اعتبر أن مشاركة «الجبهة الوطنية» في الحياة السياسية «لم تصل إلى الحد الكافي».. وطموحات حزبه: إصلاحات عميقة … نمر لـ«الوطن»: سورية وحلفاؤها حققوا توازناً كفيلاً بإعادة الأمور إلى نصابها
| سامر ضاحي – تصوير: طارق السعدوني
أكد الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد عضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، حنين نمر، أن ظروف الحل السياسي في البلاد «أنسب ما يمكن اليوم»، لأن سورية حققت توازناً جديداً في القوى بالتعاون مع حلفائها كفيلاً أن يعيد الأمور إلى نصابها. ودعا إلى عقد مؤتمر اقتصادي وطني لإعادة الإعمار لوضع خطة للعملية تقرها السلطة السياسية وتصبح برنامجاً للدولة، مبيناً أن من طموحات حزبه السياسية «إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة تؤمن سير البلاد باتجاه وطني تقدمي ديمقراطي علماني»، وأن مشاركة الجبهة الوطنية التقدمية في الحياة السياسية «لم تصل إلى الحد الكافي». وفي مقابلة مع «الوطن»، تحدث نمر عن ثقة المواطن في الشارع السوري بأحزاب «الجبهة الوطنية التقدمية»، وقال: «إن مصدر عدم الثقة اليوم يعود إلى مجموعة عوامل أهمها الواقع العملي فالناس تريد أفعالاً ولا تريد أقوالاً والواقع العملي اليوم يشد الناس أكثر من الواقع السياسي، ولاسيما في مراقبة الجبهة لعمل أجهزة الدولة، والمشاركة في صنع القرارات، وواقعياً لم تصل مشاركة الجبهة إلى الحد الكافي» مشيراً إلى «غياب روحية القيادة الجماعية من أحزاب الجبهة في السلطة». وأضاف: يجب أن يكون أعضاء الجبهة شركاء في صياغة الخط العام وفي التعيينات الوظيفية، ويجب مشاركة الأحزاب من خلال ممثليها في صياغة القرارات وتنفيذها وإدارتها، لكن معظم التعيينات اليوم هي على أساس ولاء حزبي». واعتبر نمر، أن مشاركة حزبه في الحياة السياسية «تخف مع الزمن، كان لنا سابقاً 8 أعضاء في مجلس الشعب واليوم لدينا عضوان فقط، وأحزاب أخرى كذلك، في حين أن المواطن اليوم يحتاج إلى أسس مختلفة لبناء الدولة على رأسها اختيار الإنسان على أساس كفاءته ونزاهته بالدرجة الأولى ويمكن تأمين الأكثرية لحزب ما بطريقة لا تضعف الأحزاب الأخرى».
وتشكلت «الجبهة الوطنية التقدمية» في عام 1972 وهي ائتلاف من عشرة أحزاب يقوده حزب البعث العربي الاشتراكي.
وحول الأحزاب الجديدة التي نشأت خلال الأزمة وأن منها من اتخذ جانب المعارضة الداخلية، قال نمر: نحترم الأحزاب الناشئة ولكن لا يوجد مناخ لنشوء أحزاب مستقلة عن السلطة، والناس تثق بالأحزاب التي تعبر عن رأيها، والتي جاءت نتيجة مرحلة نضالية أكثر من الأحزاب الجديدة، فحزبنا مثلاً يعود تأسيسه إلى 92عاماً وكذلك بقية أحزاب الجبهة وهذه الأحزاب جذورها ثابتة في الأرض وجمهورها موجود على حين أن الأحزاب الجديدة لم تأخذ مكانها بين الجماهير». وعن طموحات حزبه حالياً، قال نمر: «بالدرجة الرئيسية نطمح إلى استكمال مهمة تحرير الأرض والقضاء على الإرهاب والوصول إلى حل سياسي يضمن ويؤكد سلامة حدود الأرض السورية بكاملها من دون أي تفريط وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة تؤمن سير البلاد باتجاه وطني تقدمي ديمقراطي علماني، بما لا ينتقص من عروبة سورية ودورها القومي».
ورداً على سؤال يتعلق بفكر حزبه وإمكانية إجراء تعديلات على بنيته الفكرية، قال نمر: إن الأحزاب كلها سواء كانت شيوعية أم غير شيوعية دائماً بحاجة إلى مراجعة وتصحيح وإلى تطوير أيضاً، ونحن نتبنى عقيدة ليست جامدة بالفكر الحزبي، وليست ديناً للعبادة». وأوضح، «نتبنى عقيدة تقوم على اشتراكية المجتمع، وليست بالمعنى الذي يحاول أنصار الاقتصاد الرأسمالي أن يزيفوه، فنحن لا ندعو إلى إلغاء الملكية الخاصة بل ندعو إلى تنمية النشاط الإنتاجي الذي تقوم به الفئات الرأسمالية المنتجة الوطنية المتوسطة والصغيرة والتي ليست امتدادا للرأسمال الأجنبي».
وأضاف: «نحن مع اقتصاد قوي يقوم على أساس تنمية القطاعات المنتجة، وليس القطاعات الفقاعية التي لعبت دوراً في تشكيل الأزمة حتى ما قبل الحرب العدوانية على سورية في بداية الأزمة».
وتساءل: لماذا لا يكون الفكر الاشتراكي صالحاً لكل العصور، وأجاب: إن الفكر الاشتراكي صالح في كل وقت ما دام هناك استغلال وفقدان للعدالة في أي مجتمع، وعندها تكون الاشتراكية مسوغاً وأداة رئيسية للنضال ضد الظلم، وما دام هناك ظلم ضد الناس هناك حاجة للفكر الاشتراكي ولكن ليس بالضرورة تجربة ما بحد ذاتها».
واعتبر نمر، أن رغم سقوط نظام غورباتشوف، قلنا إن الذي سقط ليس هو الفكر الاشتراكي بل تجربة اشتراكية ما، ونحن في سورية لدينا الآن وضع آخر فنحن نعتبر أنفسنا في حركة تحرر وطني بمعنى أن المهمات الوطنية اليوم هي الأساس، في ضوء قضايا مثل تحرير الأرض والقضية الفلسطينية ووقف التوسع الإسرائيلي وتشريد الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة».
وشدد نمر على أن «الحرب العدوانية التي نعتبر أنها لا تزال مستمرة حتى الآن، حتى لو انتهت من الناحية العسكرية لكن أمامنا حروب أخرى ضد الفكر الظلامي والإرهابي الدموي المتمثل بالفئات الإرهابية المعروفة، وأمامنا مهمة إعادة الإعمار، ونشر الفكر التنويري بعد ثبوت تحكم الفئات الظلامية بعقول قطاعات مهمة من الشباب، وشكلت حاضنة للإرهاب منعت التقدم».
ودعا إلى «عقد مؤتمر اقتصادي وطني لإعادة الإعمار تمثل فيه كل الهيئات الاجتماعية من الأحزاب والسياسيين والصناعيين والفلاحين والتجاريين والفئات الأخرى، والمنتجين والمستهلكين، لوضع خطة لإعادة الإعمار، يجب أن تقر في نهاية الأمر من السلطة السياسية وتصبح برنامجاً للدولة لكي لا يكون هناك اضطراب في توزيع الأولويات أو تحديد الجهات التي تريد المساهمة في العملية». وأضاف: «نرى أولاً أنه يجب استنفاد الطاقة السورية في الإعمار بشقيها العام أولاً ثم الخاص، ومن ثم الدول الصديقة والحليفة، وعندما تتم تغطية الاحتياجات من هذا المحور يمكن أن يكون هناك شيء للرأسمال الخارجي المبرأ من الاستغلال والتبعية». وتابع: «أما سياسياً فدستور 2012 هو إمامنا ينص على احترام الحريات العامة وحرية الفكر والصحافة والتعبير والتظاهر ضمن حدود القوانين وإذا طبق هذا بشكل مقبول أعتقد أن الحياة السياسية العامة تعود للعمل، لأن الحياة السياسية الآن ضعيفة ولا تتناسب مع المهام الكبيرة التي لا يستطيع حزب بمفرده القيام بها بل يجب أن تشارك الأحزاب الأخرى مشاركة فعلية».
وحول إمكانية توسيع «الجبهة الوطنية التقدمية»، قال نمر: «كانت التوقعات أن تستطيع الأحزاب الجديدة تحقيق شيء لكنها لم تفعل الشيء الذي يستحق الوقوف عنده لأسباب بعضها ذاتي وبعضها موضوعي»، معتبراً أن فكرة توسيع الجبهة موجودة بالأساس لكنها تحتاج إلى فرز القوى الكاملة والمؤهلة واختبارها لأن تكون في عضوية الجبهة، ويجب علينا عقد مؤتمرات لنقيم إلى أين وصلت».
وعن رؤية حزبه للحل السياسي في سورية، قال نمر: «مهما بلغت درجة الاقتتال ففي النهاية هناك حل سياسي، والآن ظروف الحل السياسي أنسب ما يمكن، لأن سورية حققت توازناً جديداً في القوى بالتعاون مع حلفائها وحققت ميزاناً جديداً في القوى كفيل أن يعيد الأمور إلى نصابها، فالحق السوري لم يعد موضوع مناقشة رغم مكابرة بعض الإرهابيين والذين يغطون عليهم، ولم تعد طروحات هؤلاء الذين يدعون المعارضة واقعية، وباتت مجالاً للتندر».
وأكد، أن «المرحلة الأخيرة من الحل السياسي هي المصالحات الوطنية في مناطق «تخفيف التوتر» وغيرها من المناطق، ويبقى الشأن الداخلي فالشعب هو من يقرره وأعتقد أنه سيتم إقرار عدد من المبادئ السياسية العامة مستوحاة من روح القرار الأممي 2254 سيكون فيها ضمان بحق الشعب السوري بتحقيق مصيره دون تدخل خارجي، ودون شروط مسبقة وهذا ما نريده».
ورأى نمر، أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يعتبر أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية جزء من الطرف السوري المفاوض، ووفدنا الحكومي في جنيف برئاسة (مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار) الجعفري رفع رأسنا ورأس سورية المرفوع أصلاً ومثل ذهنية الشعب السوري وروحه الوطنية ونقلها بكل أمانة.