رياضة

ديكتاتورية

| محمود قرقورا

من بيده القلم لا يكتب نفسه من الأشقياء، مثل ينطبق على كل مناحي الحياة، وفي رياضتنا تحديداً نادراً ما يقيم مسؤول رياضي الحد ولو على نفسه معترفاً بتقصيره، ففي كل إخفاق يتسابق المعنيون لتقاذف التهم ووضعها في مرمى الآخرين.
تحكيمياً رُضعنا منذ الصغر أن قاضي المباراة هو الميقاتي الوحيد وصاحب القرار الأول والأخير ويخوله القانون غضّ الطرف عن مساعدة زميليه، ولو أن تقنية الفيديو مؤخراً حدّت من سلطة الآمر الناهي داخل المستقبل الأخضر.
في أحد دوريات الدرجة الثالثة كنت شاهداً يوماً ما على ديكتاتورية حكم الساحة في إحدى رميات التماس عندما اتخذ قاضي المستطيل قراراً منافياً لقرار الحكم المساعد، وأعاد الكرّة ثانية، وفي المرة الثالثة استخدم الحكم المساعد نباهته لإحراج الحكم الأساسي متهكماً عليه ساخراً منه بقوله: في أي اتجاه تريد الراية؟
ما حدث على مرأى من عيني بدوري الدرجة الثالثة خلال ثمانينيات القرن المنصرم ينطبق على قرار رئيس اتحاد كرة القدم صلاح رمضان بشأن عودة مباراة جبلة والشرطة إلى جبلة ناسفاً قرار لجنة الإشراف على الدوري التي اقترحت أن تقام بأرض محايدة وفقاً للوائح العقوبات.
الغريب في الأمر أن لجنة الإشراف أصرّت على العقوبة عملاً بمبدأ العدالة بين جميع الأندية وهي التي رفضت كل الرفض التماس نادي تشرين بإقامة مباراته مع الشرطة في اللاذقية ولو تطلب الأمر أخذ اتحاد كرة القدم كامل إيرادات المباراة المذكورة.
أعضاء لجنة الإشراف على الدوري قالوا: إن إعادة المباراة إلى مدينة جبلة تم بقرار ديكتاتوري سلطوي من رئيس اتحاد كرة القدم وحده.
لسنا مع إقامة أي مباراة من دون جمهور مع الإبقاء على العقوبات المادية، لكن مضاعفة العقوبة المادية كمخرج لتبرير قرار ما يؤكد ما يذهب إليه الشارع الرياضي بأن جني المال هو الهدف الأساسي للاتحاد وليس تطوير اللعبة ورعاية مصالح الأندية، وضبط الجمهور مسؤولية روابط المشجعين والإدارات، لأن المشاهد الكرنفالية والألتراس التي شاهدناها تمثل حالة حضارية يجب البناء عليها بمزيد من التوعية.
بالأمس القريب سألنا رئيس اتحاد كرة القدم عن ماهية القرار في تعيين المنسقين الإعلاميين للمنتخبات الوطنية؟ فكان الجواب واضحاً بأن المكتب التنفيذي هو صاحب القرار، فعرف اتحاد الكرة حده ووقف عنده وبات يعيّن الشخص الذي يتوافق مع أهواء المعنيين في أعلى الهرم الرياضي.
اليوم ها هي لجنة الإشراف على الدوري رُمي اقتراحها في سلة المهملات، ويمكنها الاستفادة من تجربة حكم الدرجة الثالثة قبل ثلاثة عقود بسؤال رئيس الاتحاد عن كيفية القرار الذي يريده قبل أي مقترح لضمان المصادقة عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن