اقتصاد

المصرف المركزي والأوراق المالية لا يتابعان ميزانيات المصارف باهتمام….مجالس إدارات بعض المصارف لا تكترث بمطالب التحوط وميزانياتها تكشف الواقع

قيام المصارف الخاصة بالإفصاح عن ميزانياتها مجرد تقليد لا معنى له مطلقاً وإثبات ذلك أنه لا يوجد أي جهة تقوم بالاستفسار عن هذه النتائج وتسوّغ لجمهور المساهمين أسبابها. هذا ما قاله خبير مصرفي فضّل عدم ذكر اسمه، مبيناً أن البعض يستخدمون الأزمة كتسويغ لهذا التقصير وهذه النتائج، إلا أن المنطق يقول إن من واجب مؤسسات الدولة التي تتبع لها المصارف الخاصة أن تحمي أموال الشعب وهم المساهمون والمودعون فأموالهم تعتبر بالنهاية مالاً عاماً ويجب الدفاع عنه والحفاظ عليه وعلى مؤسسات تعتبر عصب الاقتصاد الوطني، والواجب يتطلب حماية الاقتصاد الوطني ومؤسساته من الضياع فهي أساس في إعادة تحريك الاقتصاد الوطني.
يرى المصرفي أن بعض الميزانيات التي تعلنها المصارف الخاصة وخاصة ما يتعلق بحقوق المساهمين، لا تلقى الاهتمام المطلوب من المصرف المركزي أو هيئة أسواق الأوراق المالية وحتى الجهات الرقابية المعنية.
ويعتقد المصرفي أن تحليل بعض الميزانيات يعطي صورة واضحة للمصرف المركزي إذا ما كانت تلك المصارف ملتزمة بتعاميمها لتطبيق معايير بازل 1 و2 بقصد الحوكمة أم لا، إن كان من ناحية الخسائر المعلنة والبحث في أسبابها أو من ناحية كفاية رأس المال الذي يظهر جلياً في الميزانية وبالأخص أن هناك ميزانيات تكرر إعلانها، واستمر فيها ظهور عدم كفاية رأس المال وأرصدة أخرى تتعلق بالمصاريف التي تتعاظم رغم تكرار خسائر تلك المصارف لسنوات متتالية.
وهذا الأمر -بحسب المصرفي- يجب أن يعكس جلياً أن تلك المصارف لا تدرك أن إدارة المخاطر عبارة عن عملية تتكامل فيها كل الإدارات ولا سيما الرقابية منها (المخاطر- الالتزام- التدقيق) وتبدأ من مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العليا من خلال الممارسة الصحيحة للمسؤوليات والواجبات بهذا المضمار وتحديد المخاطر المحتملة، فالنتائج المعلنة بميزانيات المصارف تعتبر مرجعية وبالتالي أداة تكشف إذا ما كان هناك ممارسة صحيحة للمسؤوليات والواجبات وإذا ما كان مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العليا تقوم بتحديد المخاطر وتلتزم بنظام الإدارة الرشيدة (الحوكمة) الذي يعتبر دليلاً استرشادياً ومجموعة أسس ومبادئ يجب الالتزام بها.
ويشير إلى أن تكرار تدوير القروض المصرفية وضماناتها وإعادة هيكلة القروض وجدولتها والتأخر في اتخاذ القرارات القانونية وتعاظم حجم القروض المصرفية المشكوك بتحصيلها كل هذه الأمور تظهرها الميزانيات المعلنة لبعض المصارف، ثم تحليلها يشير بسهولة إلى نقص في دوافع المخاطر المصرفية ثم سوء السياسة المصرفية المتبعة، وهذه من مسؤوليات الإدارة التنفيذية العليا، التي تشير إلى عدم قدرة هذه الإدارات على انتشال المصرف من مشاكله إن كانت على مستوى كفاية رأس المال أم على مستوى التحصيل أو على مستوى مخاطر التشغيل. وهذا ما يشير أيضاً إلى ضعف الخبرة بالعمل المصرفي والاعتماد على كوادر في الإدارة التنفيذية، اختصاصاتها بعيدة كل البعد عن العمل المصرفي، في بعض المصارف، ما يؤدي إلى تعاظم الخسائر وتراجع الأداء.
هنا يسأل المصرفي: هل حقيقة أن المصرف المركزي الذي يبذل الجهود للتحوط والجهات الرقابية الأخرى لا تدقق بنتائج الميزانيات وتقييم الإدارات التنفيذية ومدى امتلاكها للخبرة والقدرة على إدارة المصرف وسيولته؟
ليرى أن نظم العمل وضعفها تعكس مستوى الإدارة التنفيذية وهذا ما توضحه الموازنات وملحقاتها، إضافة إلى ذلك فإن ضعف الإدارة التنفيذية العليا يظهر في تحليل المصاريف الإدارية وغيرها من المصاريف التي تتعاظم مع تعاظم الخسائر ما يشير إلى ضعف في مجلس إدارة البنك وعدم اعتماده على خبرات في تعيين الإدارة التنفيذية العليا.
فتعاظم المصاريف مقابل تعاظم الخسائر يشير إلى عدم مقدرة الإدارة التنفيذية العليا على رسم الأولويات ثم القيام بممارسات تعرض المصرف للمخاطر.
وبرأيه، كل ما سبق يشير إلى خلل في الآلية الإدارية وفي مسار العمليات ووضع الأولويات، وكل ذلك على حساب صغار المساهمين وحقوقهم وعلى حساب مقدرات المودعين والاقتصاد الوطني.
مع الإشارة إلى أن هذا الواقع يخص قلة من المصارف الخاصة فقط، في حين هناك كوادر مصرفية وإدارات عليا وتنفيذية على مستوى عالٍ من المهنية تنعكس في نتائج عمل تلك المصارف استراتيجياتها المستقبلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن