سورية

مشاركة مصر في معرض دمشق الدولي تأتي في إطار الواقع والجغرافيا والتاريخ ومن المنطقي أن تدخل شركاتنا بقوة في إعادة الإعمار … القائم بالأعمال محمد ثروت لـ«الوطن»: كل الأطراف تأكدت أن لا حل عسكرياً للأزمة وعلاقاتنا ستتطور مع التوافق على حل سياسي

| حاوره : مازن جبور – تصوير : طارق السعدوني

أكد القائم بالأعمال في السفارة المصرية في دمشق محمد ثروت، أن كل الأطراف تأكدت أنه لا حل عسكرياً للأزمة في سورية، وأنه «يجب إيجاد اتفاق بين الحكومة السورية وأطراف المعارضة للوصول إلى حل سياسي وسطي».
وفي مقابلة خص بها «الوطن» وصف ثرورة الدور المصري في سورية بأنه «واضح جداً»، وأنها مع «الحل السلمي»، مبيناً أن العلاقات مع دمشق ستتطور إيجاباً عندما يتم التوافق على حل سياسي للأزمة، وأن مصر وغيرها من الدول ستسعى حينها إلى تعظيم مشاركتها في سورية، ورفع تمثيلها، مؤكداً أنه لم يكن هناك أي ضغوط على مصر فيما يخص مواقفها من سورية.
واعتبر ثروت، أن مشاركة مصر في معرض دمشق الدولي هذا العام تأتي في إطار الواقع والجغرافيا والتاريخ، متمنياً أن يكون للمشاركة دور في عودة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأن تساهم مصر في إعادة الإعمار، ولافتاً إلى أن إعادة الإعمار ترتبط بالحل السياسي، ومن المنطقي أن تدخل الشركات المصرية فيها بقوة.
وكشف عن فتح مصر الباب للم الشمل لأي أسرة سورية، لصلة القرابة من الدرجة الأولى، موضحاً أن هناك 600 ألف لاجئ سوري في مصر، وأنه في العام الدراسي 2016/2017، دخل 40 ألف طالب سوري على المستوى الابتدائي والإعدادي إلى المدارس المصرية.
وفيما يلي نص المقابلة:
باعتبارك موجوداً في دمشق منذ ثلاث سنوات كيف تقيم الوضع الحالي في سورية بالنظر إلى التطورات الراهنة للأزمة السورية؟
منذ بداية الأزمة في سورية كان لدينا تصور في مصر أنها ستمتد طويلاً نظراً للتعقيدات الداخلية والتعقيدات الإقليمية والدولية المرتبطة بها، إلا أن الأوضاع العسكرية الحالية وما يحيط بها من دمار وقتل، تشهد انخفاضاً في الفترة الحالية، ولكن ليس بالدرجة التي نتمناها لا نحن ولا الشعب السوري الذي يريد أن ينعم بأمان واستقرار، وأن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، أعتقد أنه ما زال أمامنا فترة من الجهد حتى يتم التوصل إلى حل يؤدي إلى السلام والاستقرار بشكل كامل في سورية، نتمنى أن تساعد المفاوضات التي تجري في جنيف في ذلك، فنحن في مصر دائماً نشجع الحل السلمي للأزمة، وأعتقد أن كل الأطراف تأكدت عبر سنوات الأزمة أنه لا حل عسكرياً لها، وإنما يجب إيجاد اتفاق بين الحكومة السورية وأطراف المعارضة للوصول إلى حل سياسي وسطي يؤدي إلى وقف الاحتقان ووقف نزيف الدم في سورية.
غداً ستنطلق فعاليات معرض دمشق الدولي، في مدينة المعارض في دمشق، ومصر من الدول المشاركة رسمياً في المعرض. ما معاني ومؤشرات المشاركة المصرية في هذه المرحلة؟
العلاقات المصرية السورية تاريخية، وعند الغوص في التاريخ المصري ستجد أن العصور المختلفة التي مرت على مصر مرت كذلك على سورية، حتى إن جميع الإمبراطوريات التي غزت سورية غزت مصر، وغيرها من القصص التاريخية التي تثبت أن تاريخ سورية ومصر واحد، حتى في زمن الدولة العباسية والدولة الأموية، فمن كان يبسط سيطرته على سورية يبسط سيطرته على مصر، ومن يبسط سيطرته على مصر يبسط سيطرته على سورية، وكذلك فإنه في عهد محمد علي باشا انتبه إلى أن سورية هي العمق الإستراتيجي لمصر وأحد أعمدة الأمن القومي المصري لذلك سعى إلى مد سيطرته إلى سورية، فالعلاقات دائماً كانت موجودة.
يدل التاريخ على أن العلاقات موجودة بحكم التاريخ ذاته والجغرافيا والواقع، ولذلك فإن مشاركة مصر في معرض دمشق الدولي هذا العام تأتي في هذا الإطار، فمشاركة غرف التجارة المصرية في المعرض هي مشاركة طبيعية، ترتبط بطبيعة العلاقات التجارية بين البلدين، ونحن نتمنى أن تكون لهذه المشاركة دور في عودة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأن نساهم في إعادة الإعمار، ففي المعرض هناك مشاركة مصرية كبيرة، حتى إن جميع الدول المشاركة موجودة في مبنى واحد، على حين إن الجناح المصري موجود في مبنى لوحده مع الجناح السوري، وبحكم الواقع الحالي في سورية، هنالك تجار سوريون كثر في مصر، وهناك رجال أعمال سوريون قاموا بأدوار كبيرة ومهمة في مصر، ونحن دائماً نشجع أن يكون هناك تبادل تجاري بيننا وبين سورية.
ما الدور الذي من الممكن أن تؤديه مصر في إعادة إعمار سورية خصوصاً إذا ما ربطنا بين إعادة الإعمار وبين الدور المصري خلال سنوات الأزمة؟
الدور المصري في سورية واضح جداً، نحن مع الحل السلمي للأزمة، المشكلة أن كل طرف يريد أن يكون الموقف المصري في صفه، إنما الواقع أننا لسنا في صف أي طرف، نحن مع الشعب السوري ومع ما يقرره الشعب السوري، ومع الحل السلمي للأزمة، وضد أي عسكرة لها، لذلك فإن مصر خلال الأزمة لم تساند بأي شكل أي طرف، بل بقيت تتعامل مع كافة الأطراف الدولية لحل الأزمة ضمن خطط الأمم المتحدة، لذلك مصر تدعم وبشدة محطات جنيف وتدعم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وتدعم أي إطار متعدد الأطراف يسعى إلى إيجاد حل للأزمة السورية، مصر شاركت وقدمت مساعدات إنسانية للشعب السوري، والسفارة المصرية بقيت طوال الأزمة تعمل في دمشق ولم تغلق، إلا أنه كان هناك قرار من الجامعة العربية بداية الأزمة بسحب السفراء، ونحن بعد هذا القرار قررنا تخفيض مستوى العلاقات إلى مستوى قائم بالأعمال، ولسنا الدولة الوحيدة التي فعلت ذلك.
نرى أن العلاقات المصرية السورية ستتطور إيجاباً عندما يتم التوافق على حل سياسي للأزمة، فحينها من المؤكد أن مصر وغيرها من الدول ستسعى إلى تعظيم مشاركتها في سورية، ورفع تمثيلها في سورية، ولكن بداية يجب أن يكون هناك حل سياسي يرضي جميع الأطراف، وأن يشعر الشعب السوري بأننا ندخل إلى مرحلة جديدة، وهذا يرتبط بعملية إعادة الإعمار، لأنه إذا لم يكن هناك حل سياسي، فلن يُدفع باتجاه إعادة الإعمار، فوفقا لمنطق الكثير من الشركات والدول بما فيها الصديقة لسورية، فإنه من الصعوبة المجيء وبدء إعادة الإعمار، ما دام هناك حرب قائمة، لأن رأس المال جبان، فالحل السياسي يؤدي إلى الاستقرار وإعادة الإعمار، وبشكل منطقي فإن الشركات المصرية بحكم الجغرافيا والعلاقات التجارية والواقع ستدخل بقوة في إعادة الإعمار.
هل كانت علاقات مصر بسورية خلال الأزمة مرهونة بمؤثرات ما وبشكل خاص بعلاقات مصر بالخليج؟
لم يكن علينا أي ضغوط فيما يخص الموقف من سورية، فالموقف المصري كان دائماً موقفاً مستقلاً، وهذا واضح في كل القرارات التي اتخذناها، ولكن يمكن القول أن الموقف الذي كان منتظراً أو مطلوباً من مصر لم يتم، لأن هناك من يريد موقفاً محدداً من مصر، على حين أن الآخرين يريدون عكس هذا الموقف، إلا أن مصر تحاول أن توازن بين الأطراف كلها وتسعى للوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف، ويرضي الشعب السوري، مصر كانت حاضرة في كل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية، سياسياً كانت مصر موجودة في كل مجموعات الاتصال التي شكلت لأجل سورية خلال سنوات الأزمة، ونحن الدولة العربية الوحيدة التي كانت موجودة على الأرض في تقديم المساعدات لخمس مناطق سورية منها الغوطة الشرقية، التي شاركت فيها مصر فيما بعد لتحقيق التهدئة ولوقف العنف وكذلك في ريف حمص الشمالي، أما على مستوى اللاجئين، ففي مصر أكثر من نصف مليون سوري، ونحن من أكبر خمس دول مستقبلة للاجئين السوريين، علماً أن مصر ليس لديها مخيمات للاجئين، كما أن المواطن السوري يحظى بمعاملة المواطن المصري، سواء على مستوى التعليم والصحة والخدمات بالإضافة إلى حصوله على المنتجات المدعومة مصرياً، فهؤلاء النصف مليون لاجئ، أي منهم يذهب إلى المشافي المصرية، يحصل على رعاية صحية شبه مجانية، كذلك بالنسبة للتعليم ففي العام الدراسي 2016/2017، كان لدينا في المدارس المصرية على المستوى الابتدائي والإعدادي 40000 طالب سوري يتعلمون بالمجان في المدارس المصرية، إضافة إلى أننا اتخذنا إجراءات للتسهيل فيما يخص تأشيرات الدخول، فنحن حالياً فتحنا الباب للم الشمل لأي أسرة سورية، لصلة القرابة من الدرجة الأولى أب أو ابن، والإجراءات لا تأخذ أكثر من أسبوع أو أسبوعين، كذلك نعطي تأشيرات للدراسة وللحالات العلاجية وللمشاركات في الاجتماعات، أو لأي سبب منطقي آخر، هذه التسهيلات موجودة لكن نتيجة للظرف الحالي هناك بعض التدقيق الإضافي، واستقبلنا اللاجئين السوريين رغم الصعوبات التي ترتبت على ذلك، فلدينا نحو 600 ألف لاجئ سوري نقدم لهم مساعدات، وهذا يرتب علينا ضغوطات اقتصادية كبيرة، وجميع هؤلاء اللاجئين مدللون ويأخذون حقوقهم، حتى إن الشعب المصري يهتم بهم لأننا شعب منفتح، حتى إن السوري مفضل وعندما يقدم المصري في عمله خدمة معينة يضع أن المسؤول عن تقديم هذه الخدمة هو سوري، لأنه يعلم أن ذلك سيزيد من نسبة نجاحها، وهذا له جانبان الأول أن الشعب المصري شعب منفتح، والثاني يجب أن نعطي السوريين حقهم فالخدمة التي يقدمها السوري في بعض الأوقات هي أفضل من الخدمة التي يقدمها المصري وبشكل خاص موضوع الأكل، فقد طغت الأكلات السورية والطعام الذي يقدمه السوريون على الطعام المصري، حتى إن المزاج العام المصري في الأكل بدأ يتغير قليلاً باتجاه الطعام السوري.
هناك أنباء عن أن الميليشيات المسلحة المشمولة في اتفاق تخفيف التصعيد في ريف حمص الشمالي، الذي دخلتم فيه كوسيط، تسعى لنقض هذا الاتفاق والدخول في اتفاق مباشر مع روسيا. ما موقفكم من ذلك؟
نحن دائماً مع الحل السلمي للأزمة السورية، وعندما تطلب منا أطراف معينة التدخل والوساطة في كل ما يمكن أن يسفر عن وقف العنف وسفك الدم سنقدمه، لكن كما كان لنا في مصالحات الغوطة وريف حمص دور واضح ومعلن، ففي المستقبل عندما يكون هناك أي مقترح من أي طرف لوقف العنف سنكون موجودين.
ما موانع رفع تمثيلكم الدبلوماسي في سورية؟ وهل سيتم ذلك قريباً؟ وهل سنشهد زيارات لمسؤولين مصريين إلى دمشق؟
مثلما قلت لك هناك وجود المصري في سورية على مستوى القائم بالأعمال، أما بخصوص قيام مسؤول مصري بزيارة إلى سورية على مستوى وزير خارجية أو فيما يخص رفع مستوى التمثيل بشكل أكبر، فهذا يتوقف على التطورات القادمة فيما يخص الحل السياسي للأزمة، ونحن ندعو جميع الأطراف إلى التعاطي بإيجابية مع جهود الأمم المتحدة والمبعوث الأممي في جنيف، لأنه كلما أسرعنا بإيجاد حل سياسي مرضي، ويعطي شعور للسوريين وللمجتمع الدولي قبل أي طرف أن هناك حل يرضي جميع الأطراف وليس طرفاً واحداً، فسيساعد ذلك في تحسين العلاقات بشكل أسرع.
ما يهمنا هو أن تشعر جميع الطوائف وجميع أطياف الشعب السوري، أن الشعب المصري معهم، وليس مع طرف ضد طرف، دائماً كانت خطواتنا فيما يخص الأزمة السورية محسوبة بدقة، وبما فيه مصلحة الشعب السوري، وأعتقد أن الزمن قد أثبت أن موقفنا كان سليماً لأن كل الأطراف التي انحازت بشكل واضح إلى طرف معين تجد الآن أن هناك جزءاً من الشعب السوري لا يقبلها، وأزعم أن مصر ترى موقفهم موحداً تجاه دورها في الأزمة السورية، وهذا بالأساس ناتج عن حكمة الموقف المصري خلال الأزمة وعدم الانحياز لأي طرف، والانحياز فقط للشعب السوري، ولما فيه مصلحة الشعب السوري، من خلال الوسائل السلمية فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن