حلم إسرائيل بتحالف شرق أوسطي ضد سورية وإيران أصبح سراباً
| تحسين الحلبي
ربما يلاحظ الكثيرون أن العالم كله يمر الآن بمرحلة انتقالية من نظام عالمي أميركي أحادي، إلى وضع جديد تشارك في وضع نظامه العالمي قوى كثيرة في أوروبا والعالم، كل دولة حسب رصيدها العسكري والاقتصادي وعلاقاتها مع الدول الإقليمية، وتمر المنطقة في الشرق الأوسط في نفس الوقت بمرحلة انتقالية ديناميكية تؤثر في صناعة نظام عالمي جديد وتتأثر بتفاعلات الساحة الدولية وصراع القوى الكبرى فيها.
في هذه الصورة تحتل سورية بكل ما تحمله من مستقبل في أعقاب انتصارها على مخططات الأعداء والإرهاب، موقعاً رئيسياً ودوراً مهماً في تشكيل وتحديد مستقبل هذه المنطقة مع حلفائها الإقليميين والدوليين، وبما يحقق الأهداف الوطنية والقومية الثابتة في سياستها.
في تحليل نشرته المجلة الإلكترونية «يروآسيافيو» تحت عنوان: «اللعب بالنار: إسرائيل وأصدقاؤها المتعبون يعززون علاقاتهم» يرى الكاتب السياسي جيمس م. دورسي، المؤلف لعدد من الكتب عن الشرق الأوسط، أن منطقة الشرق الأوسط ما تزال للعام السادس تمر بمرحلة انتقالية، وربما تستمر عقدين من الزمن، وفي النزاعات التي تدور فيها، هناك ميدان تلعب فيه إسرائيل مع الدول التي تقيم معها علاقات الأمر الواقع، ويرى أن إسرائيل تسعى إلى حشد هذه الدول ضد إيران وسورية وحزب الله لكنها ستجد أن ربط هذه الدول معها، سيظل هشاً بسبب حتمية التغيرات التي ستطرأ على الوضع العربي، ويستنتج بأن العوامل والعناصر الديناميكية التي تشهدها المنطقة تتركز في خمسة تطورات أساسية هي: التأثير الذي تحمله تطورات «الربيع العربي»، الأزمة الراهنة في الخليج، النزاع السعودي الإيراني، المرحلة الانتقالية التي تمر بها دول الخليج، النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
الحقيقة أن دورسي يتفق مع الرأي بأن السعودية وحلفاءها أنتجوا بتدخلهم ودعمهم للمسلحين، خريفاً عربياً، وأصبحت ساحة الشرق الأوسط تتبدل فيها التحالفات السعودية ضد قطر، والحرب السعودية على اليمن، وتفسخ تحالف دول النظام الرسمي العربي بطريقة لم تؤثر سلباً في المصالح الأميركية والتحالف الأميركي مع كل هذه الدول، بل أثرت في تراجع دور السعودية.
يبدو أن ملامح المرحلة الانتقالية التي تتفاعل تطوراتها وديناميكيتها بدأت تثبت أن كل حالة ضعف تعتري الدور السعودي في النظام الإقليمي في المنطقة سرعان ما تولد تفسخاً متزايداً في نسيج تحالفاتها بل في نسيجها الداخلي وفي العلاقة بين العائلة المالكة والجمهور السعودي.
بالمقابل، لم تعد الرياض تجد من تستند إليه بدعم إقليمي، سوى مصر بعد أن أخذت مساحة الخلاف مع قطر، توسع دائرة الخلاف بين أنقرة والرياض.
الكل يلاحظ أن الوضع الداخلي في السعودية وعدد من دول الخليج، يمر الآن بمرحلة انتقالية جعلت الأمراء والعائلة المالكة عاجزين عن الحكم كما سبق، بعد أن عجزوا عن تحقيق أهدافهم في سورية والعراق وتونس واليمن، وبعد خسارتهم لأقوى حركة هي الإخوان المسلمين في مصر، ومع كل إخفاق أو خسارة تصيب دول النظام الرسمي المتحالفة مع واشنطن، تزداد خسارة وإخفاق إسرائيل في فرض جدول عملها على هذه الدول أو على المنطقة، كما يلاحظ المراقبون بأن تراجع الدور الإقليمي لتركيا في أعقاب إحباط أهداف الرئيس رجب طيب أردوغان في سورية والعراق، أصبح يولد فرصاً لتزايد قوة إيران وسورية، ولتراجع دور دول خليجية في رسم مستقبل الشرق الأوسط إذا بقيت ضمن دائرة النفوذ أو التحالف السعودي.
يكشف البروفسور المختص بشؤون الأمن القومي روبرت سبرينغبورغ أن السياسة الخارجية السعودية تعتمد على منح «شيكات المال»، والعائلة المالكة لا تعرف كيف تدير سياسة خارجية أو داخلية لأنها في الداخل تكتفي بمنح المواطنين راتباً شهرياً دون عمل! والسؤال هو: ماذا ستفعل الدول المتحالفة مع السعودية حين تعجز عن تقديم الشيكات لها؟!
تدرك إسرائيل أن أحلامها ببناء إطار تحالف مع بعض الدول العربية ضد سورية وإيران، تحولت إلى سراب في الرمال التي راهنت على حكامها في العالم العربي، وهذا ما جعل وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبيرمان، يعترف بمرارة المهزوم حين قال: إن الرئيس «الأسد انتصر في الحرب التي شنت ضد سورية»، وقرع جرس الإنذار مناشداً الولايات المتحدة زيادة تدخلها في المنطقة.
لقد لاحظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من قبله، أن مراهنته على إيجاد تحالف في المنطقة لشن الحرب على محور المقاومة لم تعد مجدية، لأن الدول التي يتطلع إلى تسخيرها في هذا الملف، أصبحت أضعف مما سبق، وتزايدت مشاكلها الداخلية أكثر فأكثر.