سورية

انعكاسات إستراتيجية الرئيس الأميركي على سورية

| أنس وهيب الكردي

لم يكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعلن إستراتيجيته المتشددة حيال إيران، حتى انهالت الإشادات من «إسرائيل»، الإمارات، والسعودية، في وقت لا تزال تداعيات هذه الإستراتيجية على الوضع في سورية غير واضحة المعالم.
وطعم ترامب خطابه العدائي حيال إيران بالكثير من الانتقادات لدورها في دعم الحكومة السورية، وحزب اللـه اللبناني، في الحرب التي تشن على سورية منذ عام 2011.
وفي جزء منها ستحصل المواجهة الأميركية الإيرانية على الأرض السورية وبشكل خاص في شرق محافظة دير الزور، حيث تقدم الجيش العربي السوري وبسط سيطرته بالتعاون مع حلفائه، على مدينة الميادين بعد طرد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي منها، إلا أن الشق الأكبر من المواجهة سيكون في العراق، حيث للطرفين حلفاء ووجود قوي على الأرض.
واختلفت الظروف في سورية الآن عما كانت عليه قبل ستة أشهر عندما بدأت إدارة ترامب المشاورات مع حلفائها لبناء إستراتيجية جديدة حيال إيران، فالجيش العربي السوري وحلفاؤه تمكنوا من تعديل المعادلات في البادية وشرق سورية، مضيقين المساحة أمام الأميركيين وحلفائهم في جنوب وشرق سورية، وحاصرين النفوذ الأميركي في موقع محدد في التنف على الحدود السورية الأردنية.
واتفق ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على إنشاء منطقة «تخفيف توتر» في جنوب غرب سورية، وجرى الإعلان عن وقف إطلاق نار في هذه المنطقة من العاصمة الأردنية عمان في تموز الماضي، بعد مفاوضات ما بين الخبراء الروس، والأميركيين والأردنيين.
وتواصلت مفاوضات عمان الفنية حتى الآن حول تفاصيل منطقة «تخفيف التوتر» في جنوب غرب سورية، إلا أنها لم تتمخض عن أي نتائج حتى الآن، على الرغم من أن الأطراف الثلاثة عملت على تمديد المنطقة لتشمل جنوب شرق سورية أيضاً.
ومع استعداد ترامب لإعلان إستراتيجيته الجديدة حيال إيران، وبالترافق مع تصاعد التوتر الأميركي الروسي حول مصير محافظة دير الزور، توقف تطبيق اتفاق الجنوب، وعززت واشنطن وجود الميليشيات المسلحة المدعومة منها في معسكر التنف.
وأراد الأميركيون من تعزيز التنف الاستعداد لمرحلة جديدة من الصراع في المنطقة، في حين تضغط «إسرائيل» بشدة على اتفاق جنوب غرب سورية، وعينها على إنشاء منطقة عازلة في محافظة القنيطرة تديرها الميليشيات المسلحة المدعومة من قبلها.
وقد تلجأ واشنطن إلى دعم الإستراتيجية الإسرائيلية حول محافظة القنيطرة في مجال سعيها إلى الضغط على النفوذ الإقليمي لإيران في سورية، كما قد تلجأ إلى تفكيك جبهة أستانا عبر التقارب مع روسيا أو تركيا، وعندها قد تجد إيران نفسها معزولة.
وسيكون مصير إستراتيجية ترامب ضد إيران الفشل إذا واصلت إدارته الاستناد على الأكراد في المنطقة وتغذية نزعاتهم الانفصالية، ولن تحقق مبتغاها من صفقة مع الروس يكون ثمنها رفع العقوبات التي فرضها الكونغرس الأميركي مؤخراً على موسكو، أو صفقة مع الأتراك تؤدي إلى عودة أنقرة للدوران في الفلك الغربي، ولن تقبل تركيا بأقل من رأس الاستقلال الكردي في شمال العراق، و«وحدات حماية الشعب» الكردية في سورية ثمناً لهكذا صفقة.
ولهذه الصفقة تأثيرات جمة فهي ستعيد التحالف الروسي الإيراني في المنطقة إلى ذروته، وتجعل الروس أكثر معاداة للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
ومن شأن أي شرخ محتمل في صفوف جبهة أستانا أن يؤثر بشكل سلبي على اتفاقات «تخفيف التوتر» التي تولتها القاهرة في محيط دمشق وريف حمص الشمالي.
هكذا، سيكون لإستراتيجية ترامب انعكاسات بالغة على مستقبل دير الزور، اتفاقات «تخفيف التوتر»، جبهة أستانا، والاستعدادات الإسرائيلية للتصعيد ضد حزب اللـه اللبناني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن