تهديد إسرائيل بضربات استباقية ضد إيران أصبح أصعب
تحسين الحلبي :
ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس أن مسؤولاً عسكرياً أعلن أن: «إيران لا تزال في جدول عمل الجيش الإسرائيلي للسنوات المقبلة الهدف رقم/1/» رغم الاتفاق الموقع بين طهران والسداسية الدولية في الموضوع النووي. واعتبر المسؤول العسكري في حديثه لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن «إيران لن تكف عن السعي إلى امتلاك السلاح النووي ولن تتوقف عن دعم المنظمات الفلسطينية وحزب الله» وأشار إلى ضرورة «تعزيز العمل المخابراتي الإسرائيلي ضد إيران وحلفائها».
ولا شك أن هذه التصريحات العلنية تتفق مع التصريحات التي أطلقها رئيس الحكومة نتنياهو تعقيباً على التوقيع على اتفاق السداسية مع طهران وهذا يعني أن درجة حالة الحرب والترقب العدائي الإسرائيلي ضد إيران وحلفائها يجب أن تزيد بعد الاتفاق أكثر فأكثر وكأن تل أبيب تلوح بشن عدوان أو هجوم (استباقي) تبرره لنفسها ضد طهران وتعمم أسبابه على وسائل الإعلام وأصحاب القرار في الولايات المتحدة، فما بين التهديد بشن هجوم (استباقي) وتنفيذه (ساعة الصفر الافتراضية) سيظل التوتر في المنطقة هو الشغل الشاغل لإسرائيل وسياستها تجاه المنطقة، وكان من اللافت أن تظهر في عدد من المجلات الإلكترونية الأميركية تحليلات متعددة الاتجاهات حول موضوع «الحرب الاستباقية» والحرب الوقائية (preventive) أو (preenptive) وخصوصاً في مجلة (نيشينال انترست) بقلم ميخائيل ليند، وفي مجلة (ذي أميريكان كونسيرفاتيف) بقلم دانيال لاريسون، الذي كشف فيه أن (سكوت ووكر) المرشح في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري للرئاسة أعلن أمام الصحافة الأميركية أنه يدعم شن حرب (استباقية) أو (وقائية) ضد إيران في اليوم الأول الذي يجري فيه تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في انتخابات عام 2016، وأن المطلوب من الجيش الأميركي إعداد مستلزمات هذا الهجوم. ويبدو أن نتنياهو يراهن كثيراً على نجاح أي من المرشحين من الحزب الجمهوري للاتفاق معه على مثل هذه الحرب ما دامت قيادة الجيش الإسرائيلي تعتبر إيران الهدف رقم/1/ في الخطة العسكرية للسنوات المقبلة. لكن السؤال الذي تطرحه هذه المجلات الإلكترونية الأميركية هو: هل سيسمح الديمقراطيون للجمهوريين أن يحرموهم من المكاسب التي حققها أوباما للحزب الديمقراطي في عام 2015 قبل عام من الانتخابات على الرئاسة؟
يرى قادة الحزب الديمقراطي أن أوباما أغلق أقدم ملفين للأزمات الاستراتيجية التي رافقت جميع رؤساء الولايات المتحدة وبقيت على جدول عملهم من دون حل منذ عام 1962 حول كوبا ومنذ عام 1979 حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والثورة التي أطاحت بنظام الشاه والمصالح الأميركية في إيران، ولا شك أن الحزب الديمقراطي سيوظف هذين (الإنجازين) لمصلحة المرشح عن الحزب الديمقراطي للرئاسة من أجل تعزيز فرصته للبقاء في البيت الأبيض لدورة ثالثة بعد أن استكمل أوباما دورتين في الرئاسة وسيغادر هذا المنصب بموجب الدستور الأميركي.
ويتوقع المحللون في الولايات المتحدة أن تشهد الأشهر المقبلة تنافساً حاداً بين سياسة الديمقراطيين وسياسة الجمهوريين تتوافر خلالها لإسرائيل وللمنظمات اليهودية الأميركية تسخير كل نفوذها وقدراتها من أجل تخريب الاتفاق الأميركي الإيراني الذي سيدشن مرحلة انتقالية لا ترى فيها إسرائيل مصلحة على المدى القريب وخصوصاً إذا نجحت موسكو في تنفيذ فكرة إنشاء تحالف إقليمي دولي جديد لمحاربة إرهاب داعش وأمثالها في المنطقة والعالم.
فمن الواضح أن إسرائيل ستكون خارج أي إطار تحالفي تفرضه الجهود الموجهة للتخلص من إرهاب داعش سواء جرى بناؤه باتفاق أميركي روسي أو باتفاق روسي مع إيران وحلفائها، فالتحالف الذي أنشأته واشنطن لم يكن يحمل أي مصداقية ملموسة لشن حرب حقيقية ضد داعش وتتفاقم يوماً تلو آخر الخلافات بين أعضائه العرب إلى حد جعل السعودية تزيد من قدرات منظمة (القاعدة) و(داعش) وأمثالهما بعد حربها على اليمن لأنها عملت على إضعاف جيش علي عبد الله صالح وأنصار الله مقابل تقوية نفوذ وعمليات (القاعدة) و(داعش) وهو ما لا تستطيع واشنطن التوافق معه بشكل علني يكشف تواطؤها مع الإرهاب.. ولذلك يستنتج (لاريسون) و(ليند) أن واشنطن لم تعد وحدها مع إسرائيل صاحبة القرار في الحرب والسلم في المنطقة لأن السداسية الدولية يزداد دورها ونفوذها من خلال موسكو وبكين اللتين نجحتا في إجبار واشنطن على التسليم بدورهما المتصاعد في المنطقة.