من دفتر الوطن

دواء الفيس بوك

| عبد الفتاح العوض 

كلنا وصل إلى استنتاج مبكر بأن الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى ساهمت بدور سلبي في الأزمة السورية والحرب على سورية في البدايات واستمر ذلك لعدة سنوات كان «الفيس بوك» بوق الأكاذيب ومصدر نشر الأخبار الزائفة، ووسيلة لإغراق عقول الناس بالشائعات، كما كان الطريقة الفضلى للتلاعب بالمشاعر والعواطف، وأسوأ من كل ذلك كان مصدر «إثارة الفتن» الطائفية وغير الطائفية.
الآن وقد مرت سبع سنوات على الأزمة فإن الفيس بوك لدى السوريين ما زال مصدراً مهماً للأخبار، وكذلك وسيلة للتواصل مع الآخر والتعرف على أفكاره وحتى نياته.
لا دراسة حتى الآن أو على الأقل لا علم بوجود دراسة تبين مدى اعتماد السوريين على «الفيس بوك وإخوانه» في الحصول على المعلومات.
ثمة دراسات عن دول أخرى وكلها تشير إلى نتيجة واحدة أن الفيس بوك وبقية وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الأول للأخبار.
وعندما نقول المصدر الأول للأخبار فإننا نقول المصدر الأول للانطباعات والآراء وتشكيل الفكرة العامة التي من خلالها يتحدد السلوك ورد الفعل.
الآن.. السؤال المطروح هل يمكن أن يكون «الفيس بوك وإخوانه» إحدى الوسائل التي يمكن الاستفادة منها لجمع السوريين من جديد؟!
فمثلما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في بث التفرقة، وفي نشر الشائعات، وفي خلق بيئة خصبة لارتكاب الخطايا الكبرى بحق سورية، فإنها من الممكن أن تكون وسيلة مهمة لنشر الحقائق وإعادة ترتيب البيت السوري وتحسين مدى التواصل الاجتماعي بين الذين فرقتهم المصالح والآراء.
لكن إذا تم ترك الأمر عشوائياً، فإن الذين ساهموا في خلق بيئة الخراب لن يتركوا «ساحة الفيس بوك» فارغة من نشاطاتهم، ولن يُترك للأجواء الإيجابية أن تنتقل عبر أثير التواصل الاجتماعي.
لهذا لا بد من تدخل حكيم من المجتمع السوري في هذا المجال، وهنا فإن الجمعيات الأهلية التي ترفع شعارات وطنية قادرة على أن تلعب دوراً في هذا المجال.
مهمة هذه الجمعيات أن تخلق فضاء اجتماعياً يحارب اللغة المتطرفة ويواجهها بالرد والجدال بالتي هي أحسن، وبالوقت ذاته تشجيع الأصوات التي ترسم الملامح الإيجابية في المجتمع السوري.
لا ينبغي أن نترك الأمور في هذا المجال بلا تدخل من نوع مختلف، والكل يعرف أن المنع أو الحجب ليس مفيداً إن لم يكن ضاراً، على حين يصبح صاحب الحجة القوية قادراً على تسويق أفكاره بأساليب حضارية تليق بالمجتمع السوري. ولدينا كفاءات شابة قادرة على ذلك ولديها ملكات الحوار وآدابه، وإن هؤلاء قد يشكلون نخبة الفيس بوك الذين يقودون الآخرين باتجاه التسامح والتواصل الحضاري وتقبل الأفكار الجديدة.

أقوال من ذهب:

• أنا لا يهمني كم من الناس أرضيت.. ولكن يهمني أي نوع من الناس أقنعت.
• جالس العقلاء، أعداء كانوا أم أصدقاء، فإن العقل يقع على العقل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن