رياضة

هجرة المدربين وضعف الإمكانات أهم أسباب تراجع منتخبات السلة

| مهند الحسني

لم تكد تنتهي سلتنا الوطنية من مشاركتها الأخيرة في نهائيات أمم آسيا وخرجت حينها بنتائج مقبولة إلى حد ما، حتى سارع البعض إلى إشهار سيوفهم بوجه اتحاد السلة الذي قدم كل ما لديه في سبيل تحقيق نقلة نوعية توازي طموح محبي وعشاق السلة السورية برؤية منتخبهم معتلياً منصات التتويج بعد غربة دهر، ولهذه النتائج التي خرجت بها منتخباتنا الوطنية منذ سنوات أسباب كثيرة، سنأتي على ذكرها خلال سطورنا القادمة.

الهجرة
يسعى اتحاد كرة السلة بكل طاقاته، ومنذ فترة طويلة الحفاظ على اللعبة، وعدم التفريط بأي مفصل من مفاصلها، ويبدو أنه قد نجح إلى حد ما في الحفاظ على اللعبة وإبقائها على قيد الحياة، لكنه لم يستطع الإمساك بكل حلقات اللعبة، ولم يستطع الحفاظ على كوادر اللعبة بسبب الهجرة الكبيرة لمدربينا نتيجة الأوضاع السائدة بالبلاد التي ساهمت بشكل أو بآخر في إفراغ الأندية من أغلبية مدربيها، ولن نحمّل الاتحاد هنا مسؤولية هذه الخسارة الكبيرة بمدربي اللعبة لعدم وجود أنظمة تسمح له بربط هؤلاء المدربين ومنعهم من السفر، غير أنه فتح المجال أمام الكثير منهم ليتولوا قيادة الفرق والمنتخبات الوطنية في خطوة منه للحفاظ على هذه الكوادر لكن محاولاته باءت بالفشل بسبب الهجرة الجامحة التي شهدتها سلتنا الوطنية بمدربيها الوطنيين، حيث وصل عدد المدربين المهاجرين خارج البلاد نحو الستين مدرباً، وهو رقم كبير من المؤكد أن يؤثر في أكبر وأهم معاقل كرة السلة في الدول المتقدمة باللعبة.

ضعف الإمكانات ‏‏
عند إعداد أي منتخب وطني لابد من أن نغدق عليه الكثير من الإمكانات المادية تماشياً على ما يقدم في الدول المجاورة، فإضافة إلى تنظيم عقود المدربين الوطنيين بالطريقة التي تضمن حقوقهم يجب توافر الإمكانات المادية الوفيرة، التي تمكننا من تنفيذ ما تم تخطيطه لتحضيرات المنتخب من معسكرات خارجية، ومباريات احتكاكية بعيداً عن المعسكرات المجانية الني باتت ماركة مسجلة في عرفنا الرياضي، لذلك دعونا نعترف أن الحماس والتصفيق لا يصنعان منتخباً، لأن الرياضة أصبحت صناعة، وهي تتطلب توافر كل مقومات العمل، فإذا أردنا إعداد منتخب يقارع كبار القادة فعلينا رسم إستراتيجية واضحة المعالم، وإذا كنا ننتظر الهبات والعلاقات الشخصية لإقامة معسكراتنا، فمتى سنصبح مبادرين في هذا الشأن، وننتقي ما يناسبنا من معسكرات ومباريات تتلاءم مع مسيرة الإعداد؟

تنظير
يبدو أن منظري السلة السورية، وهم كثر قد تجاوزوا الاستنزاف الكبير في مفاصل لعبتنا بهجرة خيرة مدربيها ولاعبيها وإدارييها، وتجاهلوا الفروق الكبيرة بين إمكانيات أنديتنا وأندية الدول التي سيواجهها المنتخب الوطني في أي محفل قادم، وكما كان مهماً مواجهتهم بسؤال مشروع، وهو ماذا سيكون حال أنديتهم التي يديرون ملفات كرة السلة فيها لو واجهت أندية المقدمة في لبنان أو إيران أو الأردن أو العراق؟ وما الفوارق التي سيخسرون بها؟ وما تبريرهم وتذرعهم الدائم في تغيب الكثير من فرقهم عن بطولات مدنهم حتى ذريعة الظرف العام، وموقف أهالي اللاعبين واتهامهم لاتحاد اللعبة بالتقصير، وعدم تفهمه لظروف لاعبي فرق القواعد، في حين يستخدمون ميزان غرامات الذهب عند تقييمهم لأخطاء أو هفوات اتحاد كرة السلة على حين يطلبون ميزان التجاهل والتبريرات عند تقييم أخطائهم؟

وقفة
علينا أن نعترف بداية الأمر أن منتخبات السلة بشكل عام لا تعيش حالة مثالية لأن لا شيء مثالياً في رياضتنا، وبصراحة سلتنا الوطنية ليست في أحلى أيامها، لا بل هي تمر في أسوأ مراحلها، ولكنها حظيت ببعض المخلصين ممن بذلوا جهدهم بما توافر لهم من وسائل وإمكانيات محدودة، فبدت عملية الحفاظ على ما تبقى من أشلاء السلة السورية أشبه باستخراج الماء بعصر الصخر، لذلك لابد أن نقف وقفة صادقة مع واقعنا السلوي الكئيب، وعلينا أن نعترف بأن سلتنا تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهي بحاجة إلى يدٍ حانية تمسح آلامها، لا للسان جارح يتحين الفرصة للانقضاض عليها، وينسف ويتجاهل جهود من استطاع توفير مشاركة مجانية للمنتخب هنا أو هناك.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن