سورية

حلفاؤها الغربيون والإقليميون: ليس أمامكم سوى قبول الوقائع الحالية … الرياض تدعو المعارضات لوضع «رؤية جديدة» للحل

| وكالات

في تحول سياسي كبير في الملف السوري، فرضه إيقاع الميدان، جدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير دعوته للمعارضات السورية للبحث عن رؤية جديدة للوصول إلى حل في سورية، بينما أبلغهم حلفاؤهم الغربيون أنه ليس أمامهم سوى قبول الوقائع الجديدة في سورية، في وقت يبدو فيه هؤلاء الحلفاء الغربيون والإقليميون يركِّزون الآن بصورةٍ أكبر على السعي وراء مصالحهم الخاصة بدلاً من تغيير النظام في سورية.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن باريس لا تطرح رحيل الرئيس السوري بشار الأسد شرطا مسبقا، إنما ترى أولويتها في الحرب على تنظيم داعش في الأراضي السورية، وذلك أثناء مؤتمر صحفي عقده لودريان ووزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي مع وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، أثناء زيارتهما الرسمية إلى بغداد، أمس، وفق ما نقل الموقع الالكتروني لقناة «روسيا اليوم».
ووصف لودريان الملف السوري بأنه «الموضوع الأساسي في الحرب الدائرة على الإرهاب»، مشددا على أن فرنسا «كانت وستظل في الخطوط الأمامية لهذه المعركة».
وأوضح رئيس الدبلوماسية الفرنسية، أن المبادئ التي تستند إليها بلاده في الملف السوري هي «التزام جميع أطراف النزاع بعدم استخدام الأسلحة الكيمائية، وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتوسيع مناطق وقف إطلاق النار لتشمل الأراضي السورية بأكملها».
وتصريحات لودريان هذه حول الملف السوري ليست المرة الأولى التي تظهر تغير موقف باريس إزاء هذه الأزمة، إذ أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد توليه الحكم في أيار المنصرم، أن «فرنسا لم تعد ترى في رحيل (الرئيس) الأسد شرطا ضروريا لحل الأزمة السورية، وذلك بسبب غياب أي بدائل حقيقية له».
على خط مواز، ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية في تقرير للصحفية لوسيندا سميث من اسطنبول وريتشار سبينسر مراسل الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط، إن هناك تغيرا جذريا فى موقف بريطانيا وحلفائها تجاه الحرب السورية بعد تخليهم عن مطلبهم الذى تمسكوا به لفترة طويلة والمتمثل فى ترك الرئيس الأسد السلطة.
وقال التقرير: إن «البريطانيين ربما يقبلون بانتخابات يسمح للرئيس الأسد بالمشاركة فيها».
وأشار التقرير الذي نقلت «بي بي سي» عربي مقتطفات منه، إلى أن «الحلفاء الغربيين أبلغوا زعماء المعارضة خلال اجتماعهم أخيرا في الرياض أنه ليس أمامهم سوى قبول وجود (الرئيس) الأسد في دمشق وبالتالي ليس هناك مجال للتمسك بضرورة تنحيه قبل خوض مفاوضات حول مستقبل سورية».
وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قد ألمح لهذا التغيير في لقاء مع برنامج «توداي» لـ«راديو 4» البريطانية حيث قال: «عكفنا على التأكيد على ضرورة تنحيه (الرئيس الأسد) كشرط مسبق ولكن نقول الآن إنه يجب أن يذهب في إطار مرحلة انتقالية ومن حقه أن يخوض غمار انتخابات ديمقراطية».
وبحسب وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية للأنباء، يطالب دبلوماسيون أميركيون وسعوديون من المعارضة أن تتصالح مع الوقائع الجديدة في سورية والقبول بواقع بقاء الرئيس الأسد.
وأشارت الوكالة إلى أن داعمي المعارضة الغربيين والإقليميين يركِّزون الآن بصورةٍ أكبر على السعي وراء مصالحهم الخاصة بدلاً من تغيير النظام في دمشق، مضيفةً أنهم يحولون تحالفاتهم كما أنهم توقّفوا عن المطالبة بتنحّي (الرئيس) الأسد.
وفي هذا السياق، قال السفير الأميركي السابق لدى سورية، روبرت فورد، وهو الآن «زميل» بمعهد «الشرق الأوسط» بواشنطن: «ليس هناك من ترتيبٍ عسكري يمكن تصوُّره باستطاعته الإطاحة بالأسد. وقد أدرك الجميع، ومن بينهم الولايات المتحدة، أنَّ (الرئيس) الأسد باقٍ».
وقالت الوكالة: إنه ومع جولةٍ جديدة من المحادثات حول سورية في مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتّحدة، يجري إبلاغ «الهيئة العليا للمفاوضات»، حتى من قِبل أقرب رعاتهم، بأنَّهم «سيخاطرون بالانفصال عن حقيقة الوضع إذا لم يتأقلموا مع الوقائع الجديدة».
وطبقاً لما ذكره أحد المحاوِرين المُطَّلعين على هذه المسألة، فقد قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للمعارضة إنَّ «الوقت حان لصياغة رؤيةٍ جديدة».
وقال المحاوِر، الذي يتوسَّط بين المعارضة والعواصم المعنية، والذي طلب عدم الكشف عن هُويته حتى لا يُهدِّد هذا عمله: «لم يقل الجبير صراحةً إنَّ (الرئيس) بشار (الأسد) باقٍ، لكن إذا قرأت ما بين السطور، عندما تقول إنَّه يجب أن تكون هناك رؤية جديدة، فما هي أكثر القضايا إثارة للخلاف في الأزمة السورية؟ إنَّها بقاء (الرئيس) بشار (الأسد)»، وفقاً للوكالة الأميركية.
وفي اجتماعٍ عُقِد على مدار يومين في الرياض بقصد محاولة تقريب وجهات النظر بين منصات المعارضة الثلاث (الرياض، موسكو، القاهرة) وخروجهم برؤيةٍ موحَّدة تضع في اعتبارها الوقائع السياسية والعسكرية الجديدة، ظهرت الانقسامات بين صفوف المعارضة مجدداً في أوضح صورها.
وقال أحمد رمضان مما يسمى «الائتلاف» المعارض، وهو أبرز الكتل في «الهيئة العليا للمفاوضات»: «نرفض أي دورٍ لـ(الرئيس) الأسد في الفترة الانتقالية».
لكن داخلياً، هناك حديث عن إعادة هيكلة «العليا للمفاوضات» لإعطاء مساحةٍ لأصواتٍ أكثر توافقية في صفوف المعارضة، وتتمثَّل تلك الأصوات في مُمثِّلين مقيمين بالقاهرة وموسكو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن