الله والإعلام
| عبد الفتاح العوض
كنت في حديث مع وزير الإعلام الأسبق الأستاذ الكبير أحمد الحسن والدكتور سليم بركات حول تعاطي الأسلوب القرآني في الإعلام.
لا شك أن هذا موضوع مثير للاهتمام.. ولعل الملاحظة الأكثر وضوحاً في تعامل اللـه عز وجل مع إبليس الذي شكل أول معارضة للملك الله.. ورغم وقاحة إبليس فقد تم منحه فرصة تحدي اللـه وإغواء البشر وإبعادهم عن الطريق القويم.
أمل دنقل عبر عن هذه اللحظة بطريقة بديعة عندما قال في قصيدة كلمات سبارتاكوس الأخيرة: «المجد للشيطان، من قال لا في وجه من قال نعم».
في التعاطي الإلهي من خلال القرآن الكريم الوسيلة الإعلامية الإلهية المقدسة نجد أساليب إعلامية متطورة جداً… ما أود أن أتحدث عنه هنا أن الإعلام القرآني لم يخف الحقائق ولم يعتم على الأسئلة التي تدور في أذهان البشر.. بل عرضها وتحدث عنها وأجاب عنها.
كتمان الأمور وعدم مناقشة الأسئلة هو أسوأ طريقة في الإعلام، وربما جزء كبير من مشاكلنا الإعلامية نابعة من كوننا لا نتحدث بشفافية عن قضايانا العامة ونحاول التعامي عنها مثل النعامة، والبعض يتصرف بأنه إذا لم نتحدث عن المشكلة فهذا يعني أنها غير موجودة على حين في الواقع أننا عندما لا نتحدث عن المشكلة فإننا نسمح لها بأن تكبر وتتضخم وتتعفن ويصبح من الصعب حلها بلا أضرار كبيرة.
لاحظوا معي كيف تعامل اللـه مع أولئك الذين تحدثوا عنه عز وجل… فقد وضعوا له شركاء فلم يخف اتهامات البشر لله بأن له شركاء، بل أجابهم بأنه لو كان فيها إلهان لذهب كل إله بملكه… قالوا إن له ولداً فلم يخف ذلك.. قالوا إن له إناثاً فأجابهم ورد عليهم.
ثم إنهم تحدثوا عن الرسول الكريم ووصفوه بصفات سيئة جداً فلم يتم التعامي عنها… قالوا إنه شاعر وتارة إنه ساحر ومرة أخرى إنه مجنون… وقالوا إنه يتلقى القرآن من بشر وليس من عند اللـه، وفي كل اتهام تجد اللـه عز وجل يتحدث عن هذه الأقاويل ويجيب عنها.
الفكرة هنا أن اللـه عز وجل في كتابه المقدس لم يتجاهل أسئلة الناس وشكوكهم، وثمة إجابات قد تقنع البعض وقد لا تصل للبعض الآخر.
بالمقارنة نجد أنفسنا في التعاطي الإعلامي مع قضايانا الوطنية نحاول إخفاء معظم الأسئلة الحرجة، ونغطي على معظم القضايا التي تهم الناس.
ليس لدينا جرأة مواجهة المشاكل إعلامياً، وفي هذا سبب رئيسي لضعفنا الإعلامي وعدم قدرة إعلامنا على الوصول إلى ثقة الناس.
ذات مرة سألت الصحفي الفرنسي تيري ميسان وبحضور الصحفي السوري الأنيق سعيد هلال الشريفي عن قدرة المسؤولين السوريين على التعاطي مع الإعلام فقال: إن السيد الرئيس بشار الأسد يكاد يكون الوحيد الذي يتقن التعامل مع الإعلام… لاحظوا أن السيد الرئيس يجيب عن كل الأسئلة بما تتضمنه من اتهامات وتصل في كثير من الأحيان إلى وقاحة في الأسئلة شكلاً ومضموناً.
بينما لاحظوا أن وزراء لا يحتملون تلقي سؤال عن عملهم… ويجدون أنفسهم أكبر وأهم من أن يوجه إليهم انتقاد من نوع ما… لا تتسع الزاوية لأكثر من ذلك لكنه علينا أن نتعلم الإعلام من «اللـه».
أقوال:
مهما كان عقلك ذكياً.. فلابد أن يقودك قلبك للغباء يوماً ما.