سورية

عودة الحرارة إلى العلاقات ما بين ضامني «أستانا»

الوطن – وكالات

أعاد تلويح الولايات المتحدة الأميركي بمهاجمة محافظة إدلب، الحرارة إلى العلاقات ما بين شركاء أستانا، الذين تباعدت مواقفهم في أعقاب اتفاق موسكو واشنطن على إقامة منطقة تخفيف توتر في جنوب غرب سورية.
واكتملت الصورة بشأن الزيارة المفاجئة لرئيس هيئة الأركان الإيرانية باقري إلى العاصمة التركية أنقرة، بزيارة مرتقبة لنظيره الروسي فاليري غيراسيموف كي يناقش الاثنين مع زميلهم التركي خلوصي آكار إقامة منطقة تخفيف توتر في محافظة إدلب شمال غرب البلاد.
وتسارعت الأحداث حول هذه المحافظة بشكل خاطف مؤخراً، مع سيطرة تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي على مركزها والمناطق الحدودية منها مع تركيا، وإخراجها منافستها اللدودة ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» من معادلة القوة في المنطقة. وسارعت واشنطن إلى الإعلان عن تحول إدلب إلى أكبر معقل لتنظيم «القاعدة» الإرهابي في العالم، ما أدى إلى قرع نواقيس الخطر في كل من إيران، تركيا، روسيا، كل لأسبابه.
فطهران تخشى توسع نفوذ أميركا في الخريطة السورية عبر أداتها «قوات سورية الديمقراطية – قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية الأمر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن القومي الإيراني لناحيتين، الأولى ترسيخ وجود أميركي معادي في الهلال الخصيب، والثانية، سحب واشنطن الورقة الكردية من يد كافة الأطراف الدوليين والإقليميين ولعبها ضدهم بما يهدد وحدة أراضيهم.
أما روسيا فإنها ترصد محاولات واشنطن تعديل مهمة «التحالف الدولي» الذي تأسس لقتال تنظيم داعش الإرهابي حصراً إلى قتال «جبهة النصرة» عبر عملية تطلقها «حماية الشعب» من مواقعها في عفرين بريف حلب الشمالي باتجاه إدلب، ما يشكل خروجاً عن تفاهمات غرب – شرق نهر الفرات خصوصاً أن الأخيرة تقع في غرب سورية وتشرف على الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط، كما سيؤدي ذلك إلى حرمان الروس من الاستثمار في الورقة الكردية بالشرق الأوسط، فضلاً عن أن النجاح في إدلب سيؤدي إلى تشكل كيان جديد في المنطقة تخشى موسكو أن تستخدمه واشنطن كمخلب قط لابتزاز الدول الإقليمية، العراق، سورية، إيران، تركيا، وضبطها، ولجمها ضمن الإستراتيجية الأميركية الشاملة.
وكشف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو عن أن رئيس الأركان الروسية سيزور أنقرة لمناقشة إقامة منطقة وقف التصعيد في محافظة إدلب مع نظيريه التركي والإيراني.
وقال في مقابلة تلفزيونية: إن «الاجتماعات بشأن تخفيف التصعيد في إدلب متواصلة، وآخرها كان في طهران على مستوى الخبراء مطلع آب الجاري» مبيناً أن رئيس هيئة الأركان الإيرانية وصل إلى تركيا أول من أمس، وسيحضر قريباً رئيس الأركان العامة للقوات الروسية، وأضاف: «مستشارونا يجتمعون دوماً وهذه المسألة تناقش باستمرار».
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أعلن في وقت سابق، أن العمل جار على تنسيق منطقة أخرى من تخفيف التصعيد، في محافظة إدلب السورية هذه المرة.
وعقدت في «أستانا» في تموز الماضي الجولة الخامسة من المحادثات حول سورية لمناقشة الخيارات المتاحة لمناطق تخفيف التصعيد في المستقبل. وكانت النتيجة الرئيسية للجولات السابقة من المفاوضات، تشكيل قوة مشتركة لمراقبة وقف القتال في سورية وتوقيع الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مناطق تخفيف التصعيد في سورية. وحتى الآن، أنشئت ثلاث مناطق لتخفيف التصعيد في: شمال مدينة حمص، في منطقة الغوطة الشرقية وعلى الحدود مع الأردن.
وكما هو الحال في اثنتين من المناطق الأخرى القائمة لتخفيف التصعيد، لا تنطبق قواعد وقف الأعمال العدائية في منطقة حمص على الإرهابيين من «جبهة النصرة» ولا على مسلحي تنظيم داعش.
من جهة ثانية، امتدح وزير الخارجية التركي روسيا لأنها «أكثر تفهما لموقف بلاده بشأن (وحدات حماية الشعب) من الولايات المتحدة».
وتزود واشنطن «وحدات حماية الشعب» بالسلاح في قتالها ضد تنظيم داعش مما يثير قلق تركيا التي تعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور على أراضيها والذي يخوض حرباً في جنوبها الشرقي منذ ثمانينيات القرن الماضي لتحصيل حقوق الأكراد.
وسبق للمتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ أن أكد أن بلاده لن تسمح أبداً بإقامة ممر إرهابي في المنطقة ولن تغض الطرف عن فرض أمر واقع، وهي جاهزة لكل السيناريوهات في حال تهديد أمنها القومي. وفي تعليق على أنباء حول استعدادات تركية عسكرية لشن عملية جديدة في شمال سورية رداً على «حماية الشعب»، قال: «كل ما يجري في سورية يخص بشكل مباشر الأمن القومي التركي». ووصف عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي «الذي تتبع له حماية الشعب» الموجودون في عفرين، ومنه تشن هجمات استفزازية ضد تركيا بالإرهابيين ، وقال: «قمنا بالرد بالمثل في كل مرة ولن نتوانى عن مواصلة ذلك مستقبلاً».

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن