شؤون محلية

وزير حالي يرفض استقبال وزير سابق … في الإصلاح الإداري

بقلم: نبيل الملاح

دفعني لكتابة هذا المقال ما حدث معي عندما طلبت موعداً من أحد الوزراء لأعرض عليه بعض الأمور والأفكار المتعلقة بالمؤسسة المسؤول عنها في ضوء المقالات التي كتبتها ونُشرت حول هذه المؤسسة، وفي ضوء المذكرة التي أرسلتها له وبينت فيها حالات محددة تثبت ما ذهبت إليه في المقالات المنشورة.
سألني مدير المكتب: الموعد للسلام أم أن هناك شيئاً آخر؟ فأجبته: للسلام.
وعندما اتصلت للمرة الثالثة بعد أربعة أيام كرر نفس السؤال، فقلت له: ألا يحق لي أن أتحدث معه بالشأن العام، وإذا كان لا يرغب باستقبالي فليكن…
بدايةً لا أستطيع أن أُحمل هذا الوزير مسؤولية ما جرى، فقد يكون لا علم له بطلبي، ولم ينقل إليه مدير مكتبه رغبتي بزيارته.
في كل الأحوال، فإن ما جرى يعتبر أمراً سيئاً؛ يجعل أصحاب التجربة والخبرة يحجمون عن تقديم ما لديهم من أفكارٍ ورؤى تساعد في تحقيق المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد رئيس الجمهورية وتحدث مطولاً عنه.
أعود وأؤكد ما قلته سابقاً أن هذا المشروع يتطلب البحث عن رجال دولة لديهم التجربة والخبرة والعلم للنهوض بهذا المشروع، ويحتاج إلى تضافر جهود المخلصين في مختلف مؤسسات الدولة، والاستعانة برجال الدولة المتقاعدين الذين ما زالوا قادرين على العطاء وتقديم الرأي والمشورة.
إن بناء الدولة ومؤسساتها يتطلب التعاون والتكامل بين الأجيال المتتالية والمتعاقبة، ولا يجوز بحال من الأحوال حصر ذلك بجيل واحد، وعلى الجميع أن يدرك أن الخبرة لا تكتسب إلا بالعمل والتجربة لسنوات طويلة، وإن تقنيات المعلوماتية الحديثة لا تغني عن الخبرة المكتسبة المتراكمة؛ وإن كانت لازمة وضرورية. وهذا ما يدعو إلى ضرورة الاستفادة من طاقات الشباب وحماستهم وعلمهم، وخبرات وتجارب الشيوخ.
وإن العمل المؤسساتي يقتضي أن يكون هناك ترابط وتتابع في عمل الوزراء والمديرين الحاليين والسابقين، فلا يجوز أن يأتي وزير وينقلب على ما قام به سلفه دون وجود مبرر لذلك، ولابد أن نتخلص من العقلية السائدة لدى كثير من المسؤولين بأنهم مالكون للوزارة أو للمؤسسة.
لقد جاء المشروع الوطني للإصلاح الإداري تلبية لما يطالب به معظم المجتمع السوري الذي يعاني هموماً معيشية كبيرة تزداد يوماً بعد يوم بسبب سوء الإدارة وانتشار ظاهرة الفساد بشكل غير مسبوق؛ لدرجة أن مظاهر حياة هؤلاء الفاسدين والمفسدين أصبحت تثير اشمئزاز الناس وسخطهم في ظل ما يعانيه ذوو الدخل المحدود من فقر وعوز.
علينا أن نجعل من هذا المشروع ثورة إدارية في مختلف مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ويأتي الإصلاح الإداري في مؤسسة القضاء في المقام الأول باعتباره الرافعة لجميع مؤسسات الدولة، وباعتباره الملاذ الآمن لنا جميعاً، ولابد من إيلائه الأهمية التي يستحقها.
وأؤكد أن المشروع الوطني للإصلاح الإداري، وكذلك إصلاح القضاء وتطويره، يتطلبان الموضوعية في المحاسبة والتقييم وتفعيل معادلة الثواب والعقاب.
ويتطلبان قبل ذلك إيجاد المناخ المناسب والإرادة الجادة والصادقة من جميع المعنيين للمضي في هذا المشروع بعيداً عن التنظير والمظاهر الإعلامية والإعلانية.
وأخشى أن يتمكن هؤلاء الفاسدون والمفسدون والمنافقون والانتهازيون من ركوب قطار هذا المشروع الوطني الاستراتيجي لحرفه عن طريقه… وعندها سيكون الوطن بخطرٍ كبير.
باحث ووزير سابق

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن