سورية الحاضرة دائماً
| د. اسكندر لوقا
ليست المرة الأولى التي تنقل وسائل الإعلام المحلية قصة نجاح مواطن عربي سوري في بلاد الاغتراب. ومؤخرا كان لي لقاء مع نبأ يحكي قصة فتاة شابة من سورية «ميشلين يوسف» مقيمة في كندا، قامت بابتكار شخصية افتراضية تحكي واقع الحرب على سورية، ومأساة الأطفال السوريين جراء الحرب على وطنهم الذي غادروه مرغمين تحت وطأة الخوف، ومع هذا لم يغادرهم وطنهم، فبقي عالقا في الذاكرة، كما تؤكد الشابة ميشلين من خلال الشخصية الافتراضية التي ابتكرتها وأطلقت عليها اسم «شام».
و«شام» طفلة صغيرة لم تغادر قريتها الصغيرة يوماً إلى أن هجرته بعد أن عايشت الحرب وأهوالها فاضطرت للنزوح عن بلدها مع أفراد أسرتها.
إن الغرض من هذه الوقفة مع النبأ ليس لمجرد التنويه به كحدث فني، بل كحدث يحكي معاناة أطفال سورية الذين حرموا من متعة الاستمتاع بطفولتهم، وحرموا من تحقيق أحلامهم، وبذلك تكون سورية حاضرة في كل الأمكنة والأزمنة، وقد تجسدت مشروعا وطنيا، إن صح التعبير، يحكي للعالم أهوال حرب شنت على بلد فحرمت أهله من أمنه وأمانه، وشتت العديد منهم في أرجاء المعمورة على حين لا يدري أحد متى يستعيد الوطن الأم ما حرم منه بسبب من الحرب.
وحكاية «شام» الطفلة الباحثة عن ذويها، بعد أن فقدتهم خلال سفرها، تقارب الواقع الذي عانى ويعاني منه السوريون على مدى ما يقارب سبع سنوات، ومن هنا تكتسب حكايتها بعدا وطنيا على قدر ما تكتسب بعدا فنيا، بأمل أن تكون ميشلين يوسف رمزا لمواطن غادر سورية لأسباب باتت معروفة ولكن سورية لم تغادره مهما طال زمن الفراق وبعد المسافات.
إن عملا كهذا، لا يقل شأنا عن رسالة تحمل الكثير من المعاني إذا هي لا مست مشاعر إنسان سأل نفسه لماذا يدفع الأطفال ثمن جريمة ارتكبت بحق وطنهم من دون ذنب ارتكبوه؟
إن الطفولة عمر التلقي، كما نعلم، ومن هنا خطورة ما يغرس في ذاكرتهم البصرية، ومن هنا أيضاً تكمن قيمة المناهج التربوية التي تنأى بهم عن الدخول أو البقاء في نفق الخوف واليأس والتردد وسوى ذلك من عوامل مشابهة. فهل نعي مسؤولياتنا كآباء في بيوتنا ومربين في مدارسنا؟ بأمل أن نسعى جاهدين لإعادة بناء عقول أطفالنا قبل أن تصاب بالصدأ.
وتحية للشابة العربية السورية، الشابة المَثل ميشلين يوسف وفريق العمل معها.