا من اشتعال موجة مجابهة إذا لم يتراجع نتنياهو عن تطبيق اجراءاته حول المسجد الأقصى وإن رجال السياسة يخافون من أن يبتعد حكام عرب عن إسرائيل فتجد نفسها وحدها، وذكر محللون إسرائيليون أن انتصار الجيش السوري على داعش وجبهة النصرة حمل تأثيراً إيجابياً في الفلسطينيين داخل الضفة الغربية، وأن نتنياهو تسرع في هذا التوقيت حين أراد فرض الإجراءات الإلكترونية عند مدخل المسجد الأقصى، وكان يجب اختيار توقيت آخر.
يبدو أن هذه الاستنتاجات الإسرائيلية تدل على أن الزمن لم يعد يعمل لمصلحة إسرائيل على جبهتها الداخلية في الأراضي المحتلة، ولا على جبهتها الشمالية التي تحقق في ميدانها انتصار الجيش السوري وحلفائه على المجموعات الإرهابية وحلفائها في جرود عرسال والقلمون وفي المنطقة الجنوبية وفي شمال سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن