رياضة

تجاوزات صريحة بعقود اللاعبين ونظام الاحتراف لا يشمل الأندية الكبيرة

| مهند الحسني

الاحتراف في كرة السلة أصبح واقعاً ملموساً، ومطلباً ملحاً لابد من تطبيقه بشكل يتناسب ويتماشى مع واقعنا الرياضي الحالي، لكونه لم يعد نزوة ارتفعت حرارتها فجأة كرد فعل على الكثير من السلبيات التي تتخبط فيها الأندية، وكذلك اللاعبون، وخاصة بغياب العلاقة التبادلية الصحيحة بين الأطراف، وفقدان الناظم العادل، والمرجعية التي تحكم الحركة الرياضية، وأبطالها بالشكل السليم، وقد تجبرنا الأحداث الدراماتيكية، وتفاصيل يوميات سلتنا على تجديد مقولة إن خياط ثوب الاحتراف لم يكن معلماً محترفاً، فهو أجبرنا على ارتداء الثوب الفضفاض بمقياسات كبيرة، وخلافاً لكل التوقعات التي سبقت إقرار قانون الاحتراف في سورية بالفترة الماضية، ولاسيما توقع الكثيرون أن يكون هذا النظام بمنزلة طوق النجاة لكرة السلة، فإذا به يتحول إلى كرات حديدية كبلت وقيدت كرة السلة، وشدتها نحو الأعماق.
فالنظر إلى نصف الكأس الملآن لا يكفي، لأن الاستقرار المادي الظاهر الذي عاشه اللاعبون في عصر هذا الاحتراف كان حبراً على ورق، ولم نشاهد من الاحتراف سوى قبض مئات الألوف، والملايين من دون أن نلمس تطوراً حقيقياً في مستوى اللاعبين والأندية، ولن نشاهد تفرغاً كاملاً لكرة السلة إلا القليل أو النادر، وهذا الاحتراف وبكل صراحة أضر بالأندية، فمن أصل (12) نادياً لدينا ناديان فقط يعيشان أجواء احترافية مثالية، وما تبقى يلهث عن هبة من هنا ومعونة من هناك، وقد زادت الأزمة التي تمر ببلدنا المزيد من هموم تلك الأندية، فباتت مشاركتها بالمسابقات المحلية إنجازاً بحد ذاته، بعدما خسرت الكثير من قوامها ولاعبيها واستثماراتها، وهذا الواقع لن يساهم في خلق أجواء لكرة سلة سليمة، فكيف ستستوي الأمور في مفاصل سلتنا إذا كانت خطوات أنديتنا الاحترافية عرجاء، وغير واضحة وتعيش على الهبات والمعونات؟

تعديلات
ما تم تسريبه إلينا من التعديلات الجديدة لنظام الاحتراف في مؤتمر السلة الأخير لا يدعو للتفاؤل أبداً، لكون التعديلات أولت اهتمامها بتفاصيل لم ولن تتقيد فيها الأندية، وخاصة فيما يخص موضوع رواتب اللاعبين وشرائحهم، دون أن تكون هناك دراسة جدّية لوضع آلية جديدة، وضوابط حديدية لتطبيق هذه التعديلات، التي باتت كالمعلبات المستهلكة التي انتهت صلاحيتها، ولم تعد تسمن أو تغني من جوع، فلم تتمكن بعض الأندية من تطبيق بنود نظام الاحتراف لأن هناك صفقات تجري تحت الطاولة مع اللاعبين النجوم الذين وجدوا إجحافاً كبيراً بحقهم في هذا الاحتراف، لذلك بدأت الصفقات المشبوهة تعقد مع هؤلاء اللاعبين برواتب خالية مخالفة لما تم وضعه واعتماده بنظام الاحتراف الجديد، ويجري ذلك أمام مرأى القائمين على نظام الاحتراف من دون أن يكون هناك تدخل ايجابي للحد من هذه الفوضى.

ضرورة الإعادة
مادامت لجنة الاحتراف المركزية قد أصدرت هذه التعديلات الجديدة لرواتب اللاعبين بعيداً من الآلية المناسبة لتطبيقها بما يتناسب ويتماشى مع واقع الأندية الحالي، تكون بذلك قد أثبتت ضعفها، ووقفت عاجزة أمام التجاذبات التي بدأت تنهش قوام سلتنا، والأحرى بأعضائها إعادة تقييم تعديلاتهم، والعمل على تقديم آلية جديدة بعيدة كل البعد عن الصفقات المشبوهة التي قد تجري بين الأندية واللاعبين بوجود ضوابط وأنظمة تضرب بيد من حديد كل من يتجاوزها، وإن لم يتمكنوا من ذلك قبل صدور التعديلات بشكل رسمي، فالأفضل للجنة التنحي والجلوس في المنازل، ومتابعة كرة السلة عبر شاشة التلفزيون، فذلك من مصلحتهم ومصلحة كرة السلة السورية.

آلية جديدة
يبدو أن انتقالات هذا الموسم قد أسدل الستار عليها، ونجحت الأندية الغنية في تعكير أجواء نظام الاحتراف تاركة الفتات للأندية الصغيرة التي اكتفت بدور المشاهدة من دون أن تتمكن من الاعتراض على أقل تقدير، وعلى كل حال فإن طرحنا هذا مبعثه ذلك التعامل الانتقائي من هذه الأندية الكبيرة، على اعتبار أنه في كثير من الأحيان لا يتوافق مع تعديلات نظام الاحتراف، فيتم تغييبه في أي صفقة من المفترض أن يكون هو الأولى فيها، لذلك لابد في اتحاد السلة من إعادة دراسة نظام الاحتراف، ووضعه على طاولة القيادة الرياضية من أجل الحد من فوضى الانتقالات، والصفقات الخالية التي تساهم بشكل أو بآخر بتعكير أجواء اللعبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن