إغلاق «نصيب» حول لبنان إلى جزيرة…ثلث صادرات لبنان في مهب الريح والخسائر بملايين الدولارات
يرتب إقفال الأردن لحدودها مع سورية أعباء على الاقتصاد اللبناني المنهك أصلاً بفعل أسباب عدة بينها تداعيات الأزمة السورية، حيث أصبح ثلث الصادرات اللبنانية في مهب الريح.
والشهر الماضي، سيطرت مجموعات إرهابية، بينها «جبهة النصرة» الفرع السوري لتنظيم «القاعدة»، على معبر نصيب الحدودي مع الأردن في محافظة درعا، ما أدى إلى توقف حركة التصدير براً بين كل من سورية ولبنان والأردن.
ويصدر لبنان براً إلى الأسواق العربية الخضار والفواكه ومواد غذائية ومعلبات وحبوباً ومربيات وآلات ومعدات كهربائية ومواد أولية للصناعات الكيمياوية.
وبلغت صادرات لبنان العام 2014، وفق إحصاءات رسمية، أكثر من 920 مليون دولار إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقرابة 256 مليون دولار إلى العراق. وتحتل السعودية والإمارات والعراق قائمة الدول المستوردة من لبنان.
ويقول المحلل الاقتصادي نسيب غبريل: «معبر نصيب كان الوحيد الذي تصدر من خلاله المنتجات اللبنانية براً وبعد إغلاقه لم يعد هناك من معابر. تتعرض 35 بالمئة من الصادرات اللبنانية اليوم للخطر». ويشير إلى أن قطاع التصدير البري هو القطاع الثاني المتضرر بعد السياحة في لبنان بسبب الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات.
ويستضيف لبنان ذو الموارد المحدودة والتركيبة السياسية الهشة نحو 1.2 مليون سوري هربوا من عنف الإرهابيين على حين بات ضبط الحدود الطويلة مع سورية تحدياً أمنياً جديداً مع ازدهار حركة تهريب المسلحين والبضائع والمنتجات عبر المعابر غير الشرعية.
ووفقاً لغبريل فقد صدر لبنان العام الماضي منتجات بقيمة ثلاثة مليارات و300 مليون دولار، أي ما يوازي ثمانية بالمئة من حجم الاقتصاد، وذلك بتراجع نسبته 16 بالمئة عن عام 2013. ويقول غبريل: «نواجه اليوم تراجعاً إضافياً بسبب الاضطرابات وإغلاق المعبر الوحيد الذي تنفذ منه الصادرات إلى الأسواق الخليجية والعراقية».
يشرح نقيب مالكي الشاحنات المبردة عمر العلي التأثير الحاسم لما جرى في نصيب على قطاعه، ويقول في مكتبه الكائن ببلدة بر إلياس القريبة من الحدود السورية: «لدينا 900 شاحنة مبردة متوقفة داخل لبنان ونحو 290 شاحنة أخرى عالقة في الخارج بين السعودية والكويت والأردن». ويمضي موضحاً أن نحو 250 شاحنة نقل كانت تجتاز الحدود اللبنانية يومياً في الأوضاع العادية. وفي فترات الركود، انخفض العدد إلى 120 قبل توقف الحركة كلياً، باستثناء الرحلات التي تنقل البضائع إلى السوق السورية.
ويتحدث العلي عن خسائر بملايين الدولارات، ويقول: «شاحناتنا تنقل إنتاجنا الزراعي وإنتاجنا الصناعي، وهو ما يحرك الاقتصاد اللبناني». ويضيف: «يقبض السائقون راتباً بقيمة 1500 دولار شهرياً لتأمين متطلبات عائلاتهم عبر تحريك قطاعات أخرى. كل ذلك توقف الآن».
ولخص وزير الزراعة أكرم شهيب أثر اجتماع لمجلس الوزراء تطرق إلى الأزمة الأسبوع الماضي الوضع، قائلاً: «للأسف أصبحنا في جزيرة». وتدرس الحكومة اللبنانية خطة لنقل الصادرات التي كانت تنقل براً عبر البحر.
إلا أن غبريل يلفت إلى أن نقل البضائع عبر البحر «يتطلب وقتاً أكثر من البر والكلفة بالتأكيد أعلى، لكن هذا الحل يبقى أفضل من لا شيء».
ويعد القطاع الزراعي أكثر القطاعات تضرراً في حال استمرار أزمة التصدير، وهو يعاني أساساً نقص الدعم الرسمي والأساليب الحديثة. ووفق إحصاءات وزارة الزراعة، يؤمن هذا القطاع نحو ستة بالمئة من الدخل الوطني ويشغل ما بين عشرين إلى ثلاثين بالمئة من اليد العاملة ويمثل نحو 17 بالمئة من قيمة الصادرات.
ويبلغ الموسم الزراعي ذروته خلال الصيف، وتحديداً في شهري أب وأيلول، ما يوجب إيجاد حل رسمي سريعاً.
ويقول أحمد علم، أحد أبرز مصدري الفواكه والخضار في منطقة البقاع: إن خسائره بلغت مليون دولار أميركي بعد إغلاق المعبر وتوقف عشرين شاحنة من مؤسسته عن نقل الخضار والفاكهة عبر سورية. ويشير إلى تراجع الأسعار بنسبة كبيرة نتيجة الأزمة. ويقول: «انخفض سعر صندوق التفاح (بالجملة) مثلاً من 25 ألف ليرة لبنانية (17 دولاراً) إلى خمسة آلاف ليرة (3 دولارات)».
أ ف ب