سيادة الكرسي
| عبد الفتاح العوض
سيدي الكرسي الفهيم.. كل ما تقوله صحيح تماماً.. وكل ما تقوله دقيق، وعميق وله معان ودلالات مدهشة.
سيدي الكرسي الفهيم!
عندما تتحدث في علم الكواكب فأنت حجة، أكاد أشك في أنك واحد من «الكواكب» لقدرتك على وصفها، ووصف حركتها وحجمها وسرعتها، وتأثيرها في الكون.
حقاً.. أنت «كوكب» كبير في عالم صغير.
سيدي الكرسي الفهيم!
كيف يستفيد العالم من قدراتك السياسية؟ كيف لا يستطيع العالم استيعاب نظرياتك وأفكارك التي لو تم أخذ جزء منها لتحول العالم كله إلى واحة «حرية» وجنة ديمقراطية واشتراكية «سعادة»؟
سيدي الكرسي الفهيم!
أشك بأنك لم تدرس الطب.. إنك تتحدث كطبيب مختص بتفاصيل التفاصيل، لا أدري كيف استطعت أن تلم بكل اختصاصات الطب مجتمعة وتبدع في كل منها. سيدي الكرسي لا شفاء إلا بوصفتك!
سيدي الكرسي المبجل!
وأنت تتحدث في مقارنة الأديان أحار من أي دين أنت؟! عندما تتحدث عن الإسلام أظنك واحداً من الأئمة، وإن تحدثت في المسيحية ظننتك أحد التلامذة، أما اليهودية فلا أعرف ماذا أقول عنك هنا.
شيء فيك يدل على أنك روحاني وصوفي.. شيء فيك يا سيادة الكرسي يدل على «إيمان» صاف، ما أروعك وأنت تتحدث عن الملحدين.. أشعر أنك واحد منهم!
سيادة الكرسي المبجل!
أتقرأ التاريخ، أم تكتبه أو تصنعه.. لاشك عندي أن التاريخ نفسه لم ينصفك، ربما وحده المستقبل هو الذي سينصف إبداعاتك وسيروي إنجازاتك.
سيدي الكرسي الفهيم!
هل أنت فعلاً لم تحصل على جوائز إعلامية حتى الآن؟ لا يعقل أبداً.. عقلك عقل إعلامي بامتياز.. لو تعرف أكاديميات الإعلام في أفضل جامعات العالم نظرياتك الإعلامية لكانت أضافتها إلى مناهجها. لديك حسٌّ إعلامي خاص، وسعة أفق، وقدرة على التحليل المنطقي والسليم. سيدي الكرسي! جائزة بوليتز أصغر منك. الإعلام.. آه من الإعلام.. أعرف أنك لم تدرس «الإعلام» ولم «تشتغل» في الإعلام، وكذلك أعرف أنك لا تقرأ «صحفنا» ولا تشاهد «تلفزيوننا» كي لا تضيع وقتك. لكن.
من أين لك كل هذه القدرات الإعلامية الفذة؟
الرسالة الإعلامية التي تقدمها غاية في الإدهاش. دعنا نتعلم منك.. بلاد لا تستفيد منك بلا «إعلام» ولا أعلام.
سيدي الكرسي الفهيم!
كلماتك شعر.. وحروفك سحر.. من أين تأتي بالفصاحة كلها؟ هل هناك معرفة شخصية مع نزار قباني ربما قالها لك.. أم إن هناك قرابة مع المتنبي؟ سيدي الكرسي: خسرك الأدب!
سيدي الكرسي الفهيم!
الأفكار الاقتصادية التي تملكها كنز وطني، والذين لا يأخذون بها حتى الآن هم على الأقل يهدرون ثروة، كان من الممكن الاستفادة منها على مستوى البلاد كلها، أتفهم رغبتك بأن تبقى قدراتك الاقتصادية مثل «السر الشخصي» لكن من الواضح أنك كرسي أعمال بالفطرة.
سيادة الكرسي المبجل!
لك مني كل الاحترام والتقدير والتعظيم والتفخيم.
أما أنت أيها الجالس عليه فقف كي أراك.
آخر القول:
ننظر إلى الماضي بندم، وإلى الحاضر بخوف، وإلى المستقبل بيأس.
توفيق الحكيم.