نواب طالبوا أن تكون الأولوية لأبناء الشهداء والجرحى.. وآخرون اقترحوا استبدال «فاقدي الرعاية الأبوية» بدل مجهولي النسب .. نقاش حام تحت «القبة» بسبب مشروع قانون «مجهولي النسب»
| هناء غانم
ناقش مجلس الشعب أمس مشروع القانون الخاص برعاية مجهولي النسب، إذ احتد النقاش تحت قبة البرلمان حول مشروع القانون الذي يهدف إلى تحقيق الانسجام مع المتطلبات والتطورات الطارئة من خلال توفير سبل العيش والحياة الكريمة لمجهولي النسب وإلحاقهم بأسر تتولى رعايتهم وتربيتهم، فرغم أهمية القضية، إلا أنها لاقت اعتراضاً وصل إلى درجة الرفض القطعي من بعض النواب، الذين أكدوا أن هناك مبالغة كبيرة في مشروع القانون المطروح، وخاصة أن بعض مواده تعطي الأولوية لمجهولي النسب على الأبناء العاديين، إذ إن الأولوية لأطفال الشهداء والجرحى.
وتوافق عدد من النواب على أن بعض بنود هذا المشروع فيها تداخل مع قانون الأحوال المدنية، وهناك تشابه في النصوص بين القوانين، الأمر الذي يستدعي التساؤل عن كيفية تطبيقها عن طريق المعنيين، مطالبين بأهمية استصدار قوانين ترعى حقوق أطفال الشهداء والجرحى والقوات الرديفة، في المقابل أثنى نواب آخرون على أهمية مشروع القانون، مؤكدين ضرورة تنظيم ورعاية هؤلاء الأطفال في الدولة، وتأسيس دور رعاية وحماية حقوقهم المدنية، الأمر الذي يعزز التزام الدولة بالمواثيق الدولية لحماية حقوق الطفل وحقوق الإنسان، ويحفظ حقوق الأطفال مجهولي النسب بشكل عام، مشدّدين على ضرورة إيجاد حلّ لهذه المعضلة، لأن هؤلاء الأطفال لا يجب تركهم لأنه ممكن أن ينحرفوا عن الطريق الصحيح ويجب تربيتهم تربية صحيحة وطنية.
وذكر بعض النواب أن مشروع القانون أولاً وأخيراً هو تأكيد سيادة الدولة من خلال دورها بالرعاية للموجودين على أراضيها، وأن هذا الموضوع هو مشكلة حقيقية لمجهولي النسب وخصوصاً خلال السنوات التي تعرض لها القطر للإرهاب. وتساءل نواب عن الآليات التي وضعتها الوزارة لحماية نفسية هؤلاء الأطفال حتى لا تكون لهم ردات فعل خاطئة، وكيفية تأمين فرص عمل، وخصوصاً أن الحكومة لم تقدر على تأمين عمل لكل أسر الشهداء والجرحى، والأهم أن يكون هنالك دراسة حقيقية للنظام الداخلي للمؤسسات المسؤولة عن رعاية مجهولي النسب، وأن يعملوا بشكل علمي لتربية هؤلاء الأطفال بطريقة حضارية.
واقترح عدد من النواب إطلاق تسمية «فاقدي الرعاية الأبوية» بدل «مجهولي النسب» متضامنين مع فكرة مشروع القانون، وأن ما ورد به هي أسباب إنسانية داعمين إعطاء الحق الديني والإنساني والاجتماعي ومنحهم أي حق إلا الحق السياسي (حق جنسية الجمهورية العربية السورية) لأنه يعتبر تغييراً ديمغرافياً لسورية، مؤكدين أنه يجب أن يؤخذ بالحسبان المواد التي سوف ترد في مشروع القانون بحيث لا تكون مخالفة للدستور، مثل التبني ومنح شهرة جديدة لمجهول النسب وضرورة إطلاق حملة توعية كي يعرف الناس أن هذا الطفل مجنى عليه وضرورة حمايتهم أمام القضاء لأنه في المحصلة لا ذنب لهم.
وفي سياق متصل كانت رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية سلام سنقر قد أكدت في بداية الجلسة أهمية مشروع القانون في ظروف الأزمة والأوضاع في سورية، التي تطلبت وجود مشروع قانون كهذا، معتبرة أن هذا المشروع مهم لمجهولي النسب ولا سيما أنهم يمثلون إحدى الحالات الإنسانية التي خلفتها الأزمة في سورية، موضحة أن مشروع القانون يأتي للتصدي لهذه الحالة وكي يكون مجهولو النسب عنصرا فاعلا في المجتمع.
وبالعودة إلى الأسباب الموجبة لمشروع القانون تبين أن هناك قصوراً في بعض الأحكام التي تطرقت إلى معالجة أوضاع الأطفال مجهولي النسب ووقفت عاجزة أمام تحقيق الغاية التشريعية المنشودة في توفير أسس الرعاية والحماية بالشكل المطلوب، وحرصاً من الدولة على إضفاء الحماية القانونية والاجتماعية لجميع الأطفال، ولا سيما مجهولي النسب منهم منذ الولادة وحتى بلوغ سن الرشد، فاقتضى ذلك إعادة تنظيم الأحكام القانونية التي تحكم هذا الموضوع وذلك من خلال سن تشريع جديد يكفل توفير وتأمين هذه الحماية وتأطيرها في نظام قانوني واضح المعالم، واستبدل المشروع عبارة «اللقيط» بعبارة «مجهولي النسب» مراعاة واحتراما لخصوصية هذه الفئة، كما حدد أهدافاً تواكب أحكام التشريعات في النظم القانونية الحديثة لجهة معالجة أوضاع مجهولي النسب ورعايتهم وضمان حمايتهم وتوفير كل السبل لنشأتهم من دون أي تمييز عن أقرانهم.