قضايا وآراء

إسرائيل وشويغو  ومحور المقاومة

| تحسين الحلبي 

لا أحد يشك أن تزايد قدرة قوى محور المقاومة الممتد من دمشق إلى طهران مع المقاومة اللبنانية شهراً تلو آخر وتحقيقه لانتصارات على مختلف التنظيمات الإرهابية، يخيف إسرائيل على مستويات متعددة ويهدد مصالحها التوسعية ودورها الإقليمي الذي تسعى إلى حشد الحلفاء من بعض الدول العربية حوله.
لكنها تواجه معضلة واضحة تحدث عنها عدد من ضباط القيادة العسكرية المتقاعدين وغير المتقاعدين، وهي أن «إسرائيل لم تستطع منع تزايد القدرة العسكرية لهذا التحالف بل هي لم تتمكن من إيقافه عند حدٍ معين بسبب تعاظم القدرة العسكرية الإيرانية وانتقال جزء منها إلى سورية وحزب الله».
ويرى نائب مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب إليوت أبرامس أن الجهود التي بذلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل تخفيض هذه القدرة، لم تفلح بل ازدادت منذ اجتماع نتنياهو ببوتين في عام 2016، أشكال الدعم الإيراني والروسي للجيش السوري أكثر فأكثر.
الصحف الإسرائيلية أشارت إلى هذا الدور الروسي والإيراني وخطره على إسرائيل عشية الزيارة المقررة لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو منذ فترة طويلة إلى إسرائيل أمس، فقد هللت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وعدد من المسؤولين في تل أبيب، للموقف الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن قوات الحرس الثوري الإيراني تعد «منظمة إرهابية» بنظر الإدارة الأميركية، وترافق هذا التصريح مع تصعيد التهديدات الأميركية لطهران في موضوع اتفاق «فيينا»، رغم أن التطرق للحرس الثوري الإيراني جاء بسبب دعمه ومشاركته للجيش العربي السوري وحلفائه في الحرب على مجموعات داعش الإرهابية، لكن هذا الاتهام لا يحمل أي معنى ولا يغير شيئاً، فحزب الله ترى فيه واشنطن منظمة إرهابية منذ سنوات كثيرة ومع ذلك لم يمنع هذا الاتهام أن يشارك إلى جانب الجيش السوري في الحرب على الإرهاب ويحظى بتأييد دول أوروبية تحارب مجموعات داعش.
لقد بذلت القيادتان الإسرائيلية والأميركية جهوداً مستميتة من أجل منع حزب الله من زيادة قدراته العسكرية منذ سنوات كثيرة من دون أي نجاح، لذلك ترى بعض الأبحاث في «مركز بيغين السادات للدراسات الإستراتيجية» أن محور دمشق طهران حزب الله، أصبح واقعاً لا يمكن إزاحته بالعمل العسكري الإسرائيلي المباشر، إلا إذا شاركت الولايات المتحدة بالحرب مباشرة ضد طهران، رغم أن حرباً كهذه، لن تكون في هذه الظروف من أولويات جدول العمل الأميركي، ويعتقد أهم المختصين في شؤون المنطقة وسورية في جامعة تل أبيب و«مركز موشيه دايان للدراسات» إيال زيسير أن ترامب لم يستطع فرض أي تغيير على السياسة الروسية تجاه سورية وإيران بل إنه تراجع لروسيا وجعلها أقوى مما سبق أمام أعين إسرائيل.
وأضاف زيسير في نشرة «جويش نيوز سيرفيس»: إن روسيا تعرف بأن إسرائيل قلقة جداً من زيادة قوة هذا المحور على الأرض السورية وفي إيران نفسها، وتعلن لإسرائيل بأن مشاركة إيران في الحرب على داعش شرعية ما دامت بموافقة سورية إيرانية مشتركة، وروسيا تحترم هذه الشرعية.
وأضاف زيسير: «موسكو وواشنطن لا تبرران المطالب الإسرائيلية بموضوع إيران ومشاركتها بالحرب على الإرهاب».
ويرى مدير المركز الإسرائيلي «مائير عميث للمخابرات والمعلومات عن الإرهاب» العقيد المتقاعد رؤبين إيرليخ أن «واشنطن أصبحت عاجزة عن تغيير منظومة العلاقات التي تدعمت بين دمشق وطهران وحزب الله وهذا ما يعرفه الجميع وتستند إليه روسيا».
ويضيف إيرليخ: إن روسيا «لن ترغب في خسارة إيران بسببنا، لكن روسيا إن شعرت أن وجود الإيرانيين قرب حدود الجولان قد يكلف ثمناً، فأنا أشك أيضاً بأن يشكلوا عاملاً يحول دون وجودهم هناك»، ولذلك يستنتج إيرليخ بأن «إسرائيل يتعين أن تعتمد على نفسها وليس على واشنطن أو موسكو»، وبالمقابل كان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أعلن في 24 آب الماضي أنه «يأمل أن يتمكن من حل مسألة القلق من خطر محور دمشق طهران عن طريق القنوات الدبلوماسية واستخدام الضغط الأميركي والدولي من أي اتجاه لكي لا تفكر إسرائيل بطريق آخر».
يبدو أن هذه اللغة التي يستخدمها الإسرائيليون تجاه طهران ودمشق والمقاومة اللبنانية تحمل استنتاجاً هو أن إسرائيل لم تعد تلك القوة الإقليمية القادرة على فرض سياساتها في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن