شويغو في تل أبيب
| سامر ضاحي
تستعد حكومة الاحتلال الإسرائيلي لاستقبال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في ظل مساع تبذلها موسكو لضبط أي حماقة قد ترتكبها قوات الاحتلال في أزمات المنطقة.
ويحط شويغو اليوم في تل أبيب في أول زيارة للمسؤول الروسي منذ توليه منصبه في عام 2012، وفق وكالة «أ ف ب»، على حين كشفت صحيفة «هآريتس» الإسرائيلية، أن الزيارة «لبحث التنسيق المشترك بين الطرفين في سـورية».
وتواصل حكومة بنيامين نتنياهو مساعيها لاستجداء تعاطف دولي مع مصالح إسرائيل التي ترى في الوجود الإيراني في سورية، تهديداً مباشراً لأمنها، يضاف إلى التهديد التقليدي المتمثل بحزب اللـه اللبناني والجيش العربي السوري، بعد التنبيهات التي صدرت مؤخراً من مراكز الدراسات ومحللين إسرائيليين بأن حكومة نتنياهو تتجاهل التطور المتنامي لقدرات الجيش العربي السوري الذي أثبت قدرته خلال مكافحته للإرهاب.
من المُهمّ الإشارة إلى إخفاق الرهان الإسرائيليّ على تقسيم سورية، في مقابل، صمود محور المقاومة لا بل انتصاره التكتيكي المستمر، في وقت ترى حكومة الاحتلال اليوم أن التوافق الدولي لا يجري وفق مصالحها في سورية مع عودة القوى الفاعلة إلى موقف يقارب الأزمة السورية من زاوية دمشق مع « اتفاقيات تخفيف التوتر» الأربع، إضافة إلى تغير المزاج الخليجي العام، وأبرزه السعودي، من الأزمة وهو ما شكل طعنة في المطامع الإسرائيلية التي كانت تعول كثيراً على الدور السعودي التصعيدي في سورية، وكذلك المزاج العربي لاسيما موقف الأردن المتشدد حول ضرورة وجود الجيش العربي السوري على معبر نصيب وقرب فتح الأخير.
بالعودة إلى الهاجس العسكري، فإن نتنياهو ووزير حربه أفيغدور ليبرمان لم ينسيا إلى اليوم أن الدفاعات السورية أسقطت طائرة إسرائيلية منتصف آذار الماضي وأصابت أخرى، في تغيير جديد لقواعد الاشتباك في المنطقة، إضافة إلى أن المحللين الإسرائيليين نفسهم أكدوا أن 3 زيارات في 3 أشهر لنائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع فهد جاسم الفريج إلى القنيطرة يشير بوضوح إلى تغيير هذه القواعد، وهو ما أكده مسؤول أمنيّ رفيع في إسرائيل عبر «هآريتس»، مشيراً إلى أن الرئيس بشّار الأسد «اتخذّ قراراً بتغيير قواعد اللعبة».
ولعل التغيير في قواعد اللعبة يسري على أكثر من محور بالنظر إلى تحذيرات الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر اللـه مطلع الشهر الجاري للداخل الإسرائيلي من «السياسات الحمقاء» لنتنياهو الذي يدفع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنطقة نحو حرب ستكون «على حساب اليهود»، ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن الإسرائيليين يصدقون نصر اللـه أكثر مما يصدقون نتنياهو وغيره، ومن ثم يمكن قراءة أن حزب اللـه قرر تفجير بالون الاحتلال من الداخل.
ستحاول حكومة الاحتلال خلال زيارة شويغو، استغلال التصعيد الأميركي إزاء الملف النووي الإيراني من خلال رفض ترامب التصديق على التزام طهران بالاتفاق النووي مع «مجموعة 5+1» إذ ترى تل أبيب أن الفرصة سانحة لتسجيل نقاط على الروس وخاصة أن الاحتلال لا يزال أداة أميركا المتقدمة في المنطقة ولا يزال أمن إسرائيل على رأس سلم أولويات الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، لكن ما الذي يبغيه شويغو في المقابل؟
قبل كل شيء من المرجح أن يقدم الوزير الروسي لنتنياهو وليبرمان نصائح بعدم ارتكاب حماقة جديدة في سورية أو لبنان، لأن محور المقاومة صامد وموحد أكثر من أي يوم مضى ويحظى بدعم الحليف الروسي بشدة، وخاصة أن هذا الحلف مكن موسكو من تثبيت أقدامها في الشرق الأوسط مستغلة الفراغ الذي أحدثه تراجع الإستراتيجية الأميركية فيها، على حين عادت وفود تل أبيب من واشنطن بخفي حنين وهي التي كانت راغبة في موقف متشدد من إيران فلجأت إلى موسكو وكان الرد مشابهاً.
وثانياً، قد يطلب الوزير الروسي من الإسرائيليين عدم تعطيل التوافقات الحاصلة اليوم في سورية خاصة في المنطقة الجنوبية في ظل تقارير عن دعم إسرائيلي لميليشيات في الجنوب بهدف تعطيل اتفاق « منطقة تخفيف التوتر» في جنوبي غربي البلاد، في مقابل منح طمأنات لتل أبيب حول الوجود الإيراني في سورية.
الطلب الثالث على طاولة شويغو نتنياهو، سيكون الملف الكردي لأن الأغلبية أشارت إلى أن مساعي إقليم كردستان للاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد جاءت بدعم مباشر من إسرائيل، بالترافق مع انحسار تنظيم داعش الإرهابي، ذلك أن موسكو لا تريد أي قضية جديدة ترفع من سخونة الأجواء في المنطقة التي تسعى روسيا وحلفاؤها إلى تبريدها.