هم يتخاصمون.. وجسدي أرض المعركة … يونس السيد لـ«الوطن»: أرغب من خلال هذا المعرض أن أثبت أنني ما زلت موجوداً ولم أنته
| سارة سلامة- ت: طارق السعدوني
قد يكون تاريخ 4/4/2014 تاريخاً مميزاً وربما يكون ذهبياً عند أغلب الناس إلا أنه في هذا اليوم تحولت حياة الشاب يونس السيد إلى كابوس لم يستطع تقبله بسهولة فهو الجندي في صفوف الجيش العربي السوري الذي شاء له القدر أن يعود من منطقة المليحة بعد أن أصابت الحرب ساقيه، ومن بعدها بدأ يونس رحلة علاجه الطويل مع كل هذا الألم والسهر فهو يقول إن المصاب جسدياً لا يستطيع النوم في حلكة الليل، وهو هكذا بقي متربصاً بأملٍ ما ينقذه من حالة الخوف والعجز فكان الأمل ووجد الدافع الذي جعله يعمل ساعات طويلة يعبث بقلمه على ورقة لا تكاد تقلق صفو أحد.
وهنا اكتشف موهبته الدفينة وأخذ يرسم ليرى كل العالم أن أمثال هؤلاء الأبطال لا يمكنهم الاستسلام في وجه أي إصابة مهما بلغت.. وليثبت لأقرانه من المصابين أن الحياة لم تقف هنا.. ما زال بانتظارهم الكثير ليقدموه.
وإيماناً من أن الإبداع يخلق من رحم الأزمات.. ودعماً لجرحى الجيش العربي السوري وبرعاية من وزارة الثقافة افتتحت صالة «أدونيا» معرضاً للفنان الشاب يونس السيد يستمر مدة أسبوع.
الحياة لا تقف عند الإصابة
وتحدث الفنان الشاب يونس السيد عن تجربته الأولى من خلال هذا المعرض قائلاً إن: «معرضي هذا أعتبره نهاية مرحلة وسوف أدخل بعده بمرحلة جديدة تتسم بطابع خاص أتميز به، واليوم هي نقطة الانطلاقة والبداية لدخولي في هذا العالم وأن أتعلم خطوطه وأسراره وربما أستطيع القول إنه عبارة عن مجموعة تجارب لكي أعرف على ماذا سأستقر وهذه هي البداية على أمل أن يكون القادم أفضل».
وأضاف السيد إنه: «قبل إصابتي كانت كل محاولاتي في الرسم مجرد هواية ونادراً ما كنت أجرب الرسم، وبعد إصابتي لم تفارقني الورقة والقلم وكنت أحياناً أجلس وقتاً طويلاً أحاول فيه عابثاً أن أرسم شيئاً ما على الورق، وعادة المصاب جسدياً لا يقدر أن ينام الليل وهذا الوقت الطويل يكون في حالة هدوء طويلة وكنت أقضي وقتي في الرسم حيث لم أكن أفعل شيئاً آخر فالعزف ليلاً قد يزعج من حولي لذلك كانت أدواتي المفضلة الورقة والقلم، وبالتأكيد كنت بحاجة لدعم ومساعدة وكان الكثير من أصدقائي من الداعمين والمساندين لي ومنهم من قدم لي مواد وأدوات الرسم الأمر الذي أسعدني كثيراً وبدأت أرسم أي صورة تعجبني وأهديها لأصدقائي وأرسم صورهم وهنا تعلمت بمفردي».
وأوضح السيد أن: «رسم البورتريه كان تطوراً كبيراً لي بما أن تجربتي في الرسم ضعيفة ومنها انطلقت لأرسم أفكاراً وأعبر عنها بطريقتي الخاصة واعتمدت على صور معينة وغيرتها على طريقتي الخاصة، كما أنني عملت على تحوير الألوان بما يتناسب مع نظرتي لها، وهذه الوجوه التي نراها اليوم في أعمالي هي أغلبها لأشخاص مشهورين أقوم برسمهم وفق إحساسي الخاص تجاههم، وتناولت في إحدى اللوحات نظام التعليم والمؤسسة التعليمية تحت عنوان «التعليم المدرسي قوالب صلبة تشوه أدمغة الأطفال الهشة وتسحق بذور الإبداع»، وأقصد هنا أن المدرسة تجعلنا كلنا قالباً واحداً ويتشابه بعضنا مع بعضنا الآخر وعلى الرغم من أن الفكرة مطروحة من قبل ولكنني أحببت أن أعبر عنها بطريقتي الخاصة، والوجوه المختبئة في أعمالي تمثل الجانب المظلم في حياة كل إنسان».
ورسالتي اليوم وما أود أن أقوله في هذا المعرض هو «أنني موجود ولم أنته وما زال لدي الكثير لأقدمه، وأتمنى أن تكون تجربتي هذه قدوة لكل مصاب لتشجيعه، ليقدم ويعمل شيئاً مهماً وأن هناك الكثير ما زال بانتظارنا، ولأبين أن الحياة لا تقف عند الإصابة».
لوحته تحمل المحبة
وعن المعرض تحدث الفنان التشكيلي أيمن الدقر قائلاً إن تجربة السيد مهمة جداً خصوصاً أنها التجربة الأولى له وهو ليس خريجاً ولكن باعتقادي أنه أفضل من كثير من خريجي كلية الفنون الجميلة لأن يونس يتمتع بروح عالية وجدية في العمل الفني وليس استعراضياً وهذا ما يميزه، المعرض جميل جداً ونحن بحاجة الآن لفنانين شباب جديين يتناولون العمل الفني والثقافي في سورية بشكل جدي، ولدي ثقة كبيرة به وبأن لديه مستقبلاً مهماً وجيداً وهذا ليس بعيداً بل سيتفوق بشكل متسارع ويصل إلى مراحل عليا لأن تجربته جيدة جداً وإخلاصه للوحة والعمل واضح جداً».
وأضاف الدقر إن: «العمل الفني إذا لم يكن فيه جهد إنساني مضاف إلى القيمة الفنية فليس له أي قيمة كما أن الاستسهال بالعمل الفني هو السائد الآن، وبالنسبة ليونس فهو غير مستسهل بالعمل ونرى في لوحته الكثير من العمل والإخلاص ومحبة للون والمادة التي يرسم فيها، موضحاً أن صالة «أدونيا» على استعداد لاستقبال يونس وغيره من الشبان والمهم أن يأخذ الفنان العملية الفنية على محمل الجدّ وألا يكون استعراضياً».
تشجيع الفنانين الشباب
ومن جانبه قال محمد بلال تركماني إن: «دورنا في الصالة هو تشجيع الفنانين الشباب الذين لديهم رغبة وطموح في المتابعة بهذا المجال آملين أن يحقق هذا المعرض نتيجة جيدة، ويونس شاب لديه أساس جيد ونحن نشجعه وندعمه خصوصاً أنه بطل من الأبطال المصابين في جيشنا السوري ليكون قدوة لغيره ويتابع عمله وأتوقع له مستقبلاً مهماً وكبيراً».