رياضة

قوانين الاحتراف لم تلبِّ الطموح المنشود…ما السبل لتحصين لاعبينا المحليين من الإغراءات الخارجية؟

محمود قرقورا :

عند الحديث عن الإمكانات المادية هناك من يأتي بالأزمة كمبرر كاف لتخفيض تعويضات وأجور اللاعبين المحترفين والهواة على حد سواء، علماً أن هذه الأزمة يجب أن تكون المبرر الأكبر لمضاعفة أجورهم وتعويضاتهم من أجل الحفاظ على ثروتنا الرياضية وتحفيزها للبقاء ومنع هجرتها والأخذ بيدها لتمثل منتخباتنا خير تمثيل.
المداد حول بنود تعديل قانون الاحتراف الخاص بكرتي القدم والسلة لم يجف بعد، ونجزم أن الأمر يتطلب جلسات طويلة لأصحاب الشأن قبل إقراره، ولذلك نشد على أيديهم كي يترووا كثيراً قبل إقرار التعديلات، فالأمور مازالت بالمتناول، وإنه لشيء جميل الدعوة لندوة كي تناقش فيه بنود التعديل قبل إصدارها وتصبح نافذة، ولذلك الكرة ما زالت بملعب أصحاب القرار، والنقد الشديد الذي جوبهوا به ربما يتحول إطراءً إذا لقيت ملاحظات أهل الكار أذاناً مصغية.
صدق من قال إن كرتي القدم والسلة تحتاجان عقولاً إدارية محترفة من منظار أنه غير منطقي لعقول متحجرة قيادة كرة محترفة، وصدق من قال: كيف لحكام هواة يقودون دورياً محترفاً من منظار أن الحكام خرجوا الحلقة الأضعف من قانون الاحتراف، إذ إنهم والحال هذه سيدفعون من جيوبهم، وسنسمح لضعيفي النفوس العمل على شراء ضمائرهم مع أننا لا نؤيد ذلك جملة وتفصيلاً.

الاستثمارات والأنظمة
الكثيرون يبررون ضآلة التعويضات والأجور بتدني الاستثمارات عند البعض وانعدامها عند البعض الآخر، ولا شك أن جزءاً من هذا الكلام صحيح، لكن بالمقابل هناك أندية ازدادت استثماراتها أضعافاً عما كانت عليه قبل الأزمة ونخص أندية العاصمة وشكوى اللاعبين من تقصير الإدارات لا ينقطع، وإن لم تتضاعف فقد حافظت على ريوعها، فصحيح أن بعض الاستثمارات خُفضت أسعارها إلا أن استثمارات أخرى وجدت أثناء الأزمة، وفي زياراتنا لبعض الأندية نجدها مملوءة بالوافدين كدليل عافية للاستثمار.
والبعض يتحجج بالأنظمة والقوانين النافذة التي لا تسمح من وجهة نظره ونبخل بتقديم مكافآت مجزية، وهنا نسأل: هل الرقابة والتفتيش طالبت بمحاسبة رئيس اتحاد كرة القدم أحمد جبان عندما استقبل منتخب سورية العائد من لبنان فائزاً ضمن تصفيات أمم آسيا وكافأه على الفوز بمبلغ ألف دولار لكل لاعب، وهل سمعنا بمحاسبة اتحاد أحمد جبان ورئيس المنظمة فيصل البصري نظير صرف مكافأة المركز الثاني في دورة نهرو الهندية 2007 البالغة 40 ألف دولار كاملة للاعبين؟
بالتأكيد لا لأن الدكتور جبان كان واقعياً منطقياً ويستحق اللاعبون من وجهة نظره أكثر من ذلك.
حصانة قانونية ومادية
رئيس اتحاد السلة جلال نقرش يرى أن حصانة اللاعبين من المغريات متشعبة، فمنها ما هو قانوني وهو العقد المبرم بين اللاعب والنادي فطالما وجد عقد فعلى جميع الأطراف الالتزام به، وإذا استطاع النادي المحلي تقديم مستوى دخل مقبول للاعب يستطيع تأمين حاضره ومستقبله فبرأيي لن يفكر بالمغادرة، أما على الصعيد الفني فذلك يعود إلى طموح اللاعب ومدى رغبته بالمشاركة بمنافسة على مستوى عال.

إجراءات
المدرب الوطني بكرة السلة هلال دجاني يرى أن الحفاظ على اللاعبين قدر الإمكان يتطلب جملة من الإجراءات أبرزها:
• زيادة الدخل المادي للاعبين المميزين (لاعبي المنتخبات) بمساهمة اتحاد اللعبة بإبرام عقود سنوية معهم تضاف إلى عقودهم مع أنديتهم.
• تخصيص اللاعبين المميزين بجمعيات سكنية وبمساكن مناسبة يدفع اللاعب جزءاً منها وتساعده جهات أخرى بذلك كالاتحاد الرياضي وبعض الشركات الداعمة لاتحاد كرة القدم إن وجدت، حيث يعتبر تأمين السكن سبباً أساسياً للهجرة.
• توظيف اللاعبين المميزين بالشركات الحكومية أو الخاصة وإعفاؤهم من الدوام خلال حياتهم الرياضية وذلك لشعور اللاعب بالاطمئنان وبالتالي تأمين دخل مناسب له ولعائلته لدى تركه اللعب.
• العمل على دراسة وضع الأندية لدينا لتواكب الأندية في الدول المجاورة على الأقل، من الناحيتين المادية والفنية، وتشجيع الدعم والرعاية من الشركات وخاصة الشركات الحكومية للأندية.
• استفادة الأندية من ريوع النقل التلفزيوني والإعلان لرفع مستوى الجانب الفني الضعيف جداً، كتأمين مدربين على مستوى عالٍ وإقامة معسكرات ومباريات تحضيرية مناسبة، مما يساهم في اطمئنان اللاعبين لتطورهم الفني من دون الحاجة للهجرة لتحقيق ذلك.
• منع الأندية من الإخلال بتعاقداتها مهما كان السبب لكي يشعر اللاعب بالاطمئنان، ومنع أي ناد من التعاقد بشروط محبطة للاعب أو عقود دون مستوى الحد الممكن للمعيشة، وأهم تلك الشروط هو مدة العقد السنوي التي يجب أن تكون لـ12 شهراً.
• إن كل ما سبق لن يلغي الهجرة ولكنه سيحد منها ويخلق نوعاً من الاستقرار في خريطة اللعبة.

دعم نفسي ومعنوي
لاعب منتخب سورية في الثمانينيات رضوان الشيخ حسن يرى أن من حق اللاعبين أن تكون رواتبهم كافية للمستوى المعيشي في البلد وأن تكون جميع مشاكلهم محلولة وأن ينصب تفكيرهم على رفع مستواهم البدني والفني، ويجب توفير الاحتكاك الجيد مع فرق مستواها عال جداً لتكون الاستفادة كبيرة بغض النظر عن النتائج، ومعاملة الجميع بمستوى واحد، ويجب أن يكون هناك حوافز للاعبين عند الفوز وأن ترتفع من مباراة لأخرى، كما يجب دعم المدرب والكادر الفني مادياً ونفسيا، وإقامة ندوات إعلامية يكون النقاش فيها حول المنتخب وسبل تطوير مستواه وتسليط الضوء على السلبيات والإيجابيات، فكرة القدم أصبحت لعبة كبيرة ومتطلباتها كثيرة جداً والاستثمار أصبح واقعياً بكرة القدم ويجب الاستفادة منه وتحقيق الريوع المادية من أجل دعم كرة القدم في الأندية والمنتخبات.

ختاماً
نعلم علم اليقين أننا غير قادرين بالمطلق على تحصين لاعبينا من مغريات العقود الخارجية، لكن مطلوب منا في الآن ذاته تقديم تسهيلات من جوانب عدة، ورفع سقف التعويضات ما أمكن كي لا يكون المال هو الفيصل، فهل معقول مكافئة لاعب منتخب فائز بمباراة على طريق المونديال (أياً كان الخصم) بمبلغ 50 دولاراً وبمبادرة فردية من مدير المنتخب؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن