واحدة بواحدة..
| د. اسكندر لوقا
لا أريد أن «أزايد» على أحد في مسألة لها أبعادها في وقتنا الراهن، وكذلك لها تبعاتها على أناس تعرضوا مؤخراً لمخاطر الأعاصير التي شاهدناها في الفترة الأخيرة هنا وهناك، كما شاهدنا تبعات فيضانات وزلازل وكوارث أخرى عليهم نجمت عنها أضرار لا يستهان بها ولا تقدر بثمن.
يسوقني إلى هذه الوقفة، ما قرأته على مدى عدة أيام في مواقع التواصل الاجتماعي عن استنكار البعض من متتبعي تبعات تلك الحوادث، لآراء عدد من أصحاب الرأي كان قد ورد فيها أن ما أصاب سكان فلوريدا الأميركية تحديدا، جراء هبوب إعصار إيرما، حالة مستحقة، كذلك إعصار هارفي الذي كان قد أصاب ولاية تكساس.
في رأي البعض من الكتاب أن الشماتة غير مستحبة في مثل هذه الحالة لوجود بون شاسع بين الحكومة الأميركية من جهة والشعب الأميركي من جهة أخرى ولأن الإعصارين ألحقا خطراً بالسكان أولاً وليس بالحكومة، وإلى غير ذلك من آراء تصب في المنحى الذي يلوم الشامتين مهما كان عذرهم.
بيد أن هذه الشماتة، لها أرضية كما يجب علينا فهمها مسبقا، فكما نعلم أن الحكومة الأميركية لم يصدر عنها، في أي وقت، رأي يستنكر ما حدث ويحدث في أرجاء الوطن العربي الذي عانى أعاصير الحقد على شعوبه لا على حكوماته فقط. فالقضية إذاً قضية حساب لا مجرد شماتة، فكما كانت شماتة الحكومات الأميركية على مستوى الحقد على عرب المنطقة وتحديدا على الشعب العربي السوري، في أوج أزمته وهو يواجه أعاصير من نوع أشد إيلاما من أعاصير طبيعية طارئة، وهو يخوض معركة مصير ضد داعش وتفرعاتها، لذلك تبرر الشماتة على حكومة وشعب لم يصدر عن أي منهما ما يدل على صفاء النية تجاهنا ولو بكلمات عابرة، بل العكس من ذلك فقد أمرت الحكومة الأميركية ضدنا ولم نقرأ يوماً عن موقف شعبي معلن ينتقد سياسة حكومته تجاه ما تمارسه ضدنا في العلن ومن دون أن تأخذ بعين الاعتبار الجوانب النفسية لشعب لم يقم بأي عمل يستفز تلك الحكومة ويدفعها لاقتناص فرصة لوضع قدميها على أرضنا.
المسألة، إذاً، يجب أن تدرس بموضوعية، وذلك بالعودة إلى ما تحدثت عنه كتب علم النفس وعلم الاجتماع وسوى ذلك، حتى نتفهم جيداً ما سبب الشماتة بأميركا كأميركا حكومةً وشعباً معاً. ولذلك اخترت عنوانا لوقفتي هذه: واحدة بواحدة.