حلا رجب من نجمات الغد
إسماعيل مروة :
رغم الألم والكارثة احتفظت بالابتسامة مع الألم، بكت لآلام أبيها، وارتعش قلبها لبائع القهوة، نزلت دمعاتها، فرحت لخطبة أختها، ظهرت روحها الطيبة، وبرزت ممثلة قادرة ومبدعة، ولكنني لم أربط الاسم بالشكل بسبب اللباس، إلى أن ظهرت في بيت عم أختها على طبيعتها، فكانت حلا، وكان الربط والمزج بين شخصيتين تابعتهما بشغف، ففي «بانتظار الياسمين» كانت الابنة والأخت والمهجرة، وفي «حرائر» كانت ماري عجمي القوية المتحررة، وإذا كان النص في «حرائر» ذكياً، فلم يلجأ للتنظير في قراءة عجمي وجعلها إنساناً متحركاً، فقد أضفت حلا على الشخصية بصمتها الخاصة في فكرها، وفي مجابهتها لجمال باشا، وفي علاقاتها مع سيدات المجتمع، وفي جهدها لتحرير المرأة، وفي شهاداتها التي قالتها، والأهم في عشقها لحبيبها الذي سجن في سجون جمال باشا، ويعرف الكتاب بأن الخطوط التفصيلية لهذه الشخصيات تكون من اختراع الكاتب غالباً، وخاصة ما يتعلق بالوجدان والداخل، ولكن حلا ببراعتها وقدرتها استطاعت أن تحوّل هذه التفصيلات المخترعة إلى حقيقة، فارتجافة الصوت، وارتعاشة أصابع اليدين عند ملامسة ألم من تحب المرتسم على وجهه يدل دلالة قاطعة على تفوقها وبراعتها.. وأزعم أن هذين الدورين اكتشاف لنجمة ستكون مهمة من نجمات الغد، فهي لا تعتمد الجمال والزينة، مع جمالها الخاص، فقد تخلت عن الشكل بلباسها، وتخلت مرة أخرى لتحاكي شخصية عجمي وعكازها، وعلى الرغم من ذلك برزت الموهبة، ولم يجد المعنيون بداً من الاعتراف بأن حلا أبدعت هذا الموسم، وهذا يعني أنها ستكون أكثر إبداعاً في العام القادم وفي المستقبل.
الدراما السورية ولادة وها هي تنبئ بولادة ممثلة مختلفة قادرة على تقديم الأدوار المختلفة، قادرة على الاحتفاظ بالألق بعيداً عن الشكل والزينة، لكنها ممثلة ترقى إلى مستوى النجومية، وهي كما تابعتها وجه تحبه الكاميرا وترتاح إليه، والمطلوب اليوم أن تعمل حلا على ذاتها وأدواتها واختياراتها لتنتقل إلى مرحلة نوعية تناسب انطلاقتها النوعية… أبدأ من حلا الحديث عن مفهوم الممثل والنجومية الذي قررت إعطاءه الاهتمام بعد انتشار الدراما السورية والسورية العربية، وهجرة الممثلين الذين خافوا على أنفسهم، ليصبحوا ضيوفاً مؤقتين على موائد الدراما المشتركة، لن يلبث أن ينتهي الموسم لتأفل نجومهم!
في سورية، ومن قلب الرماد والدم خرجت أعمال وطاقات، وبرزت مواهب عديدة تستحق الاهتمام والمتابعة، وستصبح قريباً محل اهتمام الداخل والخارج، حلا ممثلة مقتدرة ونجمة للغد فلنرقب ونترقب، ولتستمتع بجهدها كما أمتعتنا.